لاجئون - محمود ابو الهيجاء
ظل الفلسطينيون وحدهم من تطاردهم كلمة «لاجئ» وعلى نحو المهانة والذل، والشتيمة احيانا، ولسنوات طويلة بعد النكبة، وحتى بعد ان فجر الفلسطينيون ثورتهم المسلحة وابرزوا كلمة « فدائي» نقيضا لكلمة لاجئ، ظلت هذه الكلمة الكريهة تدور في بلدان الشتات والمنافي، كهوية فلسطينية فحسب، حتى سقوط بغداد، ليصبح هناك لاجئون عراقيون يقال ان عددهم اليوم يفوق الاربعة ملايين، وبعد ذلك واثر اندلاع «فوضى الربيع العربي الخلاقة» بات هناك اليوم لاجئون سوريون ورأينا على شاشات التلفزة، كيف توزع عليهم اطعمة الحسنات وخيامها كما وزعت وكالة غوث اللاجئين هذه الأطعمة والخيام على اللاجئين الفلسطينيين في تلك الأيام القاحلة التي تلت النكبة ولسنوات طالت واستطالت، ولأن رياح الفوضى الخلاقة لم تتوقف بعد، فإن احتمالات تزايد عدد اللاجئين العرب ومن بلدان مختلفة، تظل هي الاحتمالات الاقوى والاقرب للتحقق، لطالما ان حروب النظام في الدفاع عن حاله ووجوده، اكثر اهمية وشرعية وضرورة من الحرب ضد اسرائيل، التي وضعت بالعنف والاحتلال، كلمة لاجئ في قاموس السياسة المعاصر، وهي التي حرضت ان تكون الكلمة، مهينة ومذلة.
ولأنه وبعد سقوط نظرية الأمن القومي، بسلوكها وسياساتها وانظمتها، فإن المنطقة برمتها باتت منطقة لاجئة، تنتظر حسنات الولايات المتحدة وهيئة الامم، لتحسن شروط العيش السياسي اللاجئ، لا اكثر ولا أقل، ولسنا نبالغ، لأن خيمة الولايات المتحدة، هي الخيمة الوحيدة المطلوبة اليوم لتحسين شروط ذلك العيش الذي يوغل في اللجوء، مع كل تغيير ربيعي في المنطقة.
يمكننا تفصيل هذه الحقيقة بأمثلة لم تعد مخفية، وبوسعنا ان نقول ان الرضا الاميركي عن التغيير الذي حدث في مصر، ليس غير تلك الخيمة المطلوبة لتحسين شروط العيش السياسي اللاجئ.
ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ولا حول ولاقوة الا بالله العظيم.