الشباب في الانتخابات البلدية - د. صبري صيدم
بعيدا عن حمى التنافس بين القوائم الانتخابية على امتداد الضفة الغربية، نتوقف جميعا وفي خضم الربيع العربي وبعد ما مارسه الشباب العربي من تغيير وتأثير في عواصم شتى، لنلقي نظرة سريعة على مشاركة الشباب في القوائم الانتخابية البلدية. وهنا أتحدث بالتحديد عن الفئة العمرية 20-25 عاما.
إذ تشير أرقام لجنة الانتخابات المركزية إلى أن أصغر المرشحين سنا يبلغ 25 عاما وأكبرهم 78 عاما، أما متوسط الأعمار فيبلغ 42 عاما، ما يعكس غيابا واضحا للفئة العمرية المذكورة ويعكس فعليا أحد أمرين: إما عزوف تلك الفئة عن الترشح، أو استثناءها من قبل جهات الترشيح في بحث واضح عن مراضاة تستند إلى اعتبارات جهوية أو فصائلية أو حتى عشائرية.
جهات الترشيح ربما ذهبت باتجاه من أمضوا عقودا في العمل فعرفهم الناس وخبروا تجاربهم أو اختيار من راكموا قدرا من الحراك الكبير في المجتمع، فيسهل طرحهم كمرشحين يعرفهم الناس على حساب شباب مغمور.
وبما أننا لا نعيش زمن الأنبياء الصالحين وآخذين بعين الاعتبار العدمية السائدة في حياتنا وغياب الإجماع على الأشخاص، فإن ترشيح المعروفين مجتمعين والإقصاء الكبير للفئة العمرية المشار إليها ربما يعود بالأثر العكسي على جهات الترشيح والقوائم ذاتها.
قضية أخرى خطرت على البال في خضم حديث مهم جرى قبل ساعات في ورشة عمل حول موائمة الخريجين لسوق العمل نظمها الصندوق الفلسطيني للتشغيل والحماية الاجتماعية، تمحورت حول الشعارات التي يرفعها المرشحون وتخص الشباب وادعائهم بالحد من بطالتهم في البلديات، بشكل يدعو للضحك، فكيف لأبطال الشعارات مواجهة ما طرحه مثلا الجهاز المركزي للإحصاء خلال مجريات تلك الورشة؟.
إذ تقول الأرقام بأن متوسط عدد الخريجين سنويا يصل إلى 32 ألف خريج، بقي منهم العام المنصرم ما نسبته 46% عاطل عن العمل، الأمر الذي راكم معدلا للبطالة وصل إلى حوالي 21% من الخريجين، أي بواقع ربع مليون عاطل عن العمل من حجم المؤهلين والقادرين على دخول السوق.
أما المرأة فحدث ولا حرج، فقد انحصرت مشاركتها بسوق العمل بـ18%، من الخريجات، في مؤشر يدعو للحزن الشديد على واقع الشباب الذي تصدر شعارات المرشحين والفصائل لكنه وصل إلى ذيل خططهم التنفيذية.
الحقيقة أننا نواجه، وفي كل يوم يمر، تراكما كبيرا للشعارات وتراجعا أكبر للتطبيق، ما ينذر بظواهر سندفع ثمنها سياسيا واجتماعيا.
إن الجائع والمعال والمتوكل على الله بفقره وقهره لن يبقى صامتا مدى الدهر، فإما أن نفعل نحن ما نقول ويقوله مرشحونا حال فوزهم، أو يفعل هذا القاعد ما يراه هو من حق واستحقاق.
لذا وجب الحذر من الإفراط في الشعارات والأوهام، ويجب المسارعة حكوميا ومجتمعيا نحو خطوات عملية تنقذ الموقف وتطرح خطة شاملة للتشغيل وتوجيه الجامعات تجاه موائمة التعليم لاحتياجات السوق، وتشجيع مفهوم التعليم المهني والتقني، وتوحيد مرجعياته، واعتباره إلزاميا، وحصر منح التعليم المقدمة من الحكومة أو المانحين بتغطية تكاليف الانتساب لاختصاصات تتناسب واحتياج السوق، ناهيكم عن الحاجة للاهتمام بميولات الطلبة في المرحلة المدرسية، وتحضيرهم لدراسة ما يتناسب واحتياجات البلد، إضافة إلى ضرورة تحفيز الريادة والمبادرة والابتكار، حتى ولو وصل الأمر لاتخاذ خطوات تحفيزية وتشجيعية غير مسبوقة تسهل الإقراض والتمويل والتدريب والإعداد.
إن التغني بالشباب وقدراتهم دونما فعل ربما يكون نافعا اليوم، لكنه لن ينفع غدا وسنقف جميعا متفرجين مذهولين أمام حجم غضب هؤلاء ذات يوم.. ومن لا يصدق بأن الغضب قادم فعليه مراجعة أرقام الجهاز المركزي للإحصاء، وسنرى عندها إذا ما كان أبطال الخطاب من المرشحين والمسؤولين سيحتملون ذهولهم واستغرابهم!.
zaإذ تشير أرقام لجنة الانتخابات المركزية إلى أن أصغر المرشحين سنا يبلغ 25 عاما وأكبرهم 78 عاما، أما متوسط الأعمار فيبلغ 42 عاما، ما يعكس غيابا واضحا للفئة العمرية المذكورة ويعكس فعليا أحد أمرين: إما عزوف تلك الفئة عن الترشح، أو استثناءها من قبل جهات الترشيح في بحث واضح عن مراضاة تستند إلى اعتبارات جهوية أو فصائلية أو حتى عشائرية.
جهات الترشيح ربما ذهبت باتجاه من أمضوا عقودا في العمل فعرفهم الناس وخبروا تجاربهم أو اختيار من راكموا قدرا من الحراك الكبير في المجتمع، فيسهل طرحهم كمرشحين يعرفهم الناس على حساب شباب مغمور.
وبما أننا لا نعيش زمن الأنبياء الصالحين وآخذين بعين الاعتبار العدمية السائدة في حياتنا وغياب الإجماع على الأشخاص، فإن ترشيح المعروفين مجتمعين والإقصاء الكبير للفئة العمرية المشار إليها ربما يعود بالأثر العكسي على جهات الترشيح والقوائم ذاتها.
قضية أخرى خطرت على البال في خضم حديث مهم جرى قبل ساعات في ورشة عمل حول موائمة الخريجين لسوق العمل نظمها الصندوق الفلسطيني للتشغيل والحماية الاجتماعية، تمحورت حول الشعارات التي يرفعها المرشحون وتخص الشباب وادعائهم بالحد من بطالتهم في البلديات، بشكل يدعو للضحك، فكيف لأبطال الشعارات مواجهة ما طرحه مثلا الجهاز المركزي للإحصاء خلال مجريات تلك الورشة؟.
إذ تقول الأرقام بأن متوسط عدد الخريجين سنويا يصل إلى 32 ألف خريج، بقي منهم العام المنصرم ما نسبته 46% عاطل عن العمل، الأمر الذي راكم معدلا للبطالة وصل إلى حوالي 21% من الخريجين، أي بواقع ربع مليون عاطل عن العمل من حجم المؤهلين والقادرين على دخول السوق.
أما المرأة فحدث ولا حرج، فقد انحصرت مشاركتها بسوق العمل بـ18%، من الخريجات، في مؤشر يدعو للحزن الشديد على واقع الشباب الذي تصدر شعارات المرشحين والفصائل لكنه وصل إلى ذيل خططهم التنفيذية.
الحقيقة أننا نواجه، وفي كل يوم يمر، تراكما كبيرا للشعارات وتراجعا أكبر للتطبيق، ما ينذر بظواهر سندفع ثمنها سياسيا واجتماعيا.
إن الجائع والمعال والمتوكل على الله بفقره وقهره لن يبقى صامتا مدى الدهر، فإما أن نفعل نحن ما نقول ويقوله مرشحونا حال فوزهم، أو يفعل هذا القاعد ما يراه هو من حق واستحقاق.
لذا وجب الحذر من الإفراط في الشعارات والأوهام، ويجب المسارعة حكوميا ومجتمعيا نحو خطوات عملية تنقذ الموقف وتطرح خطة شاملة للتشغيل وتوجيه الجامعات تجاه موائمة التعليم لاحتياجات السوق، وتشجيع مفهوم التعليم المهني والتقني، وتوحيد مرجعياته، واعتباره إلزاميا، وحصر منح التعليم المقدمة من الحكومة أو المانحين بتغطية تكاليف الانتساب لاختصاصات تتناسب واحتياج السوق، ناهيكم عن الحاجة للاهتمام بميولات الطلبة في المرحلة المدرسية، وتحضيرهم لدراسة ما يتناسب واحتياجات البلد، إضافة إلى ضرورة تحفيز الريادة والمبادرة والابتكار، حتى ولو وصل الأمر لاتخاذ خطوات تحفيزية وتشجيعية غير مسبوقة تسهل الإقراض والتمويل والتدريب والإعداد.
إن التغني بالشباب وقدراتهم دونما فعل ربما يكون نافعا اليوم، لكنه لن ينفع غدا وسنقف جميعا متفرجين مذهولين أمام حجم غضب هؤلاء ذات يوم.. ومن لا يصدق بأن الغضب قادم فعليه مراجعة أرقام الجهاز المركزي للإحصاء، وسنرى عندها إذا ما كان أبطال الخطاب من المرشحين والمسؤولين سيحتملون ذهولهم واستغرابهم!.