ناصر .. أين أنت؟! - محمود ابو الهيجاء
استوقفني خبر على شريط الانباء في احدى الفضائيات المصرية، مفاده ان رئيس الحكومة المصرية، هشام قنديل استقبل اسماعيل هنية وخالد مشعل، وبحث معهما التعاون الاقتصادي بين مصر وقطاع غزة ...!!!
كأن القطاع دولة كاملة السيادة، وكأن مصر بقنديلها باتت تضيء دورا جديدا لها، لا علاقة له بدور دولة الاقليم في المنطقة العربية، الدور الريادي والقيادي، والساعي او المفترض انه ساع لحماية الامن القومي، وتكريس حقائقه الجيوسياسية، ومنها وحدة المنطقة العربية وعلى الاقل من الناحية التاريخية والحضارية، وحقيقة المصير الواحد، لابنائها حتى وخرائط السياسة بكل تلاوينها الفكرية والحزبية والعاقائدية، ما زالت تفرق بين ابناء الامة الواحدة وكياناتهم السياسية التي جاءت بها اتفاقات سايكس بيكو البغيضة .
لا نتحدث هنا عن الوحدة العربية التي صارت من مستحثات التاريخ في لغة هذا العصر، بل نشير فقط الى ان من ضرورات الامن القومي ولمصر أولاً ان تكون فلسطين وحدة واحدة، والانقلاب الحمساوي الذي اختطف قطاع غزة لصالح وهم الامارة، لم يخلف غير الانقسام لفلسطين، وانقسام فلسطين هو انقسام للامة وتدمير للامن القومي العربي . نعرف ان الاخوان المسلمين ليسوا مع فكرة الامن القومي، ولا هم من دعاة الوحدة العربية، لكن الجغرافيا لها حقائقها التي لا يمكن للافكار والسياسات والعقائد الحزبية طمسها، مع ان جوهر الدين الاسلامي الحنيف هو جوهر وحدوي بكل تفاصيله، وهذا امر يطول شرحه لو اردنا ، ولو كانت المساحة كافية هنا .
على اية حال، نتأمل ان تراجع الشقيقة مصر هذا الموقف، وان تنتبه لخطورة التلاعب بوحدة فلسطين واهلها و شرعية قيادتها، وسنذكر ان محاولات ضرب التمثيل الذي هو لمنظمة التحرير الفلسطينية وحدها، باءت كلها بالفشل حتى التي قادتها دول عظمى وقوى كثيرة طالما كانت مؤثرة في القرار والمنطقة، لا نريد للشقيقة مصر هذا الدور التقسيمي وهذا التلاعب بوحدة فلسطين ، فلن يسجل هذا في تاريخها العربي المضيء ولا بأي شكل من الاشكال .ورحم الله جمال عبد الناصر.