الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

ارحموا فتح- الدكتور عاطف أبو سيف


 ربما لأن فتح هي قبيلة الشعب الفلسطيني حقاً فإن قضاياها الداخلية تكاد تكون شأنناً فلسطينياً بامتياز ونقاشاتها الداخلية تجدها في الشارع فكل ما يجري في فتح هو قضية عامة.
وعلى خلاف كل التنظيمات الأخرى فإنه قد يجرى فيها انتخابات وتنتهي دون ان يعرف المواطنون من فاز ومن خسر أما حين يتعلق الأمر بفتح فإن كل مواطن ومواطنة في الشارع يهتم بالأمر ويكون له دور فيه سواء في النقاش أو وجهة النظر أو التدخل.
هذا لأن فتح هي حركة الجماهير ولأنها النواة المركزة للوطنية الفلسطينية وفي كل فلسطيني شيء من فتح بهذا المعني. وإذا كان هذا يعكس الحالة الفلسطينية بأنقي صورها فإن له قسطاً من السلبية على الحركة التي كان عليها أن تواجه أصعب المراحل وأشد المحن منذ نشأـتها وإطلاقها للعمل الفلسطيني المسلح.
وربما لم يكن هذا جديداً على فتح خاصة بعد ان أعيد مركزة صنع القرار الفتحوي والوطني في الجزء المتاح من أرض الوطن: في الضفة الغربية وقطاع غزة في النصف الثاني من عقد تسعينيات القرن الماضي مع إطلاق مشروع بناء السلطة الوطنية كنواة للدولة الوطنية المأمولة.
بلا شك واجهت فتح تحديات جسام تمخضت عنها جملة من الاحباطات وسوء التقدير المرتبط بحالة التشخيص وبالآمال العريضة التي رافقت مشروع التحرر الوطني، وفي كثير منها كانت فتح بحكنة ودراية تعيد ترتيب صفوفها كي لا يجد الفلسطيني نفسه خارج المعادلة. وهذا هو جوهر وسر الفكرة الفتحوية.
ومع التدافع في الأجيال وادماج قيادة التنظيم في الأرض المحتلة في أطر الحركة وهيئاتها التنظيمية أضحت فتح في مواجهة نوع جديد من التحديات يلزمها بإعادة موضعة علاقاتها الداخلية بما يكفل وحدة حال الحركة.
وبالطبع فإن النظام الداخلي للحركة هو الفيصل في كل خلاف يتعلق بقضايا فتح الداخلية وهو المرجع الذي ارتضي الكل الفتحوي أن يكون قاسمهم المشترك.
لست بصدد قراءة تطور مسيرة الحركة التنظيمية ولكن بيت القصيد من وراء ذلك هو أن النقاش والجدل الفتحوي الداخلي كان سمة فتحوية بامتياز وعكس حالة التفاعل الوطني الذي كانت فتح منذ لحظات تأسيسها الأولى عام 1958 "المحفز" الأساس فيه بالمفهوم الكيمائي.
ولكن مع اشتداد جملة التحديات التي تواجه الحركة خاصة بعد خسارتها للإنتخابات البلدية السابقة وللانتخابات التشريعية وقبل ذلك استشهاد الرمز ياسر عرفات وبعده إنقلاب حماس العسكري وسيطرتها على قطاع غزة بقوة السلاح وانحسار آفاق إنجاز مشروع التسوية السلمية والمامول منها المتمثل بإنشاء الدولة وإعادة طرح الأسئلة حول كنه المشروع وممكناته والادوات الواجب اتباعها، بعد كل ذلك كان يجب وقف حالة التدهور والتشاحن داخل الحركة ومنع الاصطفافات والاستزلامات والتجنح الذي لا يقود إلا لتمزيق اوصال الحركة وإعطاء صورة مشوشة عن قوة الحالة الفتحاوية.
وهذا الأمر بدوره ينعكس سلباً على ثقة الجماهير بها. هل يمكن لشخص ما أن يقنعني بأن ما يحدث في اختيار القوائم في نابلس والصراع المرير حول شرعية القوائم رغم حسم اللجنة المركزية في اجتماعها الأخير للأمر، لن ينعكس على ثقة الناخبين في المدينة بالحركة وبالتالي سيرتك أثراً سلبياً على ما ستحصل عليه الحركة.
لقد نجح المؤتمر السادس في إعادة موضعة العلاقات داخل الحركة حين تمكن ما كان يسمى بتنظيم الأرض المحتلة من إيجاد مواقع متقدمة في هيئات الحركة الأولى خاصة في اللجنة المركزية ويمكن أن يقال أن كل أفخاذ القبيلة وجدت لها موقعاً في مجلس العائلة بالمعني العشائري. وكان يمكن لذلك أن يبلور حركة أكثر صلابة.
إلا أن الأمر لم ينعكس على وحدة حال التنظيم الذي وجد نفسه مرة اخرى عرضة لحالات الاصطفاف وتعدد الشرعيات وتنوع المرجعيات. لقد سيطرت على البعض عقلية امراء الحرب في القبائل الإفريقية حيث لكل امير قطيع وله مزايا وامتيازات، وحيث يشكل فريقه الرأي الأصوب والشرعية الأكثر لمعاناً.
بالطبع تمكنت فتح في غزة من اجتراح المعجزة بالبقاء والصمود والتحدي بعد سيطرة حماس، وكان لحدث مثل مليونية الشهيد ياسر عرفات في الكتيبة أن يشكل نقطة فارقة في مستقبل غزة لكنه ظل ذكري جميلة عن قوة الرد الفتحوي. وتحمل التنظيم ما تحمل من اعتقالات ومطاردات ومداهمات وحظر غير معلن للفعاليات دون إسناد حقيقي وفاعل وظلت الجماهير ملتفة حوله لأنها تؤمن حقاً بوعود العاصفة بكلمات محمود درويش.
لقد ارتكز التنظيم بأقاليمه ومناطقه ومنظماته الجماهيرية والشعبية على فلسفة الحفاظ على حضور فتح ونجح رغم المعيقات التي وجدها في طريقه في ذلك وإن بصعوبة.
 لقد كان المحققون في أقبية التحقيق يستمرءون التشديد على نهاية فتح وكنا نسمع نكتاً من باب أن الله خلق العالم ثلاثة أيام يوم لفتح ويوم لحماس ويوم الآخرة إلى غير ذلك من الاهانات التي يقصد منها إيصال فتح لحالة اليأس. وفيما كانت جماهير الحركة وقيادتها الميدانية تصارع من أجل الحفاظ على فتح حية في الشارع كان البعض يجاهد من اجل الفوز بعضوية المركزية والثوري ولتحرق غزة بمن فيها.
وعانى التنظيم جراء ذلك من حالة الاصطفاف والاستزلام وكأنه أريد لغزة أن تعصب عينيها وتسير مثل القطيع خلف فلان أو فلان. وغزة التي أجهضت مشروع التوطين في الخمسينات وشكلت حالات المقاومة الأولى بعد النكبة ومن ثم
العمل المسلح المنظم لم يكن لها أن تكون "في جيبة" أحد إلا جيبة فتح وفلسطين. كان يمكن بدلاً من أن تكون غزة حقلاً للصراع الداخلي في فتح أن تكون ساحة الاشتباك اليومي من أجل استعادة وحدة الحال الوطنية.
ووصل الأمر حد الرد والتشهير اللاخلاقي والكاشف عن أمراض نفسية وطموحات متعفنة تضحي بمصلحة فتح امام الاصطفاف والاستزلامات التي استفاد منها قطيع وقطيع من مزايا مادية وتنظيمية مختلفة وخسرت منها فتح وقواعدها وعانت.
 لم يدافع أحد عن فكرة ولم يناقش مشروعاً.
 لقد وجد البعض في صفحات الانترنت التي يمتلكها شخصياً مثلاً او يمتلكها آخرون منابر للردح والشتم وعرض القضايا الشخصية ومناقشة قضايا التنظيم من وجهة نظرهم غير آبه بمصلحة الحركة. يا لبؤس فتح إذاَ حين تصبح المواقع المحسوبة عليها لا هم لها إلا نشر غسيل فتح.
أسر لي أكاديمي متخصص في الإعلام أنه قام بتحليل ما يسمي بالمحتوي الإعلامي لأحد هذه المواقع فكانت الكارثة. على افتراض أن لفتح معركتان تشكلان جوهر الخطاب الفتحوي: الأولى مع العدو بوصفه مركزاً الصراع والثانية صراع سياسي داخلي مع حماس.
 خلال شهر سبتمبر الماضي فإن أياً من هذين الموضعين لم يحظ بأكثر من 30 بالمائة من تغطية الموقع المذكور. في المقابل فإن عرض قضايا التنظيم والصراع الداخلي في فتح استولى على قرابة 57 بالمائة من تغطياته. بالمناسبة فإن هذه المواقع قامت بدور جليل في السابق في خدمة الحركة ووفرت منابر لها فيما مضى الى حين تم شراء ذممها
بالطبع من حق ابناء فتح أن يهتموا باخبارها وأنا استهللت مقالتي هذه بالتأكيد على أن شأن فتح هو شأن وطني بامتياز فما بالك حين يتعلق الأمر بأبناء فتح، لكن من غير الطبيعي أن تكون فتح أهون الناس في نظر أبنائها ويكون النقاش في شأن فتح والردح لأطر الحركة المختلقة من اللجنة المركزية حتى الهيئة القيادية في غزة والأقاليم هو هدف بحد ذاته، وفتح المنابر للقدح بالرئيس أبو مازن في الوقت الذي يخوض معركة تتوجب الاصطفاف خلف مطالبها الوطنية في وجه تهديدات ليبرمان على الاقل، هذا ما تفرضه الأخلاق ناهيك عن المسلكية الفتحاوية والمصلحة الوطنية على أقل ثاني.
فاللجنة القيادية في غزة لا تكون سليمة إلا إذا كان فيها فلان وعلان أو إذا استشير فلان وعلان، والأقاليم الجديدة ليست أصيلة لأن فلان ابن فلان وعمر صاحب زيد ليسوا فيها.
 وهذا منطق أعوج. صحيح أن الانتخابات هي الأصل في الاحتكام لاختيار الهيئات التنظيمية لكن ذات النظام الذي قال ذلك فوض اللجنة المركزية حق التعين متى رأت ذلك.
ومن طالب بالتجديد عليه أن يؤمن به سنة وليس مصلحة شخصية.
أنا ممن يقولون أن كل اجتهاد به نصيب من الخطأ ولكن المحزن والمؤلم أن من يكيليون التهم والشتائم على منابر الانترنت المختلفة هم من أصحاب المصالح الشخصية. بمعني لو كان فلان مسؤلاً للحركة لكان الأمر طبيعياً ولو لم يكن فلان في اللجنة القيادية لكانت افضل.
لم اسمع أحداً يناقش في البرامج والرؤية وتطابق ما يتم من استنهاض وإعادة بناء في أطر الحركة مع احتياجاتها. الأقاليم الجديدة فيها مزج واضح بين الجيل الأول والجيل الثاني والثالث بين الأسرى المحرريين وكوادر الشبيبة السابقين، بين المرأة والرجل. والأمر ليس انتقاصاً من الأقاليم السابقة وممن كانوا فيها بقدر كونه بحث عن سبل إعادة استنهاض الحركة وترتيب امورها الداخلية.
وشهدت الهيئات القيادية السابقة حالات استبدال للأقاليم تأسست على إعفاء لجان أقاليم كاملة ولم تقم الدنيا ولم تقعد. كما أن المجالس الحركية (الاستشارية) التي تم تشكيلها خلقت حراكاً واسعاً في التنظيم وعملت على ضم أكبر قدر ممكن من كوادر الحركة لعملية تطوير القرار التنظيمي وبنائه واتخاذه.
وفيما يرى أبناء الحركة في القواعد التنظيمية فوائد كل ذلك ويدافعون عنه فإن ثمة من يجند نفسه في معارك غير أخلاقية ويبرع في الدفاع عن مواقف غير حركية، وثمة أصحاب مصالح وثمة من نذروا أنفسهم خدماً في بلاط الآخرين. والخاسر الأكبر في ذلك فتح. والمحزن أن هذا الصراع المزعوم يدور على صفحات النت وليس كما يشاع على الأرض ليس لأن ما تم يعبر مائة بالمائة عن تقديرات الكادر ولكن لأن ثمة اجتهاد يستحق التقدير وليس الرد حالإعلامي إلا لإعادة الصراع في الحركة بين محاور لم تعد موجودة ولم يعد موجوداً إلا فتح.
لقد عانت فتح في غزة لسنوات بعد الانقلاب من ممارسات سيئة بحقها من قطع الرواتب إلى وقف التطور الوظيفي لإبناء غزة في مؤسسات السلطة إلى الاجحاف الممارس بحق قطاعات مختلفة من أبناء القطاع مثل منتسبي الأجهزة الأمنية 2005 وشركة بحر والعقود الخاصة وووو وقائمة طويلة ولم يجد هؤلاء أحداً يدافع عن حقوقهم بل إن قطع الرواتب كان يتم على أيدي ابناء غزة الجالسين في مكاتب فارهة في رام الله.
لم نر أحداً أضرب عن الطعام أو علق عضويته في المركزية أو المجلس الثوري أو المجلس التشريعي احتجاجاً على هذا الإجحاف.
كما لم تشكل هذه الازمات محوراً للنقاش والرأي العام بمبادرات قيادية لولا نضالات المتضررين في غزة خاصة ابناء تفريغات 2005 واستبسالهم البطولي في وضع قضيتهم دائماً على طاولة النقاش، لولا ذلك لمات كل شيء. علما بان 80 %  من شهداء الانقلاب هم تفريغات.
ولم تتوقف معاناة غزة بالمطلق إذ بقيت أكثر ساحة تشهد تجاذبات وصراعات لأن هناك من يريد أن تظل غزة عاجزة عن النهوض والوقوف دون الإدراك بأن غزة تشكل جبهة اشتباك يومي مع الإنقسام كما مع الاحتلال أولا. إن من يريد مصلحة فتح لا يعرض غسليها
على أحبال الجيران ولا يجعلها لقمة سهلة في فم الآخرين في خدمة مجانية لخصوم الحركة. المضحك بأن ثمة من لديهم أوقات فراغ مملة على ما يبدو يقضونها في كتابة المقالات الركيكية سواء على صيعد اللغة او الصياغة أو المحتوي وتوزيعها على المواقع والقوائم البريدية من باب "خوذوهم بالصوت"، وهو وقت كان يمكن استثماره في تطوير أفكار خلاقة ومبدعة تخرج الحركة من النفق المظلم. ففتح في غزة تدفع فاتورة 17 عاماً من الاستزلام والتجنح والاستقطاعات الأميرية والسلطانية الخاصة بفلان وعلان، وحان الوقت للقول بأن هذا الزمن قد انتهي وأن ثمة حاجة لتعود فتح في غزة لفتح فقط وان من يريد لها أن تكون لفلان أو علان فهو يسيء فهم حكمة الشعوب وإراداتها، فالمرء سييء التقدير الذي يقف على الضفة الخاطئة من التاريخ. ارحموا فتح من هذا التمزق والتشتت.
 إن من يريد الخير لفتح لا يفعل هذا ويعمل على تعزيز وحدة حال الحركة.
في قول مأثور لغاندي "لطالما لم أكن ارغب بتعلم الشطرنج لسبب لم يفهمه اصدقائي سابقاً. وفهموه الآن وهو .. أنني لا أريد أن اقتل جيش وجنودي وكل ما على أرض الشطرنج كي يحيا الملك"!!!.

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025