عصر البلطجية.. ليبرمان نموذجا- فؤاد أبو حجلة
من عاش في اوروبا يعرف أن حراس الملاهي الليلية هم في الواقع بلطجية وأصحاب سوابق ومسجلون في كشوف الشرطة ضمن قوائم المشبوهين الذين يتم استدعاؤهم والتحقيق معهم بعد وقوع أي جريمة في مناطق اقامتهم.
وزير الخارجية الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان ما غيره كان حارسا لملهى ليلي في مولدافيا قبل ان يهاجر الى بلادنا ويحترف العمل السياسي مدفوعا بعنصريته وبرغبته في تعزيز النفس البلطجي في التركيبة السياسية الحاكمة في دولة الاحتلال.
هذه حقيقة لا يخجل منها افيغدور وشركاؤه في الحكومة التي تجسد عمليا دور إسرائيل في المنطقة، وهو الدور الذي يمكن وصفه بجملة واحدة «أزعر الشرق الأوسط». ويبدو أن اسرائيل تستشعر حاليا تهديد دورها في المنطقة ومصادرة ريادتها للزعرنة بعد أن كثر الزعران والبلطجية الذين ينتشرون كالبعوض في الحواري والأزقة في مدن الربيع وليست تل الربيع الا واحدة منها.
ليبرمان بلطجي الحكومة الاسرائيلية، والمستوطنون"بلاطجة" الغرباء المهاجرين الى بلادنا، وهناك "بلاطجة" آخرون في المدن العربية يغتالون ثورات الشعوب ويصطفون مرة مع الفلول ومرة مع الحاكمين الجدد ليسطروا بالسواطير والسيوف ملاحم التغيير في الوطن الكبير.
إنه عصر البلطجة، وهو زمن الزهو بالوقاحة، والسطو على البلاد والعباد بقوة القمع والكذب والدعم الاميركي.
إنه زمن التحول وتشكيل «الدولة الدينية» التي يريدونها في اسرائيل يهودية، ويريدونها على ضفاف الأنهار العربية دولا اسلامية الاسم يتناحر سنيوها مع شيعتها ويموت فيها العربي برماح عربية، وتحتار الأمة عقودا في تحديد المواصفات الشرعية للشهداء.
وفي هذا الزمن يبدو طبيعيا ومنطقيا أن يستعيد المدعو ليبرمان صوته، وأن ينعق بالخراب بصوت عال، وأن يطلق التهديدات ضدنا وضد رئيسنا، فهذه هي فرصته وهذه هي مساحته وهذا هو زمانه. لكن ما لا ينبغي أن يكون منطقيا هو التقاطع والتشابه بين خطاب ليبرمان وخطاب بعض المعارضة الفلسطينية، التي تنعق أيضا بالخراب وتواصل تخوين من يجهد لابقاء قضيتنا حية، ولفتح ملفات يريد العالم إغلاقها وتسليمها لاسرائيل.
بلاطجة اسرائيل يلتقون الآن في خطابهم مع الذين استقووا بالخارج لتقسيمنا، والدولار هو سيد الموقف لدى الطرفين فمن يقبض من اميركا لا يختلف كثيرا عمن يقبض من كيانات عربية تمول المشروع الاميركي في المنطقة.
سيواصل البلطجي ليبرمان نعيقه، وسيردد الكورس الثوري الجهادي في المنطقة ذات الاتهامات للقيادة الفلسطينية المحاصرة من قبل الأعداء والأشقاء المفترضين. لكن هؤلاء جميعا ينبغي أن يقرأوا تاريخنا جيدا ليعرفوا أن الفقر والحصار والضغط السياسي والأمني لا يضعف ساحتنا ولا يدفع أيا منا الى التراجع، لأننا نعرف الفرق بين القدر وبين الخيار الانتهازي.
وربما ينبغي لمن يمسكون مفاتيح العالم الآن أن يدركوا أن كل فصول فلسطين هي ربيع.. ربيع حقيقي وليس مستورداً من مولدافيا أو من ايران أو من الغارقين في صحارى التبعية والتخلف.