خارج التغطية- فؤاد أبو حجلة
رغم وجودي حاليا خارج جغرافيا طقوس العيد أو خارج التغطية كما يقول صديقي وزميلي معتصم المصري الا أنني تعمدت استحضار الأعراض الجانبية لهذه العطلة الطويلة في البلاد.
كنت أصحو من النوم متأخرا رغم اضطراري للدوام حيث لا عطلة لنا في لندن، وكنت احلق ذقني كل صباح رغم انتفاء الحاجة الى ذلك، وكنت ارتدي ملابس أنيقة رغم ما يوفره الجينز من راحة وسهولة في الحركة.
من الأعراض الجانبية أيضا مقاطعة نشرات الأخبار في التلفزيون والتوقف عن شراء الصحف رغم وفرتها، وقضاء أوقات طويلة وغير ممتعة في الحديث عن مزايا التآلف الأسري وضرورة صلة الرحم في الأيام المباركة وكأن الاسرة لا تكون أولوية للانسان الا في العيد وكأن صلة الرحم مفروضة أو مستحبة في أربعة أيام فقط !
لم أعرف شيئا عما جرى في البلاد خلال أيام أيام العيد وكدت أفقد صلتي بالواقع كما اقتربت من نسيان المفردات المألوفة في حياتنا السياسية الوهمية مثل النظام (وهمي) والمعارضة (موهومة) والسلام (توصيف افتراضي لشيء لا يتحقق أبدا) والصراع (تزوير للواقع القائم على الفعل من طرف واحد). لكن أكثر ما افتقدته خلال عزلتي الاختيارية هو موقف المجتمع الدولي الذي يجيد الحديث المسهب عنه مذيعون ومذيعات يخفون وجوههم وراء كميات كبيرة من المساحيق ومحللون سياسيون ومفكرون عرب كبار يخفون عمالتهم وارتباطهم بالمشروع الاستيطاني وراء مصطلحات كبيرة وتسميات ذات هيبة بائنة مثل "المجتمع الدولي".
أعترف أنني لم انس المجتمع الدولي في العطلة، وكنت أحاول استغلال ما اتيح من وقت للتثاؤب والتجبد والنوم في دراسة معنى المصطلح ومحاولة تحديد مكونات المجتمع الدولي.
بعد طول تفكير وسؤال من هم أكبر عمرا وقدرا وأوسع اطلاعا وأكثر خبرة عرفت أن المقصود بهذا المصطلح المتكرر في الاعلام العربي هو العالم. وصار سهلا علي أن أتابع موقف المجتمع الدولي من أي قضية، وتحديدا من قضيتنا التي تجذب اهتمام المجتمع الدولي منذ سبعة عقود.
وبما أنني مهتم بدرجة كبيرة بالخلاف بين فتح وحماس، فإنني معني بالتعرف على موقف المجتمع الدولي من هذا الخلاف، وقد نجحت في تحديد فحوى الموقفين الأميركي والروسي من هذا الخلاف، كما عرفت الكثير عن موقف الكتلة الأوروبية والصين الشعبية من الانقسام الفلسطيني المتجسد بالضفة وغزة، وكدت أن ازعم بالمامي بتفاصيل موقف المجتمع الدولي من هذه القضية لولا أن نبهني صديق حصيف الى ضرورة الاستمرار في البحث والتقصي لأنني لم اتبين كنه موقف إمارة ليخنشتاين من هذا الخلاف.. اليست ليخنشتاين وجمهورية أذربيجان وأشقاؤنا في باكستان وأفغانستان وأصدقاؤنا في اليونان مثل أسيادنا الأميركان جزءا من المجتمع الدولي؟!