غزة والقدس- حافظ البرغوثي
تسير حركة حماس حثيثاً نحو الانفصال المادي والمعنوي عن جذرها الفلسطيني لتتحول إلى فرع لجماعة الاخوان في مصر.. وفي سبيل ذلك بدأت منذ تسلم الاخوان للحكم في مصر خطوات لتجسيد الانفصال ليس عن السلطة والضفة بل عن تنظيمها الفلسطيني. وقد لاحظت ذلك عملياً في مهرجان الأسرى بعد صفقة شاليط في 22/10 من العام الماضي حيث تم تغييب خالد مشعل نهائياً عن المهرجان وكأنه لم يكن وكتبت في ذلك التاريخ مقالة بعنوان «اطفاء مشعل» وحالياً تحاول حماس غزة الفكاك من أية شخوص في قيادتها من الضفة سواء خالد مشعل السلوادي أو محمد نزال أو العاروري وغيرهم وصولاً إلى أحمد الجعبري الخليلي المقيم في غزة منذ جدوده.
فحماس غزة عملياً تتحول إلى حزب مناطقي صغير وتريد من جناحها في الضفة أن يتحول هو الآخر إلى حزب مناطقي يتجه إلى اخوان الأردن فيما هي تتجه إلى اخوان مصر طالما أن الجميع لهم مرشد واحد مقيم في القاهرة..
وليس مهماً أن تنضم غزة إلى مصر أو إلى باكستان طالما أنها تنضم إلى بلد إسلامي باعتبار أن الضفة لم تدخل الإسلام بعد. ولعل انقياد حماس للمرشد في القاهرة وتدخله المباشر في تركيبة قيادتها وصياغة مواقفها ينبع من فهمها ذاك وارادت استغلال الفرصة بفتح الحدود واقامة منطقة حرة وكأنها تحلق بعيداً عن الوطن الفلسطيني لأسباب حزبية فقط. وقد اتخذ بعضنا في الضفة من خطوات حماس هذه مبرراً لكي يطالب في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية بالانفصال عن غزة ووقف الرواتب وتموين الشؤون والصحة والتربية هناك وهذا لعمري ما تطالب به حماس..
قد يكون هذا له أثر فاعل ومزلزل على حماس لو اتخذ في الأسابيع الأولى لانقلابها الأسود قبل أن تنزع السلاح وقبل أن تحكم قبضتها على شعبنا بالقمع والقتل والسجن إذ كان ذلك كافياً لافشال انقلابها خلال شهر واحد.. لكن الآن لا يمكن تطبيق مثل هذا الأمر لأن فيه تنفيذا للمخطط الإسرائيلي بالانسحاب الأحادي من غزة وتصديرها لمصر وفيه تشجيع لإسرائيل لكي تكرر الانسحاب الأحادي من الضفة مع احتفاظها بثلثي الأراضي، وفيه أيضاً تأييد لمخطط حماس الانفصالي. فالكل يريد تخريب البيت الفلسطيني بيده وكأن الشعور الوطني الجامع قد تلاشى تحت وطأة قسوة العيش وبعد المسافات.
إن غزة في هذه الحالة مثلها مثل القدس فانفصال حماس لا يعني انفصال غزة بل من واجبنا وان أدارت حماس ظهرها للمصالحة وللضفة ككل التمسك بغزة كما نتمسك بالقدس.