أوباما الفرصة سانحة ..- عادل عبد الرحمن
فاز الرئيس باراك أوباما اول امس الثلاثاء على مرشح الحزب الجمهوري، ميت رومني في الانتخابات الرئاسية ، وبذلك سيواصل التربع في البيت الابيض لاربع سنوات جديدة وأخيرة.
الانتخابات وضغوطها واستحقاقاتها باتت خلف الرئيس الديمقراطي. وامسى من اول امس الرئيس الاسود حرا طليقا، سيد نفسه وقراره في الولاية الجديدة. وهي فرصته الذهبية لينتصر لذاته وتجربته ولاميركا ومصالحها الحيوية في الوطن العربي الكبير، كي يصنع السلام في المنطقة الاكثر سخونة في العالم.
قادر أوباما ان يدخل التاريخ بشكل مغاير لدخوله السابق، حيث سيذكره التاريخ كأول رئيس اسود للولايات المتحدة الاميركية، وسيذكره مرة اخرى من خلال إعادة إنتخابه لولاية ثانية، لكن في حال صنع السلام على المسار الفلسطيني – الاسرائيلي استنادا لخيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، فإن التاريخ سيتوجه كرمز للسلام العالمي دون منازع في الالفية الثالثة من التاريخ، لاسيما وان الصراع العربي – الاسرائيلي، بات الصراع الاطول والاكثر تعقيدا نتيجة دعم الولايات المتحدة لحكومات الدولة العبرية المطلق.
كان الرئيس بيل كلينتون يتمنى ان يسطر صفحة ذهبية في سجله الخاص حينما جمع فقادة الشعب العربي الفلسطيني مع القيادة الاسرائيلية في تموز / يوليو 2000 في كامب ديفيد ليكسر الاستعصاء في العملية السياسية. لكنه أخفق عندما كان إسرائيليا أكثر من الاسرائيليين، مع محاولته الضغط على الفلسطينيين لتقديم تنازلات تفوق قدرتهم والمنطق السياسي في آن.
وها هي الفرصة تعود لقادة الحزب الديمقراطي ، وخليفة كلينتون في البيت الابيض الرئيس اوباما، فإن أدرك اهمية الزمن، والفرصة المتاحة له، وإن شاء تسطير صفحة ذهبية في سجله الخاص، وسجل الولايات المتحدة، وتعزيز دورها كراعي لعملية السلام، وحماية المصالح الاميركية في المنطقة، وان كان معنيا بتأكيد إستحقاقه لجائزة نوبل للسلام ، التي حصل عليها في ولايته الاولى، فإنه مطالب بالشروع فورا بالعودة لذات الهمة والحيوية ، التي بدأ بها دورته السابقة عندما زار القاهرة وتركيا والقى خطابين هامين موجهان للشعوب العربية والاسلامية عام 2009، بالاضافة الى اعتماد سياسة واقعية ومسؤولة تجاه مصالح العرب وإسرائيل دون هبوط بسقف التسوية، وعدم الاستهانة بمصالح الفلسطينيين وحقوقهم الوطنية، وفي المقابل الضغط على حكومة اسرائيل الجديدة (بعد انتخابات الكنيست ال 19 في 22 كانون الثاني 2013) لالزامها باستحقاقات التسوية السياسية وخيار حل الدولتين على حدود ال 1967.
وعلى الرئيس باراك اوباما لجم النزعات العدوانية الاميركية تجاه توجه القيادة السياسية الفلسطينية للحصول على العضوية غير الكاملة للدولة الفلسطينية في الامم المتحدة. والتوقف عن توجيه الضغوط للدول الاوروبية وغيرها من دول العالم، التي تدعم التوجه الفلسطيني، كي ينسجم مع توجهاته السلمية، إن كان صادقا ومعنيا بتحقيق السلام بالمعايير الممكنة.
وفي السياق، على رئيس الادارة الاميركية رفع سيف الابتزاز عن القيادة الفلسطينية، والتوقف عن التهديد باغلاق مكتب التمثيل الفلسطيني، وايضا، الزام وزارة الخزانة الاميركية بدفع الاستحاقات المالية المترتبة على اميركا (200 مليون دولار) لموازنة السلطة الوطنية، التي تعاني من جفاف حاد نتيجة عدم وفاء الدول المانحة بتسديد استحقاقاتها للسلطة الوطنية ؛ وفي الوقت ذاته ، الاتصال المباشر مع الدول المانحة وخاصة العربية ( التي تنتظر الضوء الاخضر الاميركي) لتسديد التزاماتها المالية للسلطة الوطنية. وايضا الضغط على إسرائيل لرفع حصارها الظالم عن محافظات الجنوب الفلسطيني، ووقف الدعم للانقلاب من قبل انظمة الاخوان المسلمين وقطر، وحث القوى المختلفة لاعادة الامور لما كانت عليه قبل الانقلاب الحمساوي في 2007، وطي صفحة ارهاب الدولة الاسرائيلية المتواصل على الشعوب العربية وخاصة الشعب العربي الفلسطيني.
الفرصة امام الرئيس الاسود سانحة جدا، وبوابات التاريخ مفتوحة على مصاريعها ليسطر عليها ابجدية السلام الاعظم في التاريخ، والذي يوازي في اهميته السلام في اعقاب الحرب العالمية الثانية 1945. فهل يخرج اوباما عن طوق الحصار المفروض عليه من اليمين المسيحي المتصهين والايباك وحكومة إسرائيل، لاسيما وان اوباما قدم لدولة الابرتهايد الاسرائيلية ما لم يقدمه اي رئيس اميركي سبقه للبيت الابيض، مما يعفيه من اي ابتزاز رخيص، كما انه لم يعد يفكر بولاية ثالثة ، لان القانون الانميركي لا يسمح له بولاية ثالثة.
بالتأكيد هناك ضوابط للرأسمال المالي ولحكومة بيلدنبرغ العالمية على اي رئيس اميركي، ولكنه قادر على إحداث الاختراق لصالح الطغم المالية العالمية وشعوب المنطقة على حد سواء، إن تمكن من التحرر من العقد التاريخية الملازمة لكل رؤوساء الولايات المتحدة السابقين.
a.a.alrhman@gmail.com