ضرب المرأة الفلسطينية- عدلي صادق
لا بد أن ذوي اللحى، كانوا يداعبون شعرات ذقونهم بسعادة، فيما جنودهم «المتوضئون» يعتدون بالضرب على سيدات فلسطينيات، لم يفعلن شيئاً سوى أنهن يطالبن بإنهاء الانقسام، على ما في هذا الإنهاء، من تكريسٍ لجمع ذوي الذقون، كطرف يتمتع بشرف الانتماء لحظيرة العمل الوطني. وفي هذه الممارسة، التي هي أعجز من أن تشطب وعي الناس أو ذاكرتها، أو تبدل انطباعاتها عن الحكم «الرشيد»؛ يُضيف الحاكمون في غزة، الى قائمة السلع التي ظلت محرّمة أيام السلطة التي اتاحت لهم سلطتهم؛ سلعة جديدة، وهي الانقضاض على جمع نسائي فلسطيني، ربما تتميز كل واحدة منه، عن واحدات أخريات، من جموع أخرى، أن لبعلها ـ على الأكثر ـ زوجة واحدة، أو إنها ـ على الأكثر أيضاً ـ متزوجة من واحد ليس من ذوي المثنى والثلاث والرباع!
هُن مسلمات متحجبات، فلسطينيات وطنيات، يتمثلن مشاعر شعبهن، ويدركن مخاطر الخصومة والانقسام، ويعرفن أن هكذا شقاق، يمزق النسيج الاجتماعي، ويشوّه الذائقة، ويحرف القدرة على فهم مسار التاريخ. كما أنهن راضيات واثقات، بأن هذا الليل لن يطول، وأن غضب الشعوب ليس له ميعاد، وأن الانفجار الذي لا يرغبن فيه، سيجعل حاملي الهراوات وحاملاتها، يهربن الى الشقوق كالفئران، لأن سلطات الأباطرة أنفسهم، الذين حكموا مساحات شاسعة، في الأزمان الغابرة، وكان بمقدورهم تحشيد العسكر من الأطراف ومن الأصقاع البعيدة في إمبراطورياتهم، للانقضاض على مجاميع البشر في مراكز الاحتجاج؛ لم يفلحوا في كسر إرادة شعب. فما بالنا بإمارة في حجم قنفذ، يظن أن شوكَهُ يحميه من طغيان النمل حين يزحف، أو ما بالنا، حين يكون المعتدون والمعتديات بالهراوات، على بنات شعبهم؛ من الصقع نفسه ضئيل المساحة، حيثما يعرف الناس بعضها بعضاً، ولا يضيع بينها حق وراءه مُطالب!
لا أرغب في الزيادة، وأنصح إسماعيل هنية، أن يتقي الله لكي يرحمه ويجعل له مخرجاً هو وضباطه الذين أسكرهم خمر السلطة، وهو خمر أشد فتكاً وأجلب للغيبوبة المارقة، من تلك الصفراء التي قال أبو نواس، إن الأحزان لا تنـزل ساحتها.
صبراً أيتها الأخوات الكريمات، فإن لكل محنة نهاية، وبعد كل ليل صُبح. فما الضربات التي تلقيتنها، إلا تكثيفاً لمعاناة شعبكن في غزة، يؤخذ كوسيلة إيضاحية، ويزيد من قائمة السلع المحرّمة، التي استحدثها البغاة في مجتمعكن، وباسم ماذا؟ باسم الدين والمقاومة، وحيثما لا دين ولا مقاومة.
فالرسول عليه السلام، لم يضرب امرأة واحدة في حياته، ولا حتى بعيرا حسب ما يقول العارفون الفقهاء. بل إن القول المارق نفسه، وليس القول الوطني والإسلامي السوي المندد بالانقسام؛ أمر الله بالنقاش فيه بالتي هي أحسن. وللنساء في ديننا الحنيف، احترام خاص، إذ قال المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: «لا يكرمهن إلا كريم، ولا يهينهن إلا لئيم». وفي حجة الوداع بلّغنا: استوصوا بالنساء خيراً!
فمن أين جاء هؤلاء، بكل هذا الحقد والمروق، وكيف تراكم في نفوسهم كل هذا التهيؤ لإهدار كرامات الناس وامتصاص عافيتها؟
www.adlisadek.net
adlishaban@hotmail.com