لماذا آثرت الرحيل ....؟!! - د. عبد الرحيم جاموس
بالأمس يا أبا عمار أدركنا لماذا آثرت الرحيل ؟!! كنت ترى ما لا نرى ...، وتسمع ما لا نسمع .... ففضلت الرحيل شهيداً شهيداً شهيداً .... أبا عمار نعذرك في رحيلك المبكر !! قبل أن ترى شبلاً من أشبالك أو زهرة من زهراتك وهي ترفع علم فلسطين على اسوار القدس ومآذن القدس وكنائس القدس !!! لأنه يحزنك أن ترى الوطن الذي وحدته وقد انقسم، والثورة التي صنعتها قد خرج من بين أبنائها من ينكر عليها حقَ الأسبقية !!! وينكر على شهدائها حقَ الاستشهاد !!! وينكر على بُناتُها حقَ البناء ...!!! بل ويشُكُ في شهادتك يا سيد الشهداء !!! ليتهم يدركون أن مدرسة ياسر عرفات باقية، وثورته باقية حتى يكتمل الحلم الذي ابتدأ معك يا سيدي وقائدي ومعلمي !!! إنهم يجهلون أنك صاحب ثورة وُجِدت لتبقى وتنتصر ....!!! لقد فرحوا برحيلك المبكر يا أبا عمار لأن كوفيتك كانت تُظللنا في شمس تموز وتحمينا من بَردِ كانون ....!!! إنهم يسعون إلى حرق التاريخ يا سيدي تماماً كما فعل هولاكو في بغداد ....!!! لأن تاريخك يا سيدي شاهد على تخاذلهم وخزيهم وعارهم، يومَ كنت تجوب الجبال والوديان والوهاد، يوم كنت تخاطب العالم وأنت تحمل غصن الزيتون الفلسطيني الأخضر بيد، وتحملُ بندقية الثائر باليد الأخرى .... لم يكونوا ضمن دائرة الفعل .... بل لم يكونوا في الوجود ....!!! كانوا قد آثروا القعود والجحود يا سيدي !!! كنت تدعو لهم ولا تدعو عليهم يا سيدي ... كنت تتأسى عليهم، لأنك الوالدُ والمعلمُ والقائدُ فلا يضرك من عقَكَ.. كنت الحازم والحليمُ وكنت الأمين على الوصايا وعلى الرسالة، وسلمتَ الأمانة لأشبالك وزهراتك ..... من يتجرأُ على تاريخك وحلمك يا سيدي سيكون من الخاسرين. نعم ... لقد آثرت الرحيل مبكراً ....!!! لكن بعد أن علمتنا كل الوصايا، وأودعت فينا الأمانة والرسالة. سنبقى أوفياء للحُلمِ الذي قضيت من أجله يا أبا عمار. ولكن نستميحك عـذراً أن نبكيـك في كل عـام وفي كل يوم .... لإنك الثـورة .... ولإنك التحرير ... ولإنك الدولة ... لك المجدُ يا أبا عمار ولك الخلودُ في عليين مع الأنبياء والشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا.