حشريون الكترونيون.. - فؤاد أبو حجلة
يحاصرني الحشريون (بكسر الحاء وفتح الشين) ويستهلكون قدرا كبيرا مما تبقى من أعصابي بملاحظاتهم السخيفة التي تحولني الى كائن متوتر يلتفت حوله.. أمامه ووراءه وعن يمينه وعن يساره وينظر الى الأعلى ثم إلى الأسفل، ولا يعبر شارعا دون التعرض الى احتمال الموت دهسا.
ما الذي يجعل صديقا خمسينيا يضيع نصف نهار في محاولة اقناعي بصبغ شعري لإخفاء الشيب؟ وماذا يريد صديق آخر عاش ستة وخمسين ربيعا عربيا وتعيش في جسده ستة أمراض مزمنة حين يضغط على أعصابي يوميا بتحذيراته المملة من مخاطر التدخين على صحتي وعلى حياتي؟
ما هي الأهمية الاستراتيجية للون قميصي، وهل لهذا اللون علاقة باحتمالات الانفجار السياسي والأمني في المنطقة، ولماذا يتوجب علي ارتداء ربطة عنق وأنا لا أطيق حتى القميص في هذا الصيف الملتهب؟
أهرب من الحشريين إلى عزلتي اليومية لأعيش حياة افتراضية على الانترنت، لكن المحاصرين الحشريين الافتراضيين يلاحقونني من صفحة إلى أخرى، فعلى بريدي الالكتروني مئات الرسائل اليومية التافهة التي ترسلها شركات تحترف النصب وتبيع كل شيء الا ما يحتاجه الانسان، وتدفعني الى الانهماك في شطب رسائل الكترونية تقدم لي عروضا لشراء المنشطات الجنسية والسياحة في مرمريس والاستثمار في شراء العقار في جزر الباهاما.
أشطب أيضا رسائل تصلني يوميا من نصابين محترفين في نيجيريا وجنوب افريقيا تبلغني عن فوزي بجوائز تقدر بملايين الدولارات في سحب يانصيب لم اشترك فيه أصلا. ويبالغ النصابون الأوروبيون في محاولة الايقاع بي لدفع بضع مئات من الدولارات حين يبلغونني باكتشافهم أنني الوريث الوحيد المتبقي على قيد الحياة لمليونير من عائلة ابو حجلة قضى في حادث سير بمدينة شتوتغارت!
على بريدي الالكتروني أيضا مئات من الحشريين الذين لا يستهدفون النصب علي ولكنهم يصرون على ازعاجي وملء بريدي برسائل عديمة القيمة يرسلها اشخاص يحملون اسماء شبيهة بالاسماء الحركية لأعضاء فرقة مهرجين في السيرك. وهناك اثنان تحديدا يصران على امطاري بهذه الرسائل، أحدهما يحمل اسم «ضوء الشمس» ولو عرفت هويته الحقيقية لحولت حياته الى عتمة دائمة، و«الحمامة البيضاء» التي لو عرفت من هي لقتلتها بعشرين فشكة.
أخرج من البريد الالكتروني الى «الفيسبوك» فيبدأ الحشريون بمراسلتي عبر البريد الخاص، ومنهم ولد ينصحني بتوخي الحقيقة في ما أكتب، وآخر حريص على آخرتي حد اقلاق راحتي بتذكيري بعذاب القبر، ولا أعرف ان كنت سأراه يوما لأنني سأكون حريصا حينئذ على تقريبه من القبر.
الحشريون ثقيلو دم وهم لا يعرفون ذلك، وهم أيضا كائنات فائضة عن الحاجة، لذا يتخصصون في ازعاج الآخرين.
ما الذي يجعل صديقا خمسينيا يضيع نصف نهار في محاولة اقناعي بصبغ شعري لإخفاء الشيب؟ وماذا يريد صديق آخر عاش ستة وخمسين ربيعا عربيا وتعيش في جسده ستة أمراض مزمنة حين يضغط على أعصابي يوميا بتحذيراته المملة من مخاطر التدخين على صحتي وعلى حياتي؟
ما هي الأهمية الاستراتيجية للون قميصي، وهل لهذا اللون علاقة باحتمالات الانفجار السياسي والأمني في المنطقة، ولماذا يتوجب علي ارتداء ربطة عنق وأنا لا أطيق حتى القميص في هذا الصيف الملتهب؟
أهرب من الحشريين إلى عزلتي اليومية لأعيش حياة افتراضية على الانترنت، لكن المحاصرين الحشريين الافتراضيين يلاحقونني من صفحة إلى أخرى، فعلى بريدي الالكتروني مئات الرسائل اليومية التافهة التي ترسلها شركات تحترف النصب وتبيع كل شيء الا ما يحتاجه الانسان، وتدفعني الى الانهماك في شطب رسائل الكترونية تقدم لي عروضا لشراء المنشطات الجنسية والسياحة في مرمريس والاستثمار في شراء العقار في جزر الباهاما.
أشطب أيضا رسائل تصلني يوميا من نصابين محترفين في نيجيريا وجنوب افريقيا تبلغني عن فوزي بجوائز تقدر بملايين الدولارات في سحب يانصيب لم اشترك فيه أصلا. ويبالغ النصابون الأوروبيون في محاولة الايقاع بي لدفع بضع مئات من الدولارات حين يبلغونني باكتشافهم أنني الوريث الوحيد المتبقي على قيد الحياة لمليونير من عائلة ابو حجلة قضى في حادث سير بمدينة شتوتغارت!
على بريدي الالكتروني أيضا مئات من الحشريين الذين لا يستهدفون النصب علي ولكنهم يصرون على ازعاجي وملء بريدي برسائل عديمة القيمة يرسلها اشخاص يحملون اسماء شبيهة بالاسماء الحركية لأعضاء فرقة مهرجين في السيرك. وهناك اثنان تحديدا يصران على امطاري بهذه الرسائل، أحدهما يحمل اسم «ضوء الشمس» ولو عرفت هويته الحقيقية لحولت حياته الى عتمة دائمة، و«الحمامة البيضاء» التي لو عرفت من هي لقتلتها بعشرين فشكة.
أخرج من البريد الالكتروني الى «الفيسبوك» فيبدأ الحشريون بمراسلتي عبر البريد الخاص، ومنهم ولد ينصحني بتوخي الحقيقة في ما أكتب، وآخر حريص على آخرتي حد اقلاق راحتي بتذكيري بعذاب القبر، ولا أعرف ان كنت سأراه يوما لأنني سأكون حريصا حينئذ على تقريبه من القبر.
الحشريون ثقيلو دم وهم لا يعرفون ذلك، وهم أيضا كائنات فائضة عن الحاجة، لذا يتخصصون في ازعاج الآخرين.