لماذا كل هذه السهام ضد المنظمة؟- يحيى رباح
الإعلامية الجميلة "ملك جعفر" أجرت لقاء مع الدكتور محمود الزهار على فضائية الـ b.b.c بالعربية, وكان اللقاء مثيرا للغاية, لأن الدكتور الزهار كان مرتبكا طيلة الوقت, لأنه لم يستطع تمرير ما يريد قوله بسبب الذكاء والمهنية العالية التي تتمتع بها هذه الإعلامية اللامعة.
ولكن الشيء اللافت للنظر, هذه العداوة التي يكبتها محمود الزهار لمنظمة التحرير بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني, وأن المحاولات الخارقة التي بذلتها إسرائيل طيلة عقود لضرب القوة التمثيلية للمنظمة باءت جميعها بالفشل, ما اضطر حكومة إسرائيل بعد إنكار عنيد استمر ثلاثين عاما, أن تعترف بالمنظمة وتوقع معها اتفاقا كبيرا شهد عليه العالم, ونفس الشيء جرى مع الولايات المتحدة الأميركية التي أعلن مستشار أمنها القومي "بيرجنسلي " عام 1985 قطيعة مطلقة مع منظمة التحرير, حين قال باي باي "p.l.o" , ولكن أميركا اضطرت للتفاوض معها في العام 1988, وأن تتفاوض معها في مؤتمر مدريد للسلام, وأن ترعى مفاوضاتها مع إسرائيل في كامب ديفيد وبقية المحطات الأخرى.
في اللقاء التلفزيوني الذي جرى مع الدكتور محمود الزهار على شاشة الـ b.b.c , ادعى أن الرئيسي ياسر عرفات " أبو عمار" ومحمود عباس " أبو مازن " حولا منظمة التحرير إلى كيان سياسي يساعد إسرائيل, لا احد يلوم الدكتور محمود الزهار خاصة في سنوات الكفاح المسلح البطولي للشعب الفلسطيني حين صعدت منظمة التحرير لتكون الرقم الأصعب في معادلة الشرق الأوسط, لأنه لم يكن جزءا من ذلك النضال البطولي, ونحن لا يمكن أن نسأله عن شيء لم يكن له به أدنى صلة على الإطلاق, بل كان يقف ضد ذلك الكفاح البطولي على طول الخط.
ولكن السؤال هو: هل يعرف الدكتور محمود الزهار ولو بالحد الأدنى من المعرفة إلى أي مدى صعدت وتطورت منظمة التحرير الفلسطينية في ظل قيادة الرئيس الرمز الخالد ياسر عرفات, وفي ظل قيادة خليفته الوفي الأمين أبو مازن, الذي رأيناه على منصة الجمعية العامة قبل أيام, وفي مثل هذا الموعد في العام الماضي, وممثلو الدول يصفقون له وقوفا, ويعطونه أصواتهم طلبا لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة؟
ماذا فعلت لصالح المنظمة يا دكتور محمود الزهار وأنت الذي أنكرتها وبقيت خارج الفناء ترشقها بالحجارة, وها أنت اليوم بعد كل هذه السنوات باق على حالك تشارك في الغارات المتكررة التي تحاول الانتقاص من القوة التمثيلية العالية لمنظمة التحرير الفلسطينية ثم, لماذا كل هذه السهام المسمومة الموجهة إلى قلب منظمة التحرير الفلسطينية؟ ومن المستفيد؟ ألا تكفي مصائب الانقسام؟ ألا تكفي مؤامرات وتهديدات واعتداءات نتنياهو وليبرمان وائتلافهما المكون من ذئاب التطرف والعنصرية الصهيونية؟.
في هذا اللقاء الذي أجرته الإعلامية اللامعة والجريئة, ظهر الدكتور الزهار كما لو أنه لا يستطيع السيطرة على نفسه, ولا يتبصر ما الذي يقوله قبل أن ينطق به, فظهر كما لو أن عداوته وكراهيته لمنظمة التحرير وقيادتها الشرعية هي عداوة شخصية, وكراهية ذاتية, وأنه ليس قادرا على كبحها والسيطرة عليها, وهذا يكشف أن العلاقات الداخلية في حماس لا تزال مستعصية, وتعبر عن نفسها بهذا القدر من التوتر, وهذا يكشف أيضا أن المأزومين داخل تنظيماتهم وفصائلهم لا يجدون ما ينفسون به عن أنفسهم سوى إطلاق نيران الكراهية والحقد ضد المنظمة وقيادتها, وهذه أصبحت عادة متفشية في ساحتنا الفلسطينية, وكأن المنظمة أصبحت بالنسبة لهم هي التناقض الرئيسي, وهي العدو الأصلي, وهي الهاجس والكابوس, وهذه مشاعر وغرائز بدائية لا يجب أن تكون موجودة عند من يحترفون السياسة والعمل العام على وجه الخصوص.
سبق لمنظمة التحرير أن واجهت مثل هذه الموجات من السهام المسمومة, المنظمة بقيت, وبرنامجها هو البرنامج الوطني الاجماعي, وحلمها المقدس بالدولة المستقلة هو حلم شعبنا, ونحن اليوم تحت عنوان المنظمة نخوض ذروة الاشتباك السياسي, ولدينا في هذا الاشتباك السياسي العنيف ما نقوله, وما نفعله, وما نهتم به, ولن يجعلنا أحد نلتفت إلى ردات الأفعال العارضة, وموجات الكراهية الفردية.
Yhya_rabahpress@hotmail.com
Yhya_rabahpress@yahoo.com