من سيستوعب الدرس اولا - محمود ابو الهيجاء
توهمت الولايات المتحدة ان جماعة الاخوان المسلمين بوسعهم ضبط الشارع العربي والسيطرة عليه، كلما دعت الحاجة الى ذلك..!! وقد دعت الحاجة الى ذلك في الايام القليلة الماضية، لكن الاخوان (في مصر تحديدا) لم يستطيعوا، لا ضبط الشارع ولا حماية السفارة الاميركية الى جانب رجال الامن، حينما شكلوا طوقا ثانيا معهم لحماية السفارة من غضب الشارع المصري، الذي اشعله بداية مشجعو الاندية الكروية، الاهلي والزمالك، ضد الفيلم المسيء للرسول العربي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بل انهم لم يغيروا من المشهد شيئا حينما انسحبوا من مليونية الغضب الجمعة الماضية، في موقف سياسي براغماتي بحت، لايريد غير رضى الولايات المتحدة، فيما انبرى العديد من شيوخهم يتحدثون في خطبهم عن ضرورة «التعبير السلمي» عن الغضب وحرمة قتل السفراء شرعا..!! لسنا مع القتل طبعا، لكننا نريد ان نشير بهذا الاستدلال الى انتهازية الاخوان، وليس الى براغماتيتهم فحسب، وانهم ليس اكثر من جماعة سياسية محكومة بقوانين السلطة وقد باتوا اصحابها، ومن قوانينها اعتذار الرئيس المصري محمد مرسي، للرئيس الاميركي باراك اوباما، يوم امس، عما حدث ضد السفارة الاميركية في القاهرة...!!
وبقدر ما توهمت الولايات المتحدة ذلك عن الاخوان المسلمين، توهم الكثير من الناس عندنا، ان الجماعة، جماعة ربانية حقا وصدقوا شعاراتها العقائدية، هذه التي باتت تتبدل بالمنطق ذاته نحو ضرورات الحكم ومصالحه الامنية والسياسية اولا وقبل كل شيء.
وهكذا الجماعة ليست كما توهمتها الولايات المتحدة ولا كما توهم الكثير من الناس عندنا، واذا كنا نثق ان الصحوة الشعبية عندنا ستكون لا محالة، فإن الصحوة الاميركية هي التي ستظل عصية على التوقع او التحقق، ذلك لأن غطرسة القوة لا تنتج بصفة عامة غير الاوهام، لكن على الولايات المتحدة ان تدرك جيدا ان الفيلم المسيء، لم يكن غير الشرارة التي فجرت احتقان الشارع العربي ضد سياساتها، وعلى «الجماعة» ان تدرك من جهتها ان الشارع ليس لها تماما، والاهم انها ليست هي من يمثل الاسلام، وليست هي من يدافع حقا عنه اذا ما جد الجد، فها هو القرضاوي يدعو الى الابتعاد عن محاصرة السفارات وخيرت الشاطر يقول ان هذا الحصار غير مشروع ليبرر قنابل الغاز المسيلة للدموع لرجال الامن ضد المتظاهرين، فيما الجماهير لا ترى ذلك ابدا..!!
من سيستوعب الدرس ومن سيصحو من اوهامه اولا..؟؟ لا يبدو ان اميركا في وارد الصحو وهي تريد ارسال المارينز لحماية سفاراتها التي ستظل هدفا لغضب الشارع العربي طالما ظلت السياسات الاميركية منحازة للظلم والاحتلال والعدوان، نقول ذلك مع اننا نتمنى لها صحوة مجيدة، قبل اندلاع الفوضى الكبرى التي لن تبقي لها مصالح مستقرة هنا، والايام بيننا.