تزوير التاريخ - ابراهيم حسن*
( إن تصريحات الزهار الأخيرة إنما هي حلقة من سلسلة محاولات الأخوان المسلمين لتبرير اعتزالهم القضية الفلسطينية لعلهم يتمكنون حقاً من تزوير التاريخ )
قد يظن البعض أن هذه المقاله انما هي رد على التصريحات الأخيره للزهار لكنها ليست كذلك، في الواقع تصريحات الزهار كانت الشراره الاخيره التي دفعتني لهذه الكتابه، لا اقصد الرد عليه،فقط أو انه هو من دفعني لهذه الكتابه فالقصه طويله جدا، قد تعود بذورها بالنسبه لي الى العام (1998) عندما اصدر الاخوان المسلمون في الاردن كتابا بعنوان ( القضية الفلسطينية في نصف قرن ) ، الكتاب انتشر انتشارا كثيرا ،لكن الكثير من القيادة الآخوانيه يرفضون النقاش بمحتوى ذلك الكتاب الذي هو في الواقع تحريف لتاريخ النضال الفلسطيني بكلا الاتجاهين.
الاتجاه الاول : ذكر احداث غير حقيقية لم تحصل أو تضخيم أحداث هامشيه ومحورة الوقائع التاريخيه حولها، وذلك من خلال اختلاق قصص ووقائع نضاليه تم نسبها بالكتاب الى الاخوان المسلمين، وهو ما لم يذكر في أي مرجع تاريخي ولا حتى يقره المناضلون القدامى الذين شهدو الثورة الفلسطينية من بدايتها
اما الاتجاه الثاني فهو أخفاء حقائق تاريخية أو التقليل من أهمية أحداث تاريخية وتهميشها بطريقة واضحة لأي قارئ لديه الحد الأدنه من الاطلاع كما يقال فان اخفاء الحقائق اكثر خيبة للأمل من الكذب البواح فمثلاً ، عندما نقرأ تاريخ القضية الفلسطينية في ذلك الكتاب فأننا لا نقرأ عن حركة فتح سوى صفحات خمس أكثر من نصفها محاولة اقناع القارئ بأن الإخوان المسلمين هم من أطلقوها بقرار اخواني ثم حين قرر الاخوان اعلان التوجه الحقيقي للحركة فأن قادتها ( فتح ) تمردوا على حركتهم الأم وانشقوا بالحركة عن الاخوان .
في الكتاب ايضا لا يتم الحديث عن الجبهة الشعبية بل ان الحديث عنها يقتصر على فقرة بسيطة لا تتجاوز ربع صفحة في كتاب تقترب صفحاته من الستمئة .
فلتتخيل اذا ، كتاب يتحدث عن القضية الفلسطينية منذ عام 1948 الى العام العام 1998 لا يورد عن النكبة الا فصيلة الاخوان المزعومة التي ارسلها حسن البنا والتي لم اجد مصدراً تاريخياً يذكرها
يورد في صفحاته معركة الكرامة بإيجاز سريع جداً ولا يتحدث عن هذه المعركة التي تعتبر مفصلاً مهماً في تاريخ النضال الفلسطيني إلا عن دور الجيش الأردني ، يتحدث عن النضال في نهاية الستينات والسبعينات والثمانينيات في حوالي خمسة صفحات
أن حديثي عن هذا الكتاب( الذي هو بالمناسبه تأليف مجموعه من الكّتاب والباحثين الاخوان) لبس نقدا له ، ولا هو محاولة للحديث عن عمل قامت به جماعة ألاخوان المسلمين انما حديثي هو عرض لنموذج واحد من نماذج تزوير التاريخ الذي يتمارسه الاخوان المسلمون في القديم والحديث
وهذا حديث طويل بدأ منذ ابتدأ النضال الوطني الفلسطيني ، عندها كان الاخوان المسلمون ينشرون الشائعات بين الناس بأن اولائك المناضلين مجموعات من السكرة والعربيدين وانهم يقتلون وهم يسبون الذات الآلهية عداك عن نشر الشائعات فيما بعد ان القادة الفلسطينيين من امثال ابي اياد وابا عمار انما هم ابناء يهوديات اضافة الى مسلسل عملاق من الاشاعات والأكاذيب مما يمكن ان ينطلي على العامة ، بنفس السيناريو الذي طرحه فرعون ضد نبي الله موسى وأخيه هارون ، (إن هذان لساحران يريدان أن يخرجوكم من أرضكم بسحرهما ) طه 63 .
وحيث تواجد الفلسطينيون فقد كان اثر تلك الحملات الاعلامية محدوداً الا في الاردن لعدة اسباب أهمها غياب التواجد الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية والفصائل العاملة على الأرض بسبب عدم تقبل الأردن لهذا التواجد وبالتالي صار المناخ ملائما للأخوان المسلمين الذين يعملون على ارض الأردن بحرية دون وجود جهة تخوله بإبطال هذه الإشاعات والأكاذيب .
وطول فترة اعتزالهم فقد كانت حجتهم هي شعارهم الذي رفعوا بأنهم يعدون ، بمعنى أننا عندما نرى ونسمع أبا زهري أو الزهار مثلاً فأننا نشاهد ونسمع تجليات أربعين عاما من الاعداد .
بالتالي فإن الكثيرين من جهابذة السياسة يخطؤون عندا يلومون حماس على تصرفاتها وتصريحات قادتها فأولئك الجهابذة حديثو عهد بالسياسة ولم يتم اعدادهم كما تم اعداد قادة حماس .
ولكن ومع ذلك أعتذر للقارئ الكريم إذ سأوجه انتقاد لتصريح الزهار الأخير رغم اني لست حتى من الجهابذة الذين يتواضعون أمام الزهار
حيث أن النكبة واللجوء كانت جريمة تعددت اطراف منفذيها ولم يسلم من اللوم عليها أحد وحين كان معلموك يا زهار وقادتك الذين قاموا بإعدادك لتطل علينا دائما بطلاتك البهية !!
التي لا تخلو أبداً من تصريحات العهر السياسي ، عندما كانوا يعتلون المنابر ليكونوا فرسان الخطابات وتوجيه الاكاذيب والشائعات كانت الثورة الفلسطينية توصل صوتها على منابر البنادق .
كل تلك الانجازات وذلك التاريخ الطويل من النضال والثورة التي وقف لها العالم اجلالاً وإكباراً تأتي يا زهار لتسخفه وتقلل من قدره ، فبدلاً من خوض التاريخ الذي وقفتم منه موقف المحايد يا زهار ، اذهب وراجع حساباتك إذهب وفتش كيف يمكن أن تبرر تعطيلكم لمصالحة الوطنية ، اذهب وفتش كيف يمكن أن تبرر موقفكم من الأزمة في سوريا وأبحث جيداً عن تبريرات تظهرها للشعب الفلسطيني عندما يضيق ذرعاً بكم ويسألكم لماذا إنقلبتم في غزة ، وعن سفككم لدماء السلفيين في بيوت الله .
بل ، لا تفعل أي شيء من ذلك، بل أعد الجيل القادم ليفعل ذلك عنك أما أنت فأذهب وجهز الحلوى احتفالاً بنجاح الإخوان المسلمين في إنتخابات البلدية في كولامبور
الإنتقاد انتهى ...
أما أنت ايها القارئ الكريم ، فأعلم أن تصريحات الزهار الأخيرة إنما هي حلقة من سلسلة محاولات الأخوان المسلمين لتبرير اعتزالهم القضية الفلسطينية لعلهم يتمكنون حقاً من تزوير التاريخ
*الشبيبة الطلابية- الاردن