الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

واشنطن دمشق طهرانْ، نتنياهو ليبرمانْ.. حَوِّلْ.. بقلم:آصف قزموز

ما تزال فوهات الأنظمة الديكتاتورية الشمولية في المنطقة العربية خاصة، تقذف بحممها وأثقالها في وجه شعوبها التي حملتها على وَهْنٍ عشرات السنين  من التوريث المتواصل، سواء ما بين أعضاء الحزب الواحد أو ما بين أفراد الأسر الحاكمة، والأمر سيان في الحالتين بالنسبة لهذه الشعوب بعدما ورَّث قادة الأحزاب  أبنائهمْ، دون تكذيبٍ بِطَغواهُم ولا مَخافة عُقْباهُمْ.
فمنطقة الشرق الأوسط لا تزال تغلي، والنظم الآيلة للسقوط برغم سعارها ودمويتها لا  تزال تصر على أن لا تبقي لشعوبها ولا تذر، وهي تعيث في البلاد قتلاً وفساداً وإنتهاكاً وخراباً، دون جدية حاسمة من قبل المجتمع الدولي للجمها، نظراً لاختلاف هذه الثورات من منظور الشعوب عنها في منظور الأطراف المقررة داخل منظومة المجتمع الدولي.
ولو نظرنا نظرة فاحصة لصورة الوضع في المنطقة، لتأكدنا أن الأمر لم يعد يقتصر على البلدان العربية وحسب، بل وعلى إسرائيل وإيران ولبنان وغيرها. ذلك لأن عُسْر المخاض الجاري في سوريا، وتعقيداته غير القابلة للحل أو التفاوض إلا برحيل الأسد ونظامه المستبد، لم تعد معزولة عن المتغيرات والارتدادات التي ستطال حتماً كلاًّ من إيران ولبنان وصولاً لإسرائيل، مع الفارق في حجم وطبيعة هذه الإرتدادات والهزات، وقدرات التَّحَمل لدى كل منها، لكنها حتمية ولا مناص لهم ولا فكاك منها. حيث شبكة المصالح وتشعباتها وترابطاتها تفرض منطقياً مثل هذه التأثيرات على كامل الوسط المحيط بسوريا وحتى مصر وعموم المنطقة. وعلى هذا الأساس يجب أن ننظر لتطورات الأحداث في مجمل الصورة وفروعها كذلك، مع حفظ حقوق الخصوصيات وطبيعة الإرتباطات بين هذه النظم ومركز النفوذ الدولي المتمثل بأميركا، في تحريك خيوط اللعبة وعناصر الفوضى الخلاقة في كل بلد، بما سيخدم الرؤية الأميركية المستقبلية والحاضرة، لمسارِ مصالح واشنطن وخارطة الكون بالمنظور الأميركي الدولي المُرَكَّبْ.
وسواء كانت إيران أم سوريا، أم حزب الله أم غيرهم، فإن طبيعة الشبكة الرابطة لعُرى وأواصر حساباتهم والجامعة لها، هي شبكة المصالح الخاصة بكل نظام على حدة، وتبتعد أو تقترب كل منها عن الأخرى وحتى أميركا نفسها، بمقدار المصلحة التي تطيل عمر النظام الحاكم في كل منها وحسب. فلا سوريا بالمُمانِعَة ولا المُقاوِمَة دفاعاً عن مصالح أمة أو شعب بمفرده، ولا إيران عدوة لأميركا وإسرائيل في سبيل تحرير القدس وفلسطين كما تدعي، ولا حزب الله بناصر لسوريا وفلسطين ابتغاء مرضاة الله وخدمة لمصالح الشعب السوري والفلسطيني، وإنما هي مصالحهم وحساباتهم البغيضة التي امتطوا لأجلها مصالحنا وحقوقنا وعدالة قضيتنا. وعن مصر وإخوانها ومرسيها، حدث ولا حرج بعدما أضاعت القوسَ وباريها، إذ لا حاجة لتكهن أو تنجيم أو تفسير، في ظل سيناء التي تضج اليوم بالعسكر والعَسَسْ والعتاد والطيران، وتدخل معركة إثبات الجدارة والولاء واللياقة لمقاسات وإحداثيات السياسات الأميركية الجديدة في معمعان الشرق الأوسط الجديد.
يا جماعة، المثل بيقول " إنْ حَلَقْ جارَكْ بِلْ ذَقْنَكْ " ومع ذلك لم يأخذ حكام دمشق بهذا القول وبالغوا في التِّيْه، ليقفوا اليوم على مشارف الخازوق الأكبر وحد السيف، ويضعوا الشعب على شفير الهاوية في خضم الكارثة المحدقة بسوريا. وفي كل الأحوال، فإن السقوط المحتوم لنظام الأسد في سوريا، سيعني انقطاع الحبل السُّرِّي المغذي لهُ  ولحزب الله ومن والاه، الأمر الذي سيضعف  حتماً مركز طهران في صراعها الساعي لتحسين موقعها ونفوذها الإقليمي، في إطار معادلة وخارطة المصالح الجديدة في الوضع الجديد، وفي هذا وحده يكمن بيت قصيد علاقة إيران مع دول الشرق الأوسط سواء كانت سوريا أو غيرها، ناهيك عن البُعد الطائفي الذي يشكل البوصلة الموجِّهَة لها. وبالتالي لم أشعر يوماً أن طهران كانت خارج سياق الملعب الأميركي بتاتاً، وتأكدوا يا سادتي، أنه في اللحظة التي يمكن أن تتوصّل  طهران  الى تفاهم مع واشنطن على مساومة لدور إقليمي ما يؤمن مصالحها، فلن تعد تذكر أبداً ولا تعبأ بفلسطين أو القدس ولا حتى الحياة الآخرة.
فبغياب سوريا وحزب الله سيضعف بالتأكيد موقف إيران في تحسين حجم شراكتها ودورها الخاص بها الذي تطمع. ولعمري أن خير فاضح لهذا الدور، هو ما قدمته طهران من دعم حاسم لأميركا في حروبها على العراق وأفغانستان، لا بل وشاركت بتدميرهما جدياًّ وجذرياً  ومنهجياً، وهو ما أقر به ذات يوم محمد خاتمي حين بَقَّ البَحْصَةَ معاتباً واشنطن بالقول" إن على الإدارة الأميركية أن تتذكر أنه من دون الدور الإيجابي الإيراني لم يكن لواشنطن أن تحقق ما حققته من انجازات في العراق وأفغانستان ". ولعل ما يعزز شافع السَّالف من قولنا، يتجلى اليوم من خلال ما تردد مؤخراً على لسان مرشد الثورة الإيراني علي خامينئي، حول اعطائه تعليمات لفيلق القدس بالقيام بعمليات عسكرية ضد الغرب، بسبب دعمهم للمعارضة السورية، الأمر الذي سيدخل المنطقة برمتها في أزمة اقليمية ودولية، لا بل ان في هذا تعبيرٌ صارخ عن عمق أزمة ايران، ومدى استشعار القيادة الإيرانية لخطورة ومدايات تبعات الموقف المنهار في سوريا، وما يسيعنيه ذلك ويترتب عليه.
ولأن هذه هي حقيقة وضعهم الذي لا يحسدون عليه، فلا غرابه أن نرى اليوم نتنياهو يدق طبول الحرب على طهران، وفي هذا الظرف بالذات، بكل ما اشتمل عليه الأمر من تراشقات ومزايدات سياسية وحزبية داخل الساحة الإسرائيلية، ومن عمليات تهبيط الحيطان الممنهجة على نظام الملالي وغيرهم، وذلك لأن شعور طهران بقرب انهيار الأسد، سيجعل منطقياً من هذا التوقيت بالتهديد بشن الحرب على إيران، فرصة ثمينة مواتية لابتزاز طهران بمساومة على الدور الذي كانت تطمح، وذلك بأوطأ السقوف وأرخص الأثمان والتسعيرة الأفضل وأقل الكُلَف. وخلاف هذا التصور يكون الإسرائيليون بالتأكيد أغبياء، وهم لم يعودونا أن يكونوا كذلك. وبالتالي فإن إسرائيل ليست بوارد حرب جدية على طهران، نظراً لغياب كل الأسباب المُمَكِّنَة لها في خوض هذه الحرب، آخذين في الاعتبار والاستذكار، أن إسرائيل قد عودتنا حين يجد الجَد، أن تسبق أفعالها أقوالها، وحتى عندما كانت تنقل أخبار تلك الأفعال بوسائل الإعلام، كانت تنقلها على لسان الضحية، بالقول مثلاً :"ذكر راديو صوت لبنان أن طائرات تابعة  لسلاح الجو الإسرائيلي أغارت على مواقع ..الخ ".
نعم يا سادتي، لنتذكر ولا ننسى، أنه لم يكن صدفة، أن العرب وعلى امتداد تاريخ صراعهم الطويل مع إسرائيل، لم يحققوا نصراً أو نجاحاً واحداً يذكر، بل إن تاريخنا معهم مكتظ بالهزائم السياسية والعسكرية المتزاحمة دوماً، وعلى كل ضرس لون. وبالتالي لجأ  العرب للتعويض عن هزائمهم  في الميدان، بانتصارات خيالية ساحقة على إسرائيل، ولكن عبر صناعة السينما  وسيناريوهات المسلسلات والأفلام السينمائية وأفلام الكرتون التي صرفوا عليها الملايين، والتي لو كانت حقيقية، لكنا اليوم في حال غير هذه الحال وموقع أفضل في المعادلة القائمة.
لقد عرف الإسرائيليون قبل غيرهم، باعتبار أنهم من خططوا  دائماً ودبروا وتدبروا وبأيدهم الرسن، أن أتفاق أوسلو سيتحول بفضل هذه الرؤية والعقلية الماكرة التي يتمتعون بها، من فرصة كان يفترض أن تكون سانحة للفلسطينيين، إلى فرصة استعمارية استثمارية استيطانية سانحة للإسرائيليين دون الفلسطينيين، بحيث أعفت الاحتلال من مسؤولياته اليومية والمطلبية الخاصة بتأمين وتمويل حياة الفلسطينيين من بنية تحتية وخدمات حياتية مختلفة، بكل ما تعنيه الكلمة من مسؤولية منسجمة مع نصوص القانون الدولي، وجاعلة الفلسطينيين في سجن كبير تكون فيه السيادة والسيطرة الكاملة للإسرائيليين بامتيازات وتصرفات بالأفضليات دون واجبات ولا حسيب ولا رقيب، بينما ظلت مسؤولية النفقة والإعالة والتمويل في رقاب الفلسطينيين والمجتمع الدولي. وفي هذا ما يشكل أغرب وأطول حالة احتلال في التاريخ القديم والحديث، باعتباره مطلق اليد  وفوق القانون، مدفوع الأجر والبقشيش مع كامل الإضافات والهِبات الدولية وغير الدولية.
لكن وبالرغم من جل سالف قولنا أعود وأقول، أن ثمة أشياء ستفرض نفسها على الأرض بإرادة إسرائيل أو بغيرها، لأن الحال لا يمكن أن يظل على هذا النحو والمنوال إلى ما شاء الله، إذ لا بد أن تضع السياسات والتعديات الإسرائيلية أوزارها وأثقالها وأحمالها عن كاهلنا والعالم، لتعود ولو بعد حين لحجمها المنطقي والطبيعي، ذلك لآن طوفان الفوضى الخلاقة وطفرة اللياقة ستطالان إسرائيل وحتى أميركا ولو من باب استحقاقات لزوم تكيفها وانسجامها مع أدوارها وأهدافها المحملة على خارطة الشرق الأوسط الجديد والمنطقة، وكل شئ لا بد إلاَّ أن يكون له ثمن ومقابل، معجلاً كان أم مؤجلاً، أم  حتى معطلاً كما هو حالنا مع إسرائيل. فلا تهديدات ليبرمان وحملته التحريضية بالدعوة لانتخاب رئيس بدل الرئيس أبو مازن، المتزامنة ومتناغمة مع مساعي حماس واستعداداتها لاقتناص فرصة الفوز بسلطة دولة مؤقتة في غزة في تساوقٍ فاضح وتوقيت ناضح مع أهداف إسرائيلية ذاهبة في ذات الاتجاه، ولا مزامير عباديا يوسف وثعابينه الممتطية صهوة عنجهياته المحملة على أكتاف نتنياهو بدعواته العمياء، ستمنع حقوق الفلسطينيين عنهم، وتحرمهم من حتمية الخلاص من الاحتلال والإذلالْ،  بنيل الحرية والاستقلالْ. فحرية الفلسطينيين واستقلالهم، أصبحت اليوم وأكثر من أي وقت مضى تشكل ضرورة حتمية ومصلحة ليست فلسطينية وحسب، وإنما مصلحة دولية وإقليمية وإسرائيلية كذلك. الأمر الذي أكدته مؤخراً، تحذيرات روبرت سري مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط الموجهة لمجلس الأمن، من تداعيات عدم توفر أفق سياسي للشعب الفلسطيني وإقامة دولتة المستقلة، مضيفاً " أنه في حال عدم توفر تلك الظروف، فإننا قد نخسر الفرصة، ولن تكون لدينا فرصة ثانية للحل " مؤكداً في ذات الوقت على التمسك بحل الدولتين، وعلى التقدم غير المسبوق الذي حققه شعبنا في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، معتبراً في الوقت ذاته، أن قيام الدولة الفلسطينية، هو الضمانة الأكيدة، التي سَتُمَكِّن السلطة الوطنية الفلسطينية من القدرة على العمل كوحدة اقتصادية أو أمنية، على حد تعبيره، وفي هذا القول  وغيره، ما يعني الكثير الكثيرْ، للأعمى والبصير وِلِمْقَمَّطْ بِالسْريرْ.

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025