تشابه أسماء- فؤاد ابو حجلة
أعجبتني ملاحظة نشرها الصديق عصام حجاوي على صفحته على الفيسبوك وقال فيها: ليس كل من يطلق عليهم رجال هم فعلا رجال، فكلمة الطير تجمع بين الصقر والدجاجة.
هذا صحيح تماما في الحياة العربية التي تتقدم فيها اللغة على الواقع، وتتشكل فيها الهويات تبعا للمنطوق وليس احتكاما للفعل، سواء على المستوى الفردي أو في سياق وصف القوى والكتل الاجتماعية والسياسية.
ليس كل ذكر رجلا حقيقيا فالجبان الذي يضرب زوجته ويخنع لسلطة المال أو الأمن أو العرف الاجتماعي الخاطئ ليس رجلا بالمعنى الفروسي للكلمة، والجيش الذي يختصر دوره ومهماته في المشاركة بالاستعراضات العسكرية الرسمية ليس جيشا وطنيا، والحكومة التي تنتظر التوجيهات من الخارج ليست صاحبة ولاية ولا ينبغي أن تحدد مسار حياة الناس ومصائرهم.
الدجاجة طير والصقر أيضا، وراقصة الباليه والأرملة السوداء (أنثى العنكبوت) تحملان لقب «أنثى»، والمناضل الذي يتحدى القمع والجاسوس الذي يحمل السلاح لاسقاط بلده يصنفان تحت عنوان «المقاومة».
تشابه الأسماء مشكلة كبيرة في الحياة العربية، ولا أعتقد أن تجاوزها سهل في خضم حالة الفوضى الخلاقة التي تعيشها المنطقة بقرار أمريكي يجد أدوات عربية جاهزة لتنفيذه بدقة مثيرة للاعجاب.
وفي هذا التشابه يصير كائن ضعيف في بلد هامشي رئيسا يحمل ذات التسمية التي حملها عبد الناصر وصدام حسين. وفي هذا السياق أيضا تصبح امرأة مهمومة بمواعيد مهرجانات التسوق سيدة أولى ينبغي أن تحظى بالاحترام الذي حظيت به تحية.
لكن هذا التشابه، وعلى الرغم مما يخلق من التباس وحيرة لا يرقى الى خطورة نوع آخر من التشابه وهو التشابه في الأفعال، خاصة عندما ينقلب المرء على ذاته ليشبه نقيضه ويتحول الى نسخة كربونية باهتة عمن سبقه في الموقع.
رأيت هذا التشابه في مؤسسات كثيرة عملت فيها، وكان تشابها مثيرا للحزن وللشفقة على من يرتضون مسح البصمات عن أصابعهم وارتداء قفازات أكبر حجما من أيديهم.
وأرى هذا التشابه الآن في مركز صنع القرار في عواصم الربيع العربي التي ثارت على الطغاة ولم تخرج من عباءاتهم.