حكاية فك الارتباط!- صالح القلاب
- حتى لا نبقى نخُضُّ ماء هذه القضية وبلا أي نتيجة فإنه علينا أن نعود إلى إتفاق مؤتمر أريحا في العام 1949 ،الذي تمت على أساسه الوحدة بين «الضفتين» وإندماج الضفة الغربية بالمملكة الأردنية الهاشمية ونقرأه بإمعانٍ وتروٍّ قبل قراءة المادة الأولى في الدستور التي تنص على أنَّ :»المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزَّأ ولا ينزل عن شيء منه».
وهذا صحيح..لكن الضفة الغربية لم تعد مُلْكاً للمملكة الأردنية الهاشمية منذ العام 1974حيث اتخذت قمة الرباط قراراً وافق عليه الأردن ،وإن بإمتعاض ومغلوباً على أمره، بأن منظمة التحرير الفلسطينية ممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، ولذلك ولأن بيان أو إتفاق مؤتمر أريحا العام 1949 تضمن ما يشير إلى أن الضفة الغربية «أمانة» لدى الأردن من حق الشعب الفلسطيني أن يستردها أو يسترجعها ومتى شاء إنْ هو أراد ذلك فإن هذا يعني ان هذا الجزء من فلسطين لم يعد مُلْكاً للمملكة الأردنية الهاشمية ولا جزءاً منها.
كيف..؟
أولاً لابد من التذكير ومرة ثانية..وعاشرة بأن الوحدة بين الضفة الشرقية والضفة الغربية لم تعترف بها إلاَّ دولتان هما باكستان والمملكة البريطانية بل وأن الدول العربية التي كانت قائمة ومستقلة في ذلك الحين إن ليس كلها فمعظمها قد اعتبرت هذه الوحدة إحتلالاً عسكرياً أردنياً لأرضٍ فلسطينية وحقيقة أن هذا بقي قائماً حتى احتلال العام 1967 وثانياً لابد من الإشارة إلى منظمة التحرير التي غدت ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني بموجب قرار قمة الرباط الآنفة الذكر في العام 1974 قد تحولت إلى دولة فلسطينية تعترف بها مائة وثلاث وثلاثون دولة في العالم ولها سفارات وسفراء في كل هذه الدول ومن ضمنها الأردن بالطبع وهذا يعني أن الضفة الغربية لم تعد مُلْكاً للمملكة الأردنية الهاشمية وأن أصحاب الأمانة قد استردوها وإن إنشاء السلطة الوطنية في عام 1994وفقاً لإتفاقيات أوسلو قد أكد هذه الحقيقة وقطع الشك باليقين.
ثم ،وقد تكون هذه مفاجأة للبعض، وأن فك الإرتباط في العام 1988 لم يكن في حقيقة الأمر قراراً أردنياً وإن الملك حسين ،رحمه الله، قد أقدم على هذه الخطوة إستجابة لرغبة منظمة التحرير ،الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وتحت ضغط عربيٍّ شاركت فيه معظم الدول العربية.. ولقد جاء كل هذا في ظل أجواء سادت في ذلك الحين بأن مفاوضات فلسطينية-إسرائيلية باتت على الطريق جرى التقديم لها من خلال لقاءات بين قيادات من منظمة التحرير ومسؤولين أميركيين جرت في السفارة الأميركية في تونس وحيث أصبحت تونس مقراً للقيادة الفلسطينية بعد الخروج من بيروت على أثر الغزو الإسرائيلي للبنان في عام 1982.
قبل فك الإرتباط الذي لم يكن قراراً أردنياً ولا رغبة أردنية كانت هناك مسيرة متعثرة بين الأردنيين والفلسطينيين بدأت بعقد المجلس الوطني الفلسطيني في عمان في تشرين الثاني (نوفمبر) العام 1984 ومرَّت بمحطة ما سمي إتفاق شباط (فبراير) الذي أنهاه (أبو عمار) ،رحمه الله، قبل أن يرى النور ،ويشهد على هذا «الأخ» عبد الرزاق اليحيى، وانتهت إلى ما تردد عن إتفاق لندن (السري)في عام 1987 والذي تعهد فيه شمعون بيريز ،وكان يومها وزير خارجية إسرائيل، للملك حسين بإعادة الضفة الغربية وفقاً لحدود الرابع من حزيران (يونيو)العام 1967 لتصبح وبموافقة منظمة التحرير في إطارٍ كونفيدرالي جزءاً من «المملكة العربية المتحدة».
لكن هذا الإتفاق ،الذي لم يعد أحد يأتي على ذكره، قد تم إحباطه من قبل رئيس الوزراء إسحق شامير ،كما يقال، والحقيقة أنه كان لمنظمة التحرير وبعض الدول العربية دور رئيسي في هذا والحقيقة أيضاً أنه على هذه الخلفية قد تم الضغط على الأردن لفك إرتباطه مع الضفة الغربية وهذا هو ما حصل في عام 1988.. وهذا يعني أن المادة الأولى من الدستور الأردني لم تعد تنطبق على الضفة الغربية منذ العام 1974 وأن هذه الأرض الفلسطينية لم تعد وقطعياً لا مِنْ مُلكِ المملكة الأردنية الهاشمية ولا جزءاً منها