مرسومان بانتظار توقيع السيد الرئيس- د. زياد أبوالهيجاء
لا يعرف كل شعبنا، وخاصة في مخيمات سوريا، أن جيش التحرير الفلسطيني الموجود على الأراضي السورية، ليس سوى اطار تابع لهيئة الأركان السورية، لتجميع المجندين الفلسطينيين الذين يؤدون الخدمة العسكرية الالزامية أسوة بأشقائهم السوريين، ولا يعرف كل شعبنا أن قائد هذا الجيش وجميع ضباطه معينون بقرارات أمنية سورية، بل ان هذا الجيش استخدم عام 1983 لضرب المخيمات الفلسطينية في شمال لبنان الى جانب قوات حافظ السد وعصابات أحمد جبريل.
قبل أسبوعين اتخذ طارق الخضرا، والمعين من قبل المخابرات السورية قائدا لهذا الجيش، قرارا بالحاق وحدات وكتائب الجيش بالجيش السوري ووضعها بأمرة هيئة الأركان السورية مباشر، بل وقام بتحريك بعض هذه الوحدات الى مناطق قتالية ساخنة, ورغم احتجاجات أهالي المجندين والذين عبروا بتظاهرات سلمية عن رفضهم زج أبنائهم في القتال الدائر في سوريا، فان الوضع استمر وتزايد سقوط الشهداء من منتسبي ومجندي هذا الجيش، الذي كان يتبع اداريا على الأقل للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في مرحلة ما، قبل أن تتم مصادرته اداريا وسياسيا لصالح النظام الأسدي.
في فترة العلاقات الطبيعية بين منظمة التحرير الفلسطينية والنظام السوري «1964-1976» كانت قيادة منظمة التحرير تتغاضى عن حقيقة ولاء هذا الجيش لقيادة الجيش السوري، فكانت هناك تفاهمات صامتة تراعي مصالح الطرفين, بحيث تبقى التعية الشكلية والادارية لمنظمة التحرير، بينما العقيدة العسكرية والولاء السياسي هي للنظام السوري, وبما أن جيش التحرير كان يصنف كقوة احتياط للجيش السوري في الحرب مع اسرائيل، فما كانت المنظمة لتمانع في ذلك. ما دامت الأهداف الاستراتيجية مشتركة بين الطرفين.
ولكن عدوان 1982، كان نقطة مفصلية حين تبين أن هذا الجيش ليس مستعدا حتى لمقاتلة اسرائيل الا في اطار التكتيك السوري، وفي أول مجلس وطني فلسطيني عقد في الجزائر بعد الخروج من بيروت. احتج طارق الخضرا بأن الجيش الذي يقوده لم ينل حقه في الحديث عن الصمود وفي الترقيات، فرد القائد أبو عمار بأن أخرج قلمه من جيبه وقال في رسالة بليغة وواضحة : هذا القلم هو الشرعية الفلسطينية، وكان الخضرا مازال يملك الأمل بأن تستمر ثنائية الولاء الشكلي لمنظمة التحرير والفعلي للنظام السوري، فنهض من مقعده وسار بخطوات عسكرية الى حيث يجلس القائد ياسر عرفات، وأدى له التحية العسكرية وسط تصفيق الحاضرين.
ولكنه بعد شهور قليلة كان هذا الجيش يقصف مقرات القائد الخالد في مخيمي نهر البارد والبداوي، جنبا الى جنب مع قوات حافظ الأسد وأحمد جبريل والمنشقين عن فتح.
رسميا، العلاقة القانونية والادارية مع هذا الجيش لم تفك. ومازال يزعم أنه الذراع العسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية, ولابد من خطوة واضحة تنهي الالتباس الذي يقع فيه معظم الفلسطينيين وخاصة أهلنا في سوريا. خطوة ترفع الغطاء عن الاستخدام الجائر لاسم جيش التحرير الفلسطيني من قبل النظام السوري، وتتمثل هذه الخطوة في مرسوم رئاسي باحالة طارق الخضرا الى التقاعد وتعيين بديل له, رغم أن سلطات دمشق الحالية لن تسمح له بممارسة مهامه, أما المرسوم الثاني وهو الأهم فيتمثل بأمر من رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، باعتباره القائد الأعلى لجيش التحرير الفلسطيني، يطلب فيه من وحدات هذا الجيش إلتزام ثكناتها وعدم الانخراط في القتال الدائر في سوريا بأي شكل، مرسوم له قوة تاريخية ومعنوية وسياسية وان كان لايملك آلية التنفيذ على الأرض.