أبو سيّاف" المعتوه والدبلوماسي الجزائري - بقلم: عدلي صادق
قيل في مطولات شرح عديد الأئمة، المتعلق بالتوجيه الرباني المقتضب "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"؛ إن أولى المهام، لإرساء خُلق الرحمة، هي استنقاذ أبي سياف "القاعدي" القاتل، أينما كان ووقتما كان، من الجهالة، وإرشاده من الضلالة، لكي يكف عن المعاصي وعن قتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق. فالمجرمون والعصاة أنفسهم، يترفق بهم الإسلام، ويفتح لهم طريق التوبة والنجاة من القصاص، بعد العفو من أولياء الدم. أما الدبلوماسي الجزائري المسلم، الطاهر تواتي، الذي أعلن المعتوهون المارقون أنهم قتلوه (ونسأل الله ان يكون ما قالوه غير صحيح، من باب خشية العقاب الدنيوي، لا من باب خشية من لا يخشونه وهو رب العالمين) فلم يكن قاتلاً، ولا عاصياً، ولا كافراً، بل على العكس، اجتمعت له صفتان رئيستان، من شأنهما أن تحقنا دمه: فهو دبلوماسي، أي رسول لقومه الى قوم آخرين، وممن يسميهم الإسلام، المستأمنين. ثم هو أسير أو رهينة، يُحرّم الإسلام صراحة، قتله، ويؤكد على أن من يقتله، يرتكب جريمة ويمرق عن الدين!
في ذات حكاية من السيرة النبوية العطرة، أرسل النبي عليه السلام رجلاً يُدعى العلاء، الى ملك البحرين يدعوه الى الإسلام. أنجز العلاء مهمته بنجاح، وفيما هو عائد، مرّ بمتزعّم من القبائل، يُدعى ثمامة الحنفي، فسأله هذا الأخير: هل أنت رسول محمد؟! ولما رد بالإيجاب، بادره ثمامة قائلاً: "والله لن تصل الى محمد أبداً" وهمَّ بقتله. لكن عم ثمامة، واسمه عامر بن سلمة، وكان في الجاهلية، زجره ومنعه من القتل وأخلى سبيل العلاء. ولما سمع الرسول عليه السلام الرواية، قال عبارة فُهم منها أن ثمامة الحنفي مطلوب حياً أو ميتاً، وعلى هذا الأساس وقعت واحدة من حوادث الاختطاف القليلة، التي جرت في صدر الإسلام، وانتهت نهايات سعيدة.
يومها قال النبي عليه السلام: "اللهم اهدِ عامراً، ومكنّي من ثمامة". وبالفعل أسلم عامر، وجيء اليه بثمامة مخطوفاً ومقيّداً، إذ عثر عليه رهط من المسلمين، مع جماعة يتناولون طعامهم وسط الصحراء. سأله النبي عليه السلام: ما عندك يا ثمامة؟ رد الأخير فيما هو يسعى الى حل أو مقايضة: "عندي خيرٌ يا محمد. إن تَقتل، تَقتل ذا دم، وأن تُنعِم تُنعِم على شاكر، وإن تريد المال، فسل منه ما شئت". كان الرد من رسول الله: "أطلقوا ثمامة". وبإطلاقه تبدلت كيماء عقله وقلبه، فقال: "أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله". وأردف قائلاً: "يا محمّد، والله ما كان على وجه الأرض أبغض إليّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحبّ الوجوه إليّ. والله ما كان من دين أبغض إليّ من دينك، فأصبح دينك أحبّ الدين إليّ. والله ما كان من بلد أبغض إليّ من بلدك، فأصبح بلدك أحبّ البلاد إليّ. وإنْ خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟". إن هذا هو الإيقاع، الذي رسمه الإسلام لمن يريدون الشريعة. أما الطرق التي يسلكها السيافون أشقاء المفخخات وسط المارة والناس الأبرياء، وأشقاء الكفرة قاصفي المخابز والجنائز والعمائر في سوريا، فهي طرق الشياطين، لا سيما وهم يخطفون ثم يقتلون غير المذنب، بينما يحرّم الله قتل الأسير غير المسلم!
ما يحدث من قتل للرهائن، ينسج حكايات بالمقلوب. ربما بعض المخطوفين، كانوا يتوهمون قبل اختطافهم، أن الخاطفين هم من محبي الشريعة حقاً وأنهم "إسلاميون". وبعد أن اكتووا بنارهم وتوغلت سيوفهم في أبدان الضحايا؛ صارت وجوههم أقبح الوجوه وأبعدها عن الرحمة، ومواضع تمركزهم أبغض المواضع وأشدها شراً. بل إن المخطوفين من غير المسلمين، صاروا يرون "دين الخاطفين" إرهابياً، لتتأذى بذلك سمعة الدين الإسلامي الحنيف في أوساطهم.
* * *
يزاود السيّافون المعتوهون على الجزائر، التي ما تركت شعباً أو جمعاً في إفريقيا، إلا وأكرمته وأغدقت عليه، وتكفلت بتعليم الكثيرين من أبنائه، فضلاً عن اقتطاعها من قوت ابنائها لمساندة حركات الانعتاق والتحرر. والجزائر الدولة، سليلة ثورة جاهدت المستعمر، فيما أمثال هؤلاء الأشقياء، لا يفعلون ما يفعلون، إلا لكونهم سليلي أذناب مستعمر، وقطاع طرق وقصاصي أثر. وكأن مسار التاريخ وسننه وأعرافه، تسمح بأن يتبدل غزلانها بقرودها، تحت عناوين مضللة، وبممارسات لا تعرف حرمة الدم ولا حدود الله.
مرة أخرى، نتمنى أن يكون الدبلوماسي الجزائري طاهر تواتي، على قيد الحياة، لأن أبغض الوقائع، في أيامنا، هو أن يتكاثر جمع القتلة الذين يزهقون الأرواح دونما وازع!
في ذات حكاية من السيرة النبوية العطرة، أرسل النبي عليه السلام رجلاً يُدعى العلاء، الى ملك البحرين يدعوه الى الإسلام. أنجز العلاء مهمته بنجاح، وفيما هو عائد، مرّ بمتزعّم من القبائل، يُدعى ثمامة الحنفي، فسأله هذا الأخير: هل أنت رسول محمد؟! ولما رد بالإيجاب، بادره ثمامة قائلاً: "والله لن تصل الى محمد أبداً" وهمَّ بقتله. لكن عم ثمامة، واسمه عامر بن سلمة، وكان في الجاهلية، زجره ومنعه من القتل وأخلى سبيل العلاء. ولما سمع الرسول عليه السلام الرواية، قال عبارة فُهم منها أن ثمامة الحنفي مطلوب حياً أو ميتاً، وعلى هذا الأساس وقعت واحدة من حوادث الاختطاف القليلة، التي جرت في صدر الإسلام، وانتهت نهايات سعيدة.
يومها قال النبي عليه السلام: "اللهم اهدِ عامراً، ومكنّي من ثمامة". وبالفعل أسلم عامر، وجيء اليه بثمامة مخطوفاً ومقيّداً، إذ عثر عليه رهط من المسلمين، مع جماعة يتناولون طعامهم وسط الصحراء. سأله النبي عليه السلام: ما عندك يا ثمامة؟ رد الأخير فيما هو يسعى الى حل أو مقايضة: "عندي خيرٌ يا محمد. إن تَقتل، تَقتل ذا دم، وأن تُنعِم تُنعِم على شاكر، وإن تريد المال، فسل منه ما شئت". كان الرد من رسول الله: "أطلقوا ثمامة". وبإطلاقه تبدلت كيماء عقله وقلبه، فقال: "أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله". وأردف قائلاً: "يا محمّد، والله ما كان على وجه الأرض أبغض إليّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحبّ الوجوه إليّ. والله ما كان من دين أبغض إليّ من دينك، فأصبح دينك أحبّ الدين إليّ. والله ما كان من بلد أبغض إليّ من بلدك، فأصبح بلدك أحبّ البلاد إليّ. وإنْ خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟". إن هذا هو الإيقاع، الذي رسمه الإسلام لمن يريدون الشريعة. أما الطرق التي يسلكها السيافون أشقاء المفخخات وسط المارة والناس الأبرياء، وأشقاء الكفرة قاصفي المخابز والجنائز والعمائر في سوريا، فهي طرق الشياطين، لا سيما وهم يخطفون ثم يقتلون غير المذنب، بينما يحرّم الله قتل الأسير غير المسلم!
ما يحدث من قتل للرهائن، ينسج حكايات بالمقلوب. ربما بعض المخطوفين، كانوا يتوهمون قبل اختطافهم، أن الخاطفين هم من محبي الشريعة حقاً وأنهم "إسلاميون". وبعد أن اكتووا بنارهم وتوغلت سيوفهم في أبدان الضحايا؛ صارت وجوههم أقبح الوجوه وأبعدها عن الرحمة، ومواضع تمركزهم أبغض المواضع وأشدها شراً. بل إن المخطوفين من غير المسلمين، صاروا يرون "دين الخاطفين" إرهابياً، لتتأذى بذلك سمعة الدين الإسلامي الحنيف في أوساطهم.
* * *
يزاود السيّافون المعتوهون على الجزائر، التي ما تركت شعباً أو جمعاً في إفريقيا، إلا وأكرمته وأغدقت عليه، وتكفلت بتعليم الكثيرين من أبنائه، فضلاً عن اقتطاعها من قوت ابنائها لمساندة حركات الانعتاق والتحرر. والجزائر الدولة، سليلة ثورة جاهدت المستعمر، فيما أمثال هؤلاء الأشقياء، لا يفعلون ما يفعلون، إلا لكونهم سليلي أذناب مستعمر، وقطاع طرق وقصاصي أثر. وكأن مسار التاريخ وسننه وأعرافه، تسمح بأن يتبدل غزلانها بقرودها، تحت عناوين مضللة، وبممارسات لا تعرف حرمة الدم ولا حدود الله.
مرة أخرى، نتمنى أن يكون الدبلوماسي الجزائري طاهر تواتي، على قيد الحياة، لأن أبغض الوقائع، في أيامنا، هو أن يتكاثر جمع القتلة الذين يزهقون الأرواح دونما وازع!