الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

سؤال في حرية التعبير- أحمد دحبور

خلال الضجة العالمية التي أحدثتها زوبعة فيلم براءة المسلمين، وتهجمه على العرب والإسلام، لفت انتباهي نبأ عابر قصير، مفاده أن جماعة ألمانية متعصبة أعلنت تأييدها الحماسي للفيلم، وقررت عرضه كاملاً في إحدى المدن الألمانية، ولو تحقق هذا الوعيد لكان ذلك هو العرض الكامل الأول لهذا الشريط الاستفزازي، وقد غضبت المستشارة أنغيلا ميركل من هذا الإعلان.. ثم لا شيء!.. ذلك أن المعلقين قالوا إن المستشارة الألمانية قد ورطت نفسها في مفارقة قانونية، فهي ترفض الفيلم لأسباب تتعلق بالقيم ورفض استفزاز الآخرين،ولكنها لا تملك، قانوناً، حق منع الشريط، لأن قوانين حرية الرأي لا تسمح لأحد، حتى لو كان مستشارة ألمانيا، بالاعتراض على فيلم يتضمن وجهة نظر هي من حق صاحبها؟؟
والواقع أنه ما كان لهذا الخبر أن يحرك حتى الفضول في هذا المجتمع الذي ينزل حرية التعبير منزلة القداسة، وهو أمر يذكرنا بالأفلام الدنماركية المسيئة للإسلام ودفاع الحكومة الدنماركية عنها بدعوى الحق في حرية التعبير، وكذلك يذكرنا برواية سلمان رشدي «آيات شيطانية» التي كادت بريطانيا تعلن الحرب على إيران بسبب احتجاج الجمهورية الإسلامية على النيل من النبي، ازاء هذا السلوك في أوروبا، والغرب عموماً، يبدو من حق المراقب الموضوعي أن يتساءل عن التفسير الغربي لحرية الرأي، وهل يسري هذا التفسير على مجمل الحالات التي تتعلق بحرية التعبير؟ أم أنه لناس وناس؟ لقد قال هتلر ونظامه النازي ذات يوم بتفوق الجرمان عرقياً على الآخرين، وحق العرق الآري في المجال الحيوي الذي يسمح لألمانيا بغزو العالم.
ولأن الجنون النازي يمس بأوروبا.. رجل العالم الأبيض، فقد قامت القيامة، وما كان لها إلا أن تقوم، ولم تقل أوروبا يومها إن هذا الرأي المجنون يدخل في حيز حرية الرأي، بل إنها خاضت حرباً عالمية أودت بملايين البشر لأيقاف هذا «الرأي» ومنع انتشاره. وحين ارتكبت النازية مجازرها الشهيرة، وضع الغرب - أوروبا وأمريكا - قانوناً صريحاً بتجريم كل من يقول إن الضحايا اليهود في المجازر النازية كانوا أقل من ستة ملايين نسمة. فحق الإلحاد، بما هو رأي، حق مباح للغربي يستطيع أن يجهر به، لكن الانتقاص من رقم الملايين الستة، كان ولا يزال جريمة لاسامية؟ فهل كان هذا قانوناً ينتصر لحرية الرأي والتعبير أم يمتثل للقوى الضاغطة التي نشأت بعد الحرب العالمية؟ نطرح هذا السؤال مع الانحناء احتراماً للشهداء الذين أبادتهم النازية من يهود وغير يهود.
إن حرية الرأي والتعبير، بلا شك، من الأمور المقدسة في المجتمعات المتحضرة، ولكن السؤال يتعلق بكيفية استخدام هذه الحرية، إذ لا يجوز أن نعطي صاحب البندقية حق أن يستخدمها ضد أي كان في أي ظرف، وعلى هذا القياس لا يجوز لغيلان الإعلام الدولي أن تنتهك مقدسات أي دين ومعتقد، حتى لو كانت هذه الغيلان مزودة بأسنان الكترونية في المعلوماتية أو أسنان نووية في المجال العسكري، والدين المقصود بالاستهداف وحسب هذا السياق هو الإسلام الكريم، فهل شتم الإسلام يقع في حرية الرأي، وتجريم المتشكك في أحد الأرقام يعتبر مسألة قانونية؟ بينما يدخل النضال من أجل الحرية في خانة الإرهاب؟؟..
لقد كان من مسلمات الحضارة الإنسانية المتمدنة، أن الاعتداء على عقائد الآخرين هو كالاعتداء على الحياة أو المجتمع. ولكننا نتذكر بالضرورة والتشديد أن رد الفعل المتهور من شأنه أن يقلب الحق على رأس صاحبه، ولا سيما إذا كان صاحب الحق هو المعتدى عليه أساساً كما هو الأمر في قضيتنا.
إنه لمفزع حقاً أن يضطر شعب من الشعوب إلى تذكير العالم بهذه المسلمات، بعد ألف سنة من القانون الذي يقول بانتهاء الحرية الفردية عند ابتداء حرية الآخرين. ولكننا، بوصفنا من الشعوب المطالبة بالحرية، مطالبون بحفظ الدرس وتلقينه لمن يظنون تطاولهم على المعتقدات شكلاً من أشكال حرية التعبير.
لقد سال ويسيل حبر كثير في موضوع الفيلم سيئ السمعة. ولكن هذا الفيلم ليس إلا نبرة في جملة معلوماتية مكبرة. فقبل أن تخفت سيرة الفيلم - وأنى لها ذلك؟ - تبرع، كما نعلم، معتوهون فرنسيون بنشر صور كاريكاتورية تنال من شخصية الرسول الكريم. ومرة ثانية تتدخل بدعة حرية الرأي لتجيز تلك الرسوم، كأنما حرية الرأي هذه لا تستدعى إلا لحماية من يهاجمهم العنصري الغربي فيقف العدل على رأسه بدلاً من قدميه، ويتشكل معجم غير مدون يسمي الأشياء لا كما هي في الحقيقة، بل كما يريدها الرجل الأبيض.. رجل أبيض وآخرون ملونون.. فحسب هذه المعادلة قامت أمريكا على أشلاء الهنود الحمر، ويظل على دعاة العدل والديمقراطية والمساواة بين الشعوب أن يقولوا كلمتهم في هذا الهذر العنصري.

 
 


 
 
 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025