الفرق بين الاحتجاجات الهادفة والمغرضة- عادل عبد الرحمن
لا احد في اراضي السلطة الوطنية ضد حرية الرأي والتعبير والتظاهر والاعتصام والتنظيم ، لان القانون والنظام الاساسي كفل هذا الحق للمواطن الفلسطيني. وهو، حق مصان للجميع في إطار القانون والنظام.
والاحتجاجات الشعبية ، التي شهدتها الساحة الفلسطينية عموما وخاصة في محافظات ومدن الضفة الفلسطينية، باركها الرئيس محمود عباس، والقيادة السياسية والحكومة ايضا. واعلن قادة الشعب على المستويات المختلفة، ان الاحتجاجات مشروعة، وان ما تشهده الساحة من تداعيات نتاج إرتفاع اسعار المحروقات والسلع الاساسية والضريبة المضافة (التي اعادها مجلس الوزراء بالامس الى ما كانت عليه في شهر آب / اغسطس ) حق للمواطن. ولم تتخذ السلطات المعنية اي إجراء ضد الجماهير المحتجة على ارتفاع الاسعار، لا بل اعطت اوامرها للاجهزة المختصة بالتعامل بروح المسؤولية العالية مع المحتجين، وتأمين سلامتهم بغض النظر عن الشعارات السياسية او الاقتصادية، التي يرفعونها ضد السلطة ورموزها.
رغم ان القيادة والشعب والقوى السياسية والاجتماعية تعلم علم اليقين ان أُس الازمة كان ومازال يكمن في استمرار الاحتلال الاسرائيلي جاثما على الارض الفلسطينية، الذي كبل الاقتصاد الوطني بقيوده الجائرة، وحال دون نهوضه ومعافاته. وادراك الجميع ايضا ، ان استمرار اتفاقية باريس الاقتصادية، التي وقعتها قيادة منظمة التحرير في ابريل / نيسان 1994 (التي كان من المفترض ان تنتهي بانتهاء المرحلة الانتقالية عام 1999، ومدتها خمسة اعوام، لكن اسرائيل ، التي ضربت عرض الحائط بكل الاتفاقيات، مازالت تعتبر اتفاقية باريس الناظم للعلاقة بينها وبين السلطة) دون تغيير، والتي بدورها شكلت كابح ومعيق لتطور الاقتصاد الوطني نتيجة ربط الاقتصاد الفلسطيني بالغلاف الجمركي الاسرائيلي، وايضا ربط القيمة المضافة بذات القيمة المعمول بها في دولة الاحتلال والعدوان مع إستثناء متواضع بايجاد فرق لصالح السلطة يقدر ب 2%. مع ان هناك فرقا شاسعا بين دخل المواطن الفلسطيني ودخل الاسرائيلي يصل الى ثلاثين ضعفا. إلآ ان القيادة لم تعف نفسها من المسؤولية فيما آلت اليه الامور.
بالطبع هناك عوامل اخرى ذات صلة بالازمة منها، عدم وفاء الدول المانحة بالتزاماتها تجاه موازنة السلطة، فضلا عن الانقسام والانقلاب الاسود على الشرعية منذ اواسط 2007، كما دخلت على الخط الجماعات المافيوية في المدن والقرى الفلسطينية، تلك القوى التي تضررت من سيادة النظام والقانون، وجدت فرصتها وضالتها في الاحتجاجات لتقوم بصب الزيت على نار الاحتجاجات الشعبية، فقامت تلك الجماعات ومعهم انصار حركة حماس وخلاياها النائمة بدفع الامور الى مرحلة الاصطدام مع رجال الامن، والعبث بالمؤسسات من خلال اطلاق النار على مقرات الشرطة، والقاء الحجارة على مبنى بلدية الخليل وغيرها من المؤسسات في نابلس وبيت لحم ، والقيام بحرق الاطارات في الشوارع. حيث استغلت تلك القوى مع إسرائيل الفرصة للزج بالاطفال والشباب الهائج وغير الواعي لارتكاب اعمال مخلة بالمدن والقرى والمؤسسات والمصلحة الوطنية دون وجه حق.
لطالما حق التظاهر والاحتجاج مكفول، والاجهزة المختصة وخاصة الشرطة تعمل على سلامة المتظاهرين والمحتجين، ولم تتعرض لهم رغم كل الشعارات الاستفزازية المرفوعة والمنادى بها ضد الرئيس ورئيس الحكومة والقيادة السياسية عموما، لماذا اللجوء لاساليب خاطئة ولا تمثل روح الاحتجاج الوطنية؟ لماذا لم يميز بعض المحتجين بين الاحتجاج ضد الغلاء وسياسات الحكومة وبين الاحتجاجات ضد سلطات الاحتلال الاسرائيلية وجرائمها وانتهاكاتها؟ واين مصلحة الشعب في تكسير زجاج مبنى بلدية الخليل او سيارات الاطفاء او مصلحة المياة في بيت لحم او اطلاق النار ومحاولة اقتحام مقرات الشرطة والحرس الخاص؟ ما هي الحكمة في ذلك التوجه؟
الاحتجاج يهدف الى إيصال رسالة للقيادة السياسية ولرئاسة الحكومة ووزرائها، الرسالة وصلت منذ اعلنت القوى والنقابات والكتل الاجتماعية رغبتها بالاضراب والاعتصام ورفض السياسات والقرارات الحكومية المتعلقة برفع الاسعار للمحروقات والمواد الاساسية ، ومع ذلك لم يعترض احد على خروج الجماهير للشوارع والساحات والميادين لاعلان رفضها لما اعلن آنفا، ولكن الذي لم يفهم، ولم يكن مقبولا ولا مشروعا ور منطقيا، هو التخريب المتعمد من قبل البعض المغرض وغير الايجابي، والهادف الى تقويض مكانة السلطة والمؤسسات الفلسطينية لغاية في نفس يعقوب.
إحتجوا ما شئتم ، وإرفعوا الشعار، الذي تريدونه، ولكن دون تخريب او تدمير، لان البلد بلدنا، والمؤسسة مؤسستنا، والشارع والطرق طرقنا ولنا، وحمايتها واجب، لان اية خسارة ندفعها نحن جميعا من جيوبنا، من موازنة السلطة، ولا يدفعها لنا الآخرون. لذا حماية تلك المؤسسات والبنى التحية، هي حماية لمصالحنا الوطنية، وهي حماية لمؤسسات الدولة القادمة، دولتنا المستقلة، التي لابد من ان ترى النور قريبا شاءت إسرائيل ام ابت.
وفي السياق لا بد من كلمة واجبة للشباب (نساءا ورجالا ) الذين قاموا بتنظيف الشوارع ، وازالة آثار التخريب في العديد من المواقع، كل الاحترام والتقدير لهم، على جهودهم النبيلة والرائعة. لانهم بقدر ما شاركوا في الاحتجاجات مع اشقائهم ، بقدر ما كانوا حريصون على سلامة الوطن والمواطن، ونظافة المدينة والمخيم والقرية الفلسطينية.
فسلاما لهم جميعا، اولئك الذين تبرعوا دون ان يطلب منهم احد الشروع بتنظيف الطرقات والمواقع التي تعرضت للعبث والتخريب. ولعنة كبيرة على كل من حاول التخريب وتدمير مصالح الشعب مهما كانت صغيرة.
a.a.alrhman@gmail.com
والاحتجاجات الشعبية ، التي شهدتها الساحة الفلسطينية عموما وخاصة في محافظات ومدن الضفة الفلسطينية، باركها الرئيس محمود عباس، والقيادة السياسية والحكومة ايضا. واعلن قادة الشعب على المستويات المختلفة، ان الاحتجاجات مشروعة، وان ما تشهده الساحة من تداعيات نتاج إرتفاع اسعار المحروقات والسلع الاساسية والضريبة المضافة (التي اعادها مجلس الوزراء بالامس الى ما كانت عليه في شهر آب / اغسطس ) حق للمواطن. ولم تتخذ السلطات المعنية اي إجراء ضد الجماهير المحتجة على ارتفاع الاسعار، لا بل اعطت اوامرها للاجهزة المختصة بالتعامل بروح المسؤولية العالية مع المحتجين، وتأمين سلامتهم بغض النظر عن الشعارات السياسية او الاقتصادية، التي يرفعونها ضد السلطة ورموزها.
رغم ان القيادة والشعب والقوى السياسية والاجتماعية تعلم علم اليقين ان أُس الازمة كان ومازال يكمن في استمرار الاحتلال الاسرائيلي جاثما على الارض الفلسطينية، الذي كبل الاقتصاد الوطني بقيوده الجائرة، وحال دون نهوضه ومعافاته. وادراك الجميع ايضا ، ان استمرار اتفاقية باريس الاقتصادية، التي وقعتها قيادة منظمة التحرير في ابريل / نيسان 1994 (التي كان من المفترض ان تنتهي بانتهاء المرحلة الانتقالية عام 1999، ومدتها خمسة اعوام، لكن اسرائيل ، التي ضربت عرض الحائط بكل الاتفاقيات، مازالت تعتبر اتفاقية باريس الناظم للعلاقة بينها وبين السلطة) دون تغيير، والتي بدورها شكلت كابح ومعيق لتطور الاقتصاد الوطني نتيجة ربط الاقتصاد الفلسطيني بالغلاف الجمركي الاسرائيلي، وايضا ربط القيمة المضافة بذات القيمة المعمول بها في دولة الاحتلال والعدوان مع إستثناء متواضع بايجاد فرق لصالح السلطة يقدر ب 2%. مع ان هناك فرقا شاسعا بين دخل المواطن الفلسطيني ودخل الاسرائيلي يصل الى ثلاثين ضعفا. إلآ ان القيادة لم تعف نفسها من المسؤولية فيما آلت اليه الامور.
بالطبع هناك عوامل اخرى ذات صلة بالازمة منها، عدم وفاء الدول المانحة بالتزاماتها تجاه موازنة السلطة، فضلا عن الانقسام والانقلاب الاسود على الشرعية منذ اواسط 2007، كما دخلت على الخط الجماعات المافيوية في المدن والقرى الفلسطينية، تلك القوى التي تضررت من سيادة النظام والقانون، وجدت فرصتها وضالتها في الاحتجاجات لتقوم بصب الزيت على نار الاحتجاجات الشعبية، فقامت تلك الجماعات ومعهم انصار حركة حماس وخلاياها النائمة بدفع الامور الى مرحلة الاصطدام مع رجال الامن، والعبث بالمؤسسات من خلال اطلاق النار على مقرات الشرطة، والقاء الحجارة على مبنى بلدية الخليل وغيرها من المؤسسات في نابلس وبيت لحم ، والقيام بحرق الاطارات في الشوارع. حيث استغلت تلك القوى مع إسرائيل الفرصة للزج بالاطفال والشباب الهائج وغير الواعي لارتكاب اعمال مخلة بالمدن والقرى والمؤسسات والمصلحة الوطنية دون وجه حق.
لطالما حق التظاهر والاحتجاج مكفول، والاجهزة المختصة وخاصة الشرطة تعمل على سلامة المتظاهرين والمحتجين، ولم تتعرض لهم رغم كل الشعارات الاستفزازية المرفوعة والمنادى بها ضد الرئيس ورئيس الحكومة والقيادة السياسية عموما، لماذا اللجوء لاساليب خاطئة ولا تمثل روح الاحتجاج الوطنية؟ لماذا لم يميز بعض المحتجين بين الاحتجاج ضد الغلاء وسياسات الحكومة وبين الاحتجاجات ضد سلطات الاحتلال الاسرائيلية وجرائمها وانتهاكاتها؟ واين مصلحة الشعب في تكسير زجاج مبنى بلدية الخليل او سيارات الاطفاء او مصلحة المياة في بيت لحم او اطلاق النار ومحاولة اقتحام مقرات الشرطة والحرس الخاص؟ ما هي الحكمة في ذلك التوجه؟
الاحتجاج يهدف الى إيصال رسالة للقيادة السياسية ولرئاسة الحكومة ووزرائها، الرسالة وصلت منذ اعلنت القوى والنقابات والكتل الاجتماعية رغبتها بالاضراب والاعتصام ورفض السياسات والقرارات الحكومية المتعلقة برفع الاسعار للمحروقات والمواد الاساسية ، ومع ذلك لم يعترض احد على خروج الجماهير للشوارع والساحات والميادين لاعلان رفضها لما اعلن آنفا، ولكن الذي لم يفهم، ولم يكن مقبولا ولا مشروعا ور منطقيا، هو التخريب المتعمد من قبل البعض المغرض وغير الايجابي، والهادف الى تقويض مكانة السلطة والمؤسسات الفلسطينية لغاية في نفس يعقوب.
إحتجوا ما شئتم ، وإرفعوا الشعار، الذي تريدونه، ولكن دون تخريب او تدمير، لان البلد بلدنا، والمؤسسة مؤسستنا، والشارع والطرق طرقنا ولنا، وحمايتها واجب، لان اية خسارة ندفعها نحن جميعا من جيوبنا، من موازنة السلطة، ولا يدفعها لنا الآخرون. لذا حماية تلك المؤسسات والبنى التحية، هي حماية لمصالحنا الوطنية، وهي حماية لمؤسسات الدولة القادمة، دولتنا المستقلة، التي لابد من ان ترى النور قريبا شاءت إسرائيل ام ابت.
وفي السياق لا بد من كلمة واجبة للشباب (نساءا ورجالا ) الذين قاموا بتنظيف الشوارع ، وازالة آثار التخريب في العديد من المواقع، كل الاحترام والتقدير لهم، على جهودهم النبيلة والرائعة. لانهم بقدر ما شاركوا في الاحتجاجات مع اشقائهم ، بقدر ما كانوا حريصون على سلامة الوطن والمواطن، ونظافة المدينة والمخيم والقرية الفلسطينية.
فسلاما لهم جميعا، اولئك الذين تبرعوا دون ان يطلب منهم احد الشروع بتنظيف الطرقات والمواقع التي تعرضت للعبث والتخريب. ولعنة كبيرة على كل من حاول التخريب وتدمير مصالح الشعب مهما كانت صغيرة.
a.a.alrhman@gmail.com