الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

انتحار شاب وصابرون كُثر- عدلي صادق

قبل نحو أربعة أشهر، استنكفنا عن التعليق على تصريح على أعلى مستوى في الحكومة الفلسطينية، تبدى كمن يزجر غزة مذكراً القاطنين فيها، بأن مدخولات الضرائب عن طريق المقاصّة، العائدة منها، لم تتعد اثنين في المئة، ما يعني أن الضرائب المتحصلة من المحافظات الشمالية، هي التي تغطي كامل فاتورة النفقات الحكومية. وظهر ركيكون، عديمو معرفة بطبيعة الدولة وثقافتها، لكي يقولوا إن هناك منطقة "تصرف على أخرى وتتبرم". وفي ذلك الأسبوع لم تكن النسبة بذلك الهبوط الذي ذكره المصدر الأرفع في الحكومة، ثم إن الأمور لا تؤخذ في الأوطان، على هذا النحو السخيف، ولا تترك مفردات النفقات، في الأوطان، لكي يستخدمها مناطقيون نعراتيون، إن استراحوا من هجاء منطقة، تناولوا أخرى في الجوار القريب، ليصبح هناك في الوطن، تايلانديون وزيرو 4 وزيرو 9 في توصيفاتهم لمجاميع فلسطينية، قدمت المهج والأرواح، على طريق الكفاح الوطني، ودفاعاً عن كرامة شعبنا وعن حقوقه!
في الأسابيع القليلة الماضية، ارتفعت أرقام شاحنات السلع التي تُقتطع ضرائبها وتُضخ الى خزينة الحكومة عن طريق المقاصة، الى 250 يومياً عبر منفذ "كرم أبو سالم". والمنحنى يرتفع، مع انخفاض منحنى توريد السلع عبر الأنفاق، وقيل إن وصول المحروقات، ذات يوم، عبر المنفذ المذكور، ما كان يعني المضاربة على محروقات واردة عبر الأنفاق؛ أوجب قذيفتي هاون "مقاومتين" على المنفذ. لكن صعوبة تكرارها، جاء بحل آخر من الحكومة الحمساوية، وهي رفع أسعار المحروقات الواردة عبر الأنفاق، لتضاهي مثيلتها في الضفة، بخاصة وأن التجار رفضوا دفع الضرائب مرتين، واحدة لحكومتنا في رام الله، وأخرى لحكومتهم في غزة. وفي الضفة، ترفع الحكومة، أسعار المحروقات، بتأثير السوق الإسرائيلية، ليتماشى الطرفان مع معدلات التسعير، في بلد صناعي يرتفع فيه الدخل الفردي كثيرا، على الأقل بالنسبة للدخل في فلسطين!
في الغالب، يطغى الهم العام على الهموم المتكثفة في اتجاه هذه المنطقة الفلسطينية أو تلك، فنتسامى عن التعليق، تغليباً للهموم العامة. وهؤلاء، الرفيعون في مواقع المسؤولية، الذين يتذاكون فيرسلون النسب والأرقام جزافاً، بمنطق الخبراء؛ تناسوا أو كانوا على جهل أصلاً، بأن الأرقام تتحرك صعوداً ونزولاً، وأن الدنيا الفلسطينية لا تخلو لهم، وأن الفلسطينيين أذكياء، وأن منهم من ينفتح على كل مصادر المعلومات المتحررة من اعتبارات السياسة، لكي يأتي بالأرقام الصحيحة، ومن بينها المصادر العبرية، التي تتمتع بمستوى مهني عالٍ، شئنا أم أبينا. وما يجهله هؤلاء، أن للأوطان قواعد وعلامات للقيام وللقعود، وللمواطنة ثقافة وأخلاقا، وأن المناطق الخصبة، في الأوطان، لا يصح أن تُعيّر المناطق القاحلة بأنها تصرف عليها، وتتصدق بنفقات طريق أو بحفر بئر، أو بمد أنبوب للمياه، أو بتركيب صنابير ومولدات كهربائية أو بمساعدات اجتماعية أو بصرف رواتب موظفيها. فإن فعل الأولون ذلك، وعيّروا الأخيرين، فإن قيامة "دارفور" تقوم، عند الفقارى، إنصافاً للذات وللكرامة.
كان الذين يلوكون صراحة، أو يتهامسون، حول ضآلة الدخل من غزة، وأنها صارت عبئاً، يستحقون الصفعة التي ينبغي أن يتلقاها أمثالهم مستقبلاً، في غزة، إن تجرأوا على التهامس، بأنهم يوفرون مداخيل ضريبية من ألفي شاحنة يومياً، يكفي ريعها لتغطية نفقات المنطقة، أو إنهم ينتجون الغاز، فيوفرونه لجميع الفلسطينيين، ويبيعونه لصالح جميع الفلسطينيين، وأن لديهم مداخيل أخرى سياحية من الشواطئ والآثار والصناعات الحرفية. فالصفعة مستحقة، لصاحب كل ذي منطق جهوي معيب!
* * *
على الرغم من هول الفظائع التي يقترفها الأسديون في مناطق حوران، الطافحة بخيرات الأرض، التي سماها الأقدمون "أهراء روما" أي مخزن الحبوب، وهو الذي اعتمد عليه العثمانيون لإطعام الجيش الألماني، في الحرب العالمية الأولى؛ لم نسمع معارضاً سورياً يقول للأسديين إنكم تقتلوننا فيما نحن نُطعمكم. كذلك الحال بالنسبة لمعارضي منطقة "الجزيرة" في شمالي شرق سوريا، حيث دير الزور والحسكة والرقة. الأولى (دير الزور) التي تلقت حجماً أكبر من نيران الطغاة وما زال يُسفك دم ابنائها، تضخ الخير من كل الصنوف: البترول، مع كافة المحاصيل الاقتصادية، من فول الصويا وعباد الشمس، والقطن والعدس وخلافه، من بقوليات موائد الفقراء في عامة سوريا, فضلاً عن اللحوم. أما الرقة، التي تُقطع عنها الكهرباء لكي "تضاء" بالقنابل، فهي منتجة الطاقة التي تضمن، بكهرباء سد الفرات؛ إضاءة سوريا والتصنيع فيها. وعلى قدر ما سرحت ومرحت، لغة السياسة التي يتداولها المعارضون المنتمون لمناطق الخير والعطاء في سوريا، لم نسمعهم يعيّرون حكاماً طائفيين، ينتمون الى مناطق تربي ـ بالكاد ـ الأرانب، بأنهم ذوو الفضل على قاعدتهم الاجتماعية، لأن من الخطأ التعامل أصلاً، مع فرضية وجود قاعدة اجتماعية للنعراتيين!
في المثال الفلسطيني، نحن والحمد لله ما زلنا في السليم. والوجدان الشعبي نقي ووطني. أما العيب، فهو في بعض العناصر التي جعلتها أوضاع ملتبسة، وسياقات فساد، وإخفاقات، أن تصبح ـ للأسف ـ في صف النخبة التي تقرر، في الكثير من المجالات!
برنامج الشؤون الاجتماعية للمساعدات، معطل بالنسبة لغزة. الإدارة انصرفت تماماً عن مجرد إلقاء نظرة على ما يستحقه الزمن، من تطوير للمفردات الوظيفية، وصارت عينها على رواتب الموظفين، تفتش عن تعليل لإيقافها. وما يُقال عن الاستنكاف عن العمل، والجلوس في البيت، مردود على قائله، بل لو إن هناك محاكم إدارية تفصل في المنازعات بين أرباب العمل أو الحكومة، والعاملين، فإنها ستحكم للعاملين بكل الاستحقاقات الوظيفية، باعتبارهم امتثلوا لقرار سياسي على أعلى مستوى، وتحملوا الضغوط النفسية، فضلاً عن الأمنية، وتحلوا وقائع الإيذاء وامتهان الكرامة والاستبداد (حتى البطش بحفلات الزواج) التي مارستها عليهم القوى المهيمنة في غزة!
من ليس حمساوياً في غزة، ليس أمامه أفق ولا فرصة ولا باب رزق. لا دورات أو تنسيب لمعاهد شرطة، ولا منح دراسية منصفة، ولا إعانات اجتماعية، ولا توظيف، ولا مشروعات صغيرة، ولا قروض للطلاب. بل إن جامعات السلطة، تلعب بالأرقام الفلكية عند تحديدها للرسوم، وقال لي طالب من أسرة نسف المحتلون بيتها، كانت تنقصه بضعة أعشار من رقم واحد من النسبة العالية للمجموع، أن كلية طب الأزهر، طلبت منه المستحيل، للدخول، وحددت مستحيلات للرسوم. وفي مثال آخر، كاد القلب ينفلق، عندما هاتفني صديق قديم، يقول إن فتاتين توأم، ولدتا في الساعة نفسها، وتلازمتا كل أوقات العمر والتعليم، ووالدهما مريض بالسرطان، يريد أن يراهما قبل الموت، طالبتين في كلية طب ومعدلهما في الثانوية، أيضاً، يرسم توأماً آخر، وهو 98.5% لكل واحدة. ولم تجد الفتاتان من ينصفهما ويسهل عليهما الدراسة. وحتى الانتماء العائلي للفتاتين الصغيرتين، من دير البلح، يذكرنا بالمناضل المرحوم المتفرغ الأول في تاريخ حركة "فتح". الحمد لله نجحنا في الخطوة العملية الأولى، لإلحاق الفتاتين بالتعليم الذي تريدانه في مصر، بفضل الأخ الذي هاتفني أولاً، ثم يأتي بعده كل من بذل جهداً من الإخوة في مصر!
في مثل هذا المناخ المجدب الذي يتسم بالنكران، والأمثلة فيه لا حصر لها، أحرق إيهاب أبو ندى نفسه. ربما الشاب ـ رحمه الله وغفر له ـ لم يحتمل مثلما احتمل ويحتمل صابرون آخرون. نُطمئن شبابنا وشعبنا في غزة، وفي كل موضع مهمّش، ونطمئن كل "تايلاندي" مزعوم، وكل صاحب حكاية إقصاء وعربدة، أن الأمور لن تبقى على هذا الحال. فالمجتمع الفلسطيني مخزن الفضائل، والأوضاع الشاذة، تنتج عناصر وطحالب ضارة، وهي قلة لا تفقه شيئاً، ولا تعرف أن الفلسطينيين أذكياء، وأن التاريخ يسجل، وأن أولاد وأحفاد المناطقيين والفاسدين، سيخجلون من أسمائهم، وأن الوعي الجمعي الفلسطيني ألمعي وذو سعة، ربما يوازي مليون "غيغا بايت" بمعايير الحواسيب. وتعرفون، أن وحدة سعة القياس من وحدات "البايت" قوامها مليار حكاية!
www.adlisadek.net
adlishaban@hotmail.com

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025