كم ميشيل سماحه في بلاد الشام؟.. بقلم: د. زياد أبوالهيجاء
انتقال عدد غير قليل , خلال العقود الثلاثة الماضية , من مواقع التعامل مع اسرائيل ومن صفوف "الممانعة" لمشروع النظام السوري في لبنان. الى خندق النظام والعمل في خدمته , تحت يافطات شتى , أبرزها المقاومة والعروبة ومايتفرع عنهما من شعارات ذات طابع عروبي وفلسطيني ومناوىء للولايات المتحدة واسرائيل , لم يكن , هذا الانتقال , دليلا على القدرات السحرية للعقيدة البعثية وللمواقف الظاهرية للنظام الأسدي , بل نتيجة لقدرات أجهزة أمن النظام السوري وامتلاكها سلاحي الترغيب والترهيب , وهي ليست قدرة استثنائية , بل هي قدرة تتمتع بها جميع الأجهزة الأمنية في الأنظمة الشمولية.
الفضيحة الكارثية , لظاهرة ميشيل سماحة , الوزير اللبناني عدة مرات , والمدافع الفصيح عن نظام بشار الأسد , والذي ظهر دائما على شاشات الفضائيات كرجل عقائدي , ينطلق في مواقفه من حرص مزعوم على استقرار لبنان وعلى المقاومة وعلى العروبة , ثم لايتورع عن القيام بمهمات يعهد بها عادة لارهابيين محترفين , هذه الفضيحة , تضع في دائرة الشك , بمبررات كاملة , كل من يؤيد نظام الأسد, خاصة من رجال السياسة والثقافة والاعلام , فحسن النية يمكن افتراضه فقط لدى بعض البسطاء المخدوعين بمقاومة حزب الله وبشعارات الممانعة السورية المناقضة تماما لممارسات النظام.
ثم أنه وبعد كل هذا الزمن من الدم والقمع والقتل وفضائح النظام . لم يعد مقبولا , التعامل مع أطروحات مؤيدي النظام السوري كمجرد وجهات نظر جديرة بالمناقشة أو بحد أدنى من الاحترام , فمن يضمن أن بوقا دعائيا يصرخ عبر الفضائيات دفاعا عن النظام في دمشق , لن يتوره على حمل الموت في حقيبته..لأن " بشار بده هيك "...حسب ماسرب على لسان الوزير الارهابي سماحه في شريط مسجل...
وحسنا فعل الذين سربوا بعض التحقيق , فقد كان ذلك ضروريا للجم البلاغة الثرية بمصطلحات الشرف والكرامة والمجد والتي كانت جاهزة للتشويش على الحقيقة في دفاع غير مشرف عن رجل ليس في تاريخه مايشرف...فقد كان خلال الحرب الأهلية اللبنانية واحدا من المحرضين على قتل الفلسطينيين واللبنانيين ومن الداعين للتحالف مع اسرائيل , قبل أن يقلبه الخوف والمال الى مناضل قومي في جعبة المخابرات السورية.
في لبنان , الميدان التاريخي المفضل , للاعبي الرئاسة السورية وذراعها الأمني , ببصماته المميتة , لابد أن هناك أكثر من ميشيل سماحه , ميشيلات...جاهزون لتنفيذ " ابداعات" جديدة للمتمرسين بالقتل والتدمير في سوريا ...فنظام دمشق لن يتوقف عن محاولاته المستميتة لتصدير النار التي تحرقه الى لبنان , فهذا البلد النازف هو المرشح النموذجي للفتن الطائفية والحروب الأهلية , نظام يحتضر ويسعى لخلط الأوراق وقلب الموائد , يبحث عن نجاة مستحيلة يراها في كسر المعادلات الأقليمية والدولية التي ولدتها ثورة الشعب السوري , ولاشك أيضا أن عيونه اتجهت مبكرا الى غير لبنان , فثمة امكانيات للعبث أيضا في الأردن وفي فلسطين...أما العراق فهو في قبضة نظام تجمعه مع نظام الأسد مظلة ايران , فهو مستثنى من الألعاب الدموية المدمرة لأجهزة المخابرات السورية . واسرائيل مستثناة بالطبع , فهي لم تكن يوما جزء من مشروع الهيمنة الأسدية على سوريا الكبرى.
السؤال الأمني . بعد القاء القبض على الكارثة التي كانت حتمية الوقوع لو وصلت المتفجرات ونفذ المخطط , هو : كم ميشيل سماحه في بلاد الشام؟