بدولتنا ومصالحتنا ، وعد بلفور الى زوال .- د.مازن صافي
يصادف اليوم الجمعة، الثاني من تشرين الثاني، الذكرى الخامسة والتسعون لصدور وعد بلفور المشؤوم، الذي منحت بموجبه بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين، بناء على المقولة المزيفة ‘أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"
فبعد اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 م والتي قسمت البلاد العربية والإسلامية عمدت بريطانيا إلى بسط نفوذها على جزء مهم من هذه البلاد، وسعت في نفس الوقت إلى تلبية رغبة حاييم وايزمن والصهيونية العالمية بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين و التي اتخذت شكل تصريح و الذي عرف باسم وعد بلفور
في ذاك الوقت كانت الحكومة البريطانية تنظر بعين الارتياح الى إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين .. ولم تأل جهدا على جميع الأصعدة في سبيل تحقيق هذا الهدف .. هذا الهدف الذي لم يستند الى منطق .. فبريطانيا لم تكن تمتلك اية حقوق أو حتى سيادة على أرض فلسطين .. ومن هناك ولد وعد بلفور .. حيث أعطى الانجليز وعدا لمن لا يستحق .. وبعد فترة قصيرة قام الانجليز باحتلال فلسطين أي بعد صدور هذا الوعد .. وعد بلفور المشؤوم ، ولأن منطق العالم هو منطق الاقتصاد والقوة فإن وزير الخارجية البريطاني بلفور وجه خطاب الوعد الى الثري اليهودي روتشيلد وذلك في الثاني من نوفمبر عام 1917م.
وعلينا أن نلاحظ أن الوعد لم يأخذ الصيغة الدولية بل أنه رسالة خطية نتيجة اتصالات مكثفة بين الطرف الصهيوني والبريطاني آنذاك .. وهي اتصالات استعمارية أراد بها الاستعمار منذ البداية الاستيلاء على خيرات هذه البلاد " عامل إقتصادي " ، وفي نفس الوقت العمل على تشتيت القوى الموجودة ووحدة الشعوب " عامل سياسي " .. وللتاريخ نقول أنه لا يملك أي مواطن أو حاكم أو أمير بريطاني أي صفة قانونية اعتبارية في فلسطين ، ولهذا فهذا الوعد باطل وكل ما ترتب عليه باطل وتتحمل بريطانيا اليوم والى انتهاء الاحتلال الصهيوني نتيجة ما فعلته وما تبنته بدون أي حق أو وجه قانوني
ليس ذنب الفلسطينيين آنذاك أن يتحملوا ثمن الحرب العالمية الأولى واستخدام بريطانيا ورقة الحركة الصهيونية لأجل إقناع الولايات المتحدة الأمريكية بدخول الحرب بجانبها ضد ألمانيا وحلفائها ..
اليوم ، و بعد كل عشرات السنوات على العالم العربي أن يدافع عن حقه في أن تكون منطقتنا العربية وطننا العربي الكبير وليس الشرق الأوسط الجديد .. فوعد بلفور عمل على تقسيم العالم العربي والإسلامي ليسهل بعد ذلك إضعاف المجموع العربي وانشاء الوطن اليهودي في قلب المنطقة العربية .. ان نتائج الحرب العالمية الأولى رسمت خريطة جديدة للعالم تخدم أهداف هذا الاستعمار وتضفي الشرعية لمن لا شرعية له ..
لهذا رفض الشهيد القائد الرئيس ياسر عرفات قبول الاعتراف بيهودية الدولة الصهيونية ، ورفض كل المغريات السياسية والاقتصادية ولهذا تم اغتياله .. اليوم ايضا القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الأخ الرئيس محمود عباس " أبومازن " يرفض الاعتراف بيهودية الدولة الصهيونية ، فهذا الاعتراف مرفوض تماما لأنه يتناقض مع حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وعودته المقدسة الى أرضه والتمسك بالثوابت الفلسطينية ..
ولأننا على موعد مع فجر جديد ، فتقديم طلب عضوية فلسطين بالجمعية العامة " مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة " سيتم في النصف الثاني من شهر نوفمبر الحالي ، ولهذا تُجري السلطة الفلسطينية وعبر موفديها الخاصين لكافة دول العالم اتصالات ومشاورات مكثفة لضمان التصويت بالأغلبية على مشروع الدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة. فها هو الحراك السياسي الدبلوماسي يصل هذا الأسبوع الى ألمانيا والنمسا والولايات المتحدة وبريطانيا والدنمارك والسويد وفنلندا .. ومع العلم ان التقديرات الرسمية الفلسطينية تقول أن أكثر من 130 دولة ستصوت على المشروع الفلسطيني فور تقديمه
اننا وفي هذا اليوم نطالب الجميع بالوقوف وقفة انتصار للقضية الفلسطينية وهزيمة وعد بلفور وكل ما تلاه وانبثق عنه وذلك من خلال إنجاح وصولنا الى دولة غير عضو في الأمم المتحدة وصولا الى الدولة الفلسطينية ..
وفلسطينيا نقول أنه بدون وحدتنا وقوتنا السياسية لن نتمكن من مواجهة التهديدات الأمريكية والاسرائيلية وبعض الدولة المتخاذلة لأنه يخشى ان يكون الرد اقتصادي بالدرجة الأولى تمهيدا للحصار للسياسي وانهاء مفهوم ومعطيات السلطة الفلسطينية مظلة الكل الفلسطيني .. على الكل الفلسطيني أن يفتح أبواب المصالحة الفلسطينية وإنهاء مأساة الانقسام إبقاؤنا مشتتين متفرقين .. إن طلب عضوية فلسطين في الأمم المتحدة وما ينتج عن هذا الطلب هو أوجه الحرية والاستقلال و هدف نضالي وسامي .. ان دعمنا وتأييدنا المتجدد والدائم لموقف القيادة الفلسطينية ودعمنا لموقف الرئيس محمود عباس بنيل عضوية دولة مراقب في الأمم المتحدة نقول من خلاله إن وعد بلفور مرفوض والى زوال كل نتائجه طال الزمان أو قصر ..