النواقص- فؤاد ابو حجلة
لو كان بمقدوري كتابة النص الدرامي لوضعت قصة وسيناريو لمسلسل يبز الجوارح والكواسر وكل الأعمال المصنفة في هذه الفئة من المسلسلات التي حازت على أعداد مشاهدة غير مسبوقة على الشاشة العربية.
أرغب حقا في الكتابة عن النواقص، ولا أعني هنا ما ينقص العمل أو الحياة لكنني أصف مجموعة من الأشخاص الناقصين الذين يفاخرون بوقاحتهم وغبائهم في العواصم العربية، ويعيشون سياسيا على ارضية كراهيتهم المعلنة للفلسطينيين.
أعرف الكثيرين من هؤلاء النواقص ومنهم ضابط في دولة عربية كان يستمتع بشتم أصلي وكأنه ينتقم لنفسه من الظروف القاسية التي مكنته من وظيفة خطيرة ولم تساعده على العثور على أصله.. لم يكن الضابط متيقنا إن كان عربيا أم فارسيا أم بلوشيا، لكنه كان واثقا من كراهيته للانسان الفلسطيني.
في الواقع مأساة الضابط أعمق من ذلك فهو يحمل اسما رباعيا مثل كل المواطنين لكنه يعرف في قرارة نفسه أن هذا الاسم الممنوح من الدولة لأبناء دور الرعاية الاجتماعية لا يعني اثبات النسب، ولا يساعده في التعرف على الهوية الحقيقية لأبيه.
بالطبع هناك نواقص, كثيرون منتشرون في الشوارع والمدارس والشركات والوزارات وحتى في المستشفيات ومن هؤلاء جراح موتور يعميه حقده على الفلسطيني وترتجف يده ويفشل في الجراحة، ومعلمة صف تقرر مقاطعة الزيتون على الافطار او العشاء لأنه مرتبط بفلسطين، وتحرص على بشرتها العابقة بسواد الكراهية فتدهن وجهها بزيت عباد الشمس، وسائق سيارة Bجرة يعميه الحقد على الفلسطيني لأن اسياده قالوا له إن الفلسطيني هو سبب تعبه وجوعه، فلا يمر يوم دون أن يصدم سورا أو عربة كارو أو سيارة اخرى يقودها انسان طبيعي.
النماذج كثيرة ومتعددة، لكن أخطر النواقص هم اؤلئك المتدثرون بالأيدولوجيا، ومنهم معتوه ينظر في الماركسية وينهق بكراهية شعب بأكمله، وآخر يرفع صوته بالهتاف لوحدة الأمة ويعلو صوته أكثر في ترديده لشعار النواقص الخالد “فلسطيني ما بدنا نشوف”.
النواقص ليسوا يساريين وقوميين فقط فهناك نواقص اسلاميون يتصارعون في اطار الجماعة ويصارعون من أجل ابعاد الاخوان ذوي الاصول الفلسطينية عن مواقع القيادة، ويصلون الجماعة في صفوف متباعدة!
النواقص كثيرون، ويستحقون مسلسلا يقدم واقعهم ورؤاهم العبقرية، فهل ينتبه اليهم منتج تلفزيوني ناقص؟