سيناريو انقلاب الاخوان- عادل عبد الرحمن
نجح الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية المصرية في توجيه ضربة قاضية للمجلس العسكري الاعلي، من خلال عملية عزل للمشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس ووزير الدفاع، والفريق سامي عنان، رئيس الاركان وآخرين من مناصبهم، واحلتهم على التقاعد، ووضع بدائل لهم من المؤسسة العسكرية.
واستكمالا للانقلاب "الابيض" ، الذي قاده مرسي مباشرة ومن خلفه جماعة الاخوان المسلمين، اصدر مرسوما بالغاء الاعلان الدستوري المكمل، الذي على اساسه ادى (مرسي) يمين القسم امام المحكمة الدستورية، بعد ان حَّلت (الدستورية) مجلس الشعب.
مما لاشك فيه، ان الرئيس المصري وقيادته الخلفية في مكتب الارشاد في المقطم، إستغلوا العملية الجبانة ضد الضباط والجنود في رفح المصرية – موقع الماسورة نهاية الاسبوع الماضي، الذي اودى بحياة ستة عشر شهيدا منهم على ايدي جماعات التكفير الارهابية، لتوجيه ضربتهم القاضية للشريك في السلطة، المجلس العسكري اولا من خلال موافقة المجلس على مراسيم الرئيس باقالة رئيس جهاز المخابرات العامة، مراد موافي، ورئيس الحرس الجمهوري، ورئيس الشرطة العسكرية. الامر الذي كشف للرئيس مرسي وجماعته نقاط ضعف في بنية المجلس العسكري. كما ان الجماعة قامت على مدار الفترة القصيرة الماضية بفتح حوارات مع العديد من اعضاء المجلس العسكري، وقامت بتقديم الرشوة والاستقطاب للبعض منهم، ومن لم تتمكن الرئاسة من استقطابه او استمالته ، تم إقالته، وتحويله للتقاعد إسوة بالمشير والفريق. ومن راقب القرارات لاحظ جيدا احتلال بعض اعضاء المجلس مواقع قيادية ، والبعض الآخر عُّزل.
واتضح للرئيس مرسي، ان المجلس العسكري يعاني من تناقضات بين اعضائه، ولم يعد على قلب رجل واحد. كما ان ادارة المجلس العسكري للصراع مع الرئيس الاخواني ، شابها الكثير من النواقص والارباكات، وحتى انهم تواطؤوا مع الاخوان، عندما ارتضوا ازاحة الفريق شفيق من موقع الرئاسة لصالح مرسي المهزوم، وحتى في اعقاب العملية الارهابية ضد الجيش المصري في شمال سيناء لم يجيدوا ادارة الصراع الخفي مع الرئيس وجماعته – الاخوان المسلمين- .
ايضا تبين للرئيس مرسي وجماعة الاخوان، من خلال تغيير رؤوساء الصحف القومية باشخاص من اعضاء الاخوان المسلمين او الموالين لهم، او من ارتضى بيع نفسه ليحصل على جائزة ترضية باستلامه موقع في رئاسة الصحف والمنابر الاعلامية، تبين لهم ضعف وبهتان ردة الفعل على القرارات، التي اتخذتها اللجنة المختصة في مجلس الشورى. باستثناء العاملون في حقل الاعلامن الذين عبروا عن سخطهم ورفضهم للقرارات، حتى خرجت الزوايا الخاصة بكتاب الاعمدة بيضاء، دليل الاحتجاج على عملية التهطير الاخوانية للمنابر الاعلامية من الاعلاميين الوطنيين والقوميين والليبراليين.
استنتج الاخوان والرئيس مرسي، مرسي اقتصار ردة الفعل على تغيير رؤساء تحرير الصحف القومية على الاعلاميين ذاتهم، بنجاح معركتهم في تطهير المؤسسات من قوى المعارضة، لانهم نجحوا في تحييد قوى الثورة من اتخاذ مواقف مشتركة ضد اي اجراء يطال عمليات التطهير الاخوانية.
والشيء بالشيء يذكر، من خلال تفكيك وتقطيع اوصال المجلس العسكري، والغاء حضوره الرسمي، تمكن مرسي بتوجيه ضربة مميتة للاعلان الدستوري المكمل. وهذا تعدي واضح على القضاء والقانون. ويؤكد على ان مرسي وقيادته الاخوانية ، ماضون في انقلابهم التدريجي للانقضاض على كل مكونات النظام السياسي والدولة المصرية.
ولم تأتِ الخطوة الانقلابية لمرسي فقط من خلال ما حصل في الداخل المصري، بل نتيجة تضافر العوامل الداخلية والخارجية لتساهم في النقلة النوعية للاطباق على المجلس العسكري ، وازاحته من الطريق كليا وليس فقط كسيحا. ومن العوامل الموضوعية ، التي ساهمت في الخطوة الاخوانية، اولا زيارة امير قطر السريعة عشية الانقلاب، الذي نقل رسالة واضحة للرئيس بالبطش بالعسكر، وقدم الدعم لمصر بوضع ملياري دولار اميركي وديعة لدعم الاحتياط النقدي المصري، وبالتالي دعم الاقتصاد . وثانيا التسهيلات، التي قدمتها اسرائيل بايعاز من الولايات المتحدة في سيناء من خلال السماح لنشر قوات مدرعة واستخدام الطيران الحربي لاول مرة منذ حرب اكتوبر 1973، وذلك لتحقيق انجازات لصالح مرسي. ومن سمع كلمة الرئيس اول امس في الازهر، يصل للاستنتاج السابق، حينما قال، انا شخصيا من يقود المعركة والمواجهة مع الجماعات الارهابية. وثالثا لم يكن للخطوة الرئاسية المصرية ان تتم دون مباركة الادارة الاميركية. ولمن لا يعلم او يعتقد ، ان القيادة الاميركية فوجئت بالخطوة الانقلابية، فان مرسي لا يمكن ان يجرؤ على مثل هكذا خطوة دون الحصول على الضوء الاخضر الاميركي. لان الولايات المتحدة منذ الاتفاق مع جماعة الاخوان المسلمين في تركيا في 27 ايار مايو 2011 رفعت الغطاء عن اركان النظام السابق. ومواصلة المجلس العسكري في لعب دور اساسي في المرحلة الانتقالية، التي مازالت مستمرة، انما كانت لاسباب تكتيكيةن وللقيام بالدور والمهمة، المطلوب تحقيقها كخطوة ممهدة لوصول رجل الاخوان لمركز القرار الاول.
حققت الخطوة الانقلابية المرسية جملة من الاهداف، منها : اولا اسقاط ازدواجية السلطة باقصاء العسكر؛ وثانيا ترسيخ الديكتاتورية، من خلال وضع كل السلطات في يد الرئيس مرسي مع شطب الاعلان الدستوري المكمل كمقدمة لاقصاء القضاء كليا؛ ثالثا اخونة مؤسسات الدولة تدريجيا؛ رابعا تعميق التعاون مع اميركي واسرائيل وطبعا قطر مركز الاخوان المسلمين؛وخامسا ضرب القوى المعارضة المختلفة خطوة خطوة ؛ سادسا التمهيد للانتخابات التشريعية القادمة لاستعادة الدور الرئيسي في مجلس الشعب؛ سابعا تكميم الافواه والحؤول دون توجيه اي انتقاد للرئيس مرسي من خلال استخدام سلاح الاغلاق كما حصل مع قناة "الفراعين" او صحيفة الدستور بالامس والاعتقال للاعلاميين وغيرها من الاجراءات والانتهاكات المريعة لحقوق الانسان.
التغول الاخواني في مصر بات سيد الموقف، والانقلاب امسى حقيقة في الساحة السياسية والعسكرية، والقوى المعارضة من مختلف الوان الطيف السياسي والثقافي – الفني والاعلامي والعسكري – الامني ، مازالت تتأرجح ومربكة وغير موحدة. ويبدو انها ستؤكل لقمة لقمة لغياب الرؤية البرنامجية واليات وادوات المواجهة. الامر الذي يذكر المرء بما جرى في الانقلاب الحمساوي ضد الشرعية في قطاع غزة ، وما تلاه وحتى الان، رغم الاختلاف في طرق الانقلاب، غير ان النتيجة واحدة. لان الاخوان في فلسطين ومصر، تمكنوا من خصي المعارضة، واداروا معاركهم بقوة وبراعة ، مما اربك خصومهم، واضعفهم، وجعلهم يدورون في دوامة سياساتهم، وفي محيط افعالهم.
مع ذلك المعركة لم تنتهي ، ومازالت متواصلة، واذا ما تدبر الوطنيون والقوميون والليبراليون امورهم، واعادوا النظر في مواقفهم والياات عملهم، يمكن لهم درء الاخطار القادم ليس فقط في مصر وفلسطين، انما في ربوع الوطن العربي.
a.a.alrhman@gmail.com
واستكمالا للانقلاب "الابيض" ، الذي قاده مرسي مباشرة ومن خلفه جماعة الاخوان المسلمين، اصدر مرسوما بالغاء الاعلان الدستوري المكمل، الذي على اساسه ادى (مرسي) يمين القسم امام المحكمة الدستورية، بعد ان حَّلت (الدستورية) مجلس الشعب.
مما لاشك فيه، ان الرئيس المصري وقيادته الخلفية في مكتب الارشاد في المقطم، إستغلوا العملية الجبانة ضد الضباط والجنود في رفح المصرية – موقع الماسورة نهاية الاسبوع الماضي، الذي اودى بحياة ستة عشر شهيدا منهم على ايدي جماعات التكفير الارهابية، لتوجيه ضربتهم القاضية للشريك في السلطة، المجلس العسكري اولا من خلال موافقة المجلس على مراسيم الرئيس باقالة رئيس جهاز المخابرات العامة، مراد موافي، ورئيس الحرس الجمهوري، ورئيس الشرطة العسكرية. الامر الذي كشف للرئيس مرسي وجماعته نقاط ضعف في بنية المجلس العسكري. كما ان الجماعة قامت على مدار الفترة القصيرة الماضية بفتح حوارات مع العديد من اعضاء المجلس العسكري، وقامت بتقديم الرشوة والاستقطاب للبعض منهم، ومن لم تتمكن الرئاسة من استقطابه او استمالته ، تم إقالته، وتحويله للتقاعد إسوة بالمشير والفريق. ومن راقب القرارات لاحظ جيدا احتلال بعض اعضاء المجلس مواقع قيادية ، والبعض الآخر عُّزل.
واتضح للرئيس مرسي، ان المجلس العسكري يعاني من تناقضات بين اعضائه، ولم يعد على قلب رجل واحد. كما ان ادارة المجلس العسكري للصراع مع الرئيس الاخواني ، شابها الكثير من النواقص والارباكات، وحتى انهم تواطؤوا مع الاخوان، عندما ارتضوا ازاحة الفريق شفيق من موقع الرئاسة لصالح مرسي المهزوم، وحتى في اعقاب العملية الارهابية ضد الجيش المصري في شمال سيناء لم يجيدوا ادارة الصراع الخفي مع الرئيس وجماعته – الاخوان المسلمين- .
ايضا تبين للرئيس مرسي وجماعة الاخوان، من خلال تغيير رؤوساء الصحف القومية باشخاص من اعضاء الاخوان المسلمين او الموالين لهم، او من ارتضى بيع نفسه ليحصل على جائزة ترضية باستلامه موقع في رئاسة الصحف والمنابر الاعلامية، تبين لهم ضعف وبهتان ردة الفعل على القرارات، التي اتخذتها اللجنة المختصة في مجلس الشورى. باستثناء العاملون في حقل الاعلامن الذين عبروا عن سخطهم ورفضهم للقرارات، حتى خرجت الزوايا الخاصة بكتاب الاعمدة بيضاء، دليل الاحتجاج على عملية التهطير الاخوانية للمنابر الاعلامية من الاعلاميين الوطنيين والقوميين والليبراليين.
استنتج الاخوان والرئيس مرسي، مرسي اقتصار ردة الفعل على تغيير رؤساء تحرير الصحف القومية على الاعلاميين ذاتهم، بنجاح معركتهم في تطهير المؤسسات من قوى المعارضة، لانهم نجحوا في تحييد قوى الثورة من اتخاذ مواقف مشتركة ضد اي اجراء يطال عمليات التطهير الاخوانية.
والشيء بالشيء يذكر، من خلال تفكيك وتقطيع اوصال المجلس العسكري، والغاء حضوره الرسمي، تمكن مرسي بتوجيه ضربة مميتة للاعلان الدستوري المكمل. وهذا تعدي واضح على القضاء والقانون. ويؤكد على ان مرسي وقيادته الاخوانية ، ماضون في انقلابهم التدريجي للانقضاض على كل مكونات النظام السياسي والدولة المصرية.
ولم تأتِ الخطوة الانقلابية لمرسي فقط من خلال ما حصل في الداخل المصري، بل نتيجة تضافر العوامل الداخلية والخارجية لتساهم في النقلة النوعية للاطباق على المجلس العسكري ، وازاحته من الطريق كليا وليس فقط كسيحا. ومن العوامل الموضوعية ، التي ساهمت في الخطوة الاخوانية، اولا زيارة امير قطر السريعة عشية الانقلاب، الذي نقل رسالة واضحة للرئيس بالبطش بالعسكر، وقدم الدعم لمصر بوضع ملياري دولار اميركي وديعة لدعم الاحتياط النقدي المصري، وبالتالي دعم الاقتصاد . وثانيا التسهيلات، التي قدمتها اسرائيل بايعاز من الولايات المتحدة في سيناء من خلال السماح لنشر قوات مدرعة واستخدام الطيران الحربي لاول مرة منذ حرب اكتوبر 1973، وذلك لتحقيق انجازات لصالح مرسي. ومن سمع كلمة الرئيس اول امس في الازهر، يصل للاستنتاج السابق، حينما قال، انا شخصيا من يقود المعركة والمواجهة مع الجماعات الارهابية. وثالثا لم يكن للخطوة الرئاسية المصرية ان تتم دون مباركة الادارة الاميركية. ولمن لا يعلم او يعتقد ، ان القيادة الاميركية فوجئت بالخطوة الانقلابية، فان مرسي لا يمكن ان يجرؤ على مثل هكذا خطوة دون الحصول على الضوء الاخضر الاميركي. لان الولايات المتحدة منذ الاتفاق مع جماعة الاخوان المسلمين في تركيا في 27 ايار مايو 2011 رفعت الغطاء عن اركان النظام السابق. ومواصلة المجلس العسكري في لعب دور اساسي في المرحلة الانتقالية، التي مازالت مستمرة، انما كانت لاسباب تكتيكيةن وللقيام بالدور والمهمة، المطلوب تحقيقها كخطوة ممهدة لوصول رجل الاخوان لمركز القرار الاول.
حققت الخطوة الانقلابية المرسية جملة من الاهداف، منها : اولا اسقاط ازدواجية السلطة باقصاء العسكر؛ وثانيا ترسيخ الديكتاتورية، من خلال وضع كل السلطات في يد الرئيس مرسي مع شطب الاعلان الدستوري المكمل كمقدمة لاقصاء القضاء كليا؛ ثالثا اخونة مؤسسات الدولة تدريجيا؛ رابعا تعميق التعاون مع اميركي واسرائيل وطبعا قطر مركز الاخوان المسلمين؛وخامسا ضرب القوى المعارضة المختلفة خطوة خطوة ؛ سادسا التمهيد للانتخابات التشريعية القادمة لاستعادة الدور الرئيسي في مجلس الشعب؛ سابعا تكميم الافواه والحؤول دون توجيه اي انتقاد للرئيس مرسي من خلال استخدام سلاح الاغلاق كما حصل مع قناة "الفراعين" او صحيفة الدستور بالامس والاعتقال للاعلاميين وغيرها من الاجراءات والانتهاكات المريعة لحقوق الانسان.
التغول الاخواني في مصر بات سيد الموقف، والانقلاب امسى حقيقة في الساحة السياسية والعسكرية، والقوى المعارضة من مختلف الوان الطيف السياسي والثقافي – الفني والاعلامي والعسكري – الامني ، مازالت تتأرجح ومربكة وغير موحدة. ويبدو انها ستؤكل لقمة لقمة لغياب الرؤية البرنامجية واليات وادوات المواجهة. الامر الذي يذكر المرء بما جرى في الانقلاب الحمساوي ضد الشرعية في قطاع غزة ، وما تلاه وحتى الان، رغم الاختلاف في طرق الانقلاب، غير ان النتيجة واحدة. لان الاخوان في فلسطين ومصر، تمكنوا من خصي المعارضة، واداروا معاركهم بقوة وبراعة ، مما اربك خصومهم، واضعفهم، وجعلهم يدورون في دوامة سياساتهم، وفي محيط افعالهم.
مع ذلك المعركة لم تنتهي ، ومازالت متواصلة، واذا ما تدبر الوطنيون والقوميون والليبراليون امورهم، واعادوا النظر في مواقفهم والياات عملهم، يمكن لهم درء الاخطار القادم ليس فقط في مصر وفلسطين، انما في ربوع الوطن العربي.
a.a.alrhman@gmail.com