تعديل وزاري جديد في غزة أم ترسيخ للانقسام- ناصر البلوي
أنهي السيد إسماعيل هنية رئيس وزراء الحكومة المقالة في غزة مشاوراته لإجراء تعديل وزراي على حكومته المقالة، وجاء في تصريح صادر عن مكتب هنية أنه من المتوقع أن يتم عرض الحكومة الجديدة على المجلس التشريعي لنيل الثقة وذلك وفقا للقانون. كمواطن فلسطيني لا أهتم كثيراً بتبديل الوزارات وتعيين وزراء جدد، ولا حتى تعنيني الوزارة بأكملها، لكن ما يعنيني هو هذا التناقض الصارخ بين ما نسمعه من تصريحات وتأكيدات من قبل المسؤولين الفلسطينيين، حول ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني والتأكيدات المستمرة حول جديتهم في هذا الأمر، وسعيهم الحثيث نحو تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، وهم في حقيقة الأمر من صنع الانقسام ورسخه، من خلال اتخاذ إجراءات أحادية الجانب، ترسل رسائل للمواطن مفادها أن الانقسام بات حقيقة واقعة، وأن أمر إنهائه مسألة مؤجلة إلى أمد بعيد، وعلى المواطنين أن يتعايشوا معه. رزقنا الله بمسؤلين يجيدون فن الكذب علينا، ويجيدون قتل أحلام الفلسطينيين وتدمير مقوماتهم، ونهب خيرات وطنهم، خبراء في التجارة والسمسرة والاستفادة من حالة الانقسام التي صنعوها ورسخوها. وأنا أقرا خبر التعديل الوزاري الحمساوي، جالت في خاطري مجموعة من الملاحظات، أرغب في وضعها أمام القارئ الكريم. أولا: تهدف الحكومات عادة من خلال إجراء مثل تلك التعديلات إلى تغيير وتبديل في سياساتها، لتصبح أكثر نجاعة وفعالية في خدمة المواطن وتحقيق أهدافه، وليس فقط تغيير أسماء بهدف إثبات الذات والقول نحن هنا. فما هي السياسة الجديدة التي ستتبعها حكومة السيد هنية المعدلة، وما هي السياسات القديمة التي سيتم تعديلها، والتي استوجبت إجراء تغييرات في الحقائب الوزارية. بنظري لا شيء، لأن هذا ليس التعديل الأول الذي يجريه هنية على حكومته، ولم تؤدي التغييرات السابقة إلى تغيير في سياسة تلك الحكومة، وذلك مرده أن سياسة الحكومة ومواقفها يتم طبخها في المطبخ الحمساوي، وتحال إلى الحكومة لتنفيذها، وما الوزراء القدامى و" المعدّلِين" إلا مجموعة من البصِّيمة و " الطراطير" الذين لا يقررون إلا في توافه الأمور، ومثلهم بطبيعة الحال أعضاء الكتلة البرلمانية الحمساوية، الذين تناط بهم مهمة المصادقة والإقرار على التعديلات الوزارية الحمساوية الجديدة. يعني المسالة باختصار -طرطور راح وطرطور أجى-. ثانيا: من يرغب في إنهاء الانقسام عليه أن يثبت ذلك عملاً لا قولاً، وألا يتخذ إجراءات أحادية الجانب توحي أننا نسير نحو ترسيخ الانقسام، كتشكيل حكومات جديدة أو إجراء تعديلات عليها، والتمسك بالمؤسسات الديكورية المنتهية الصلاحية، لإضفاء شرعية كاذبة على تلك الإجراءات. ثالثا: يقول التصريح الحكومي الصادر عن مكتب هنية أن التعديلات الجديدة ستعرض على المجلس التشريعي لإقرارها، وأتساءل هنا أي مجلس تشريعي يقصدون؟ هل سيجتمع أعضاء كتلة حماس البرلمانية في غزة ويوافقون على التعديل الجديد؟ هل هذا هو المقصود، وهل هذه خطوة قانونية ودستورية كما أفاد التصريح سالف الذكر؟ ما نعمله نحن المواطنين أن المجلس التشريعي انتهت مدته، وهو الآن مجلس غير شرعي لانتهاء ولايته في العام 2010، فأين القانونية والدستورية التي يتكلم عنها التصريح الحكومي؟. هذا فضلاً عن أن رئيس الحكومة إسماعيل هنية نفسه رئيس حكومة غير شرعي، وقراراته غير شرعية، لأنه أولاً مُقال من قبل الرئيس بموجب القانون الذي منح الرئيس صلاحية التكليف والإقالة لرئيس الوزراء، ولأنه ثانيا يستند إلى مجلس تشريعي غير قانوني، لانتهاء ولايته القانونية، وهذا ما يجعل كل قرارات الحكومة الحمساوية غير شرعية، ومن حق المتضررين منها أن يُقاضوا هنية ووزراءه. رابعا: لا أرى في هذه الخطوة غير الاستهبال والإستعباط على الشعب الفلسطيني، وهي خطوة هدفها تكريس الانقسام، وترسيخ حالة الفصل السياسي بين جناحي الوطن، وإمعاناً غير مبرر في تجاوز القانون، لإطالة أمد المعاناة لشعبنا، واستكمالاً لنهج السمسرة والتجارة وسياسة حلب المواطن، تحت مسميات المقاومة والصمود وغيرها. خامساً: لابد من تحرك شعبي فلسطيني ضاغط على هذه القيادات، لإجبارها للرضوخ للمطالب الشعبية الهادفة إلى إنهاء الانقسام، وإحقاق الوحدة الوطنية الفلسطينية، ومحاسبة المتجاوزين في الفترة المنصرمة عن كل جرم ارتكبوه، لأن هذه القيادات الفئوية والحريصة على مصالحها لن ترضخ لمطالب الناس بمحض إرادتها، وعليها أن تشعر بالخطر الحقيقي، وأن سيطرتها المنفردة على مقاليد الأمور ستؤدي إلى حالة رفض شعبي حاسمة تفضي بهم إلى النهاية التي يستحقها كل من يعبث بمصالح شعبنا وقضيته. نحتاج إلى ربيع فلسطيني شعبي يطيح بالانقسام ورموزه، ويؤسس لحالة سياسية جديدة في فلسطين، تقوم على التداول السلمي للسلطة، واحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان، التي يسهل على هؤلاء الرموز أن تدوس عليها بكل سهولة ويسر، لأنه من العيب والعار ونحن لازلنا تحت الاحتلال ونعاني الحصار أن نعانى أيضا من الانقسام وتوابعه، لتستفيد مجموعة من المستثمرين منه، وتكدس الأموال وتحظى بالامتيازات على حساب معاناتنا وجوعنا وفقرنا.