روس وبضاعته الفاسدة-عادل عبد الرحمن
سيزور المنطقة خلال ايام دينس روس، المبعوث الخاص لعملية السلام السابق للرئيس اوباما مع فريق من "معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى" للقاء المسؤولين فيها، وعرض خطة مكونة من (14) نقطة كما اعلن في 8 نوفمبر – تشرين ثاني الحالي اثناء ندوة بعنوان " بعد الانتخابات : آثار انعكاسات السياسة الخارجية الاميركية على الشرق الاوسط" شارك فيها مع رئيس المعهد روبرت ساتلوف.
السيد روس عرفه قادة الدول العربية ، وعرفته اكثر عن كثب القيادة السياسية الفلسطينية، لاسيما وانه عمل مع إدرارات الرئيس بيل كلينتون، وبوش الابن واوباما كما اشير آنفا.
معروف بعدائه للاهداف والمصالح الوطنية الفلسطينية، ومعاد للقيادة السياسية منذ زمن الراحل الزعيم ابو عمار وله ذات الموقف من الرئيس ابو مازن. وبالمقابل نصير قوي لاسرائيل، ليس لانه يهودي، ولكن لانه عميق الارتباط بالاتجاه الصهيوني المتطرف.
كبير مستشاري "معهد واشنطن .." القادم للمنطقة، لايحمل في جعبته جديدا، لان من قرأ نقاط خطته المكونة من النقاط ال (14) لاحظ دون كبير عناء ، إنها بضاعة فاسدة ومكررة، لا تخدم من قريب او بعيد عملية السلام، بل هي، تأتي في سياق التساوق مع التوجهات الاسرائيلية الهادفة لتأبيد الاستيطان الاستعماري على حساب المصالح الفلسطينية العليا.
وتتلخص نقاطه ال (7) المطلوبه من إسرائيل لصالح الفلسطينيين في جانب شكلي دون اي مضمون حقيقي، ولا تساهم في دفع عملية السلام قيد انملة للاماما، ومنها :1-تعويض المستوطنين المستعدين إخلاء بيوتهم في الضفة الغربية". لم يتضمن البند نصاً إلزاميا لقطعان المستوطنين بالانسحاب من الضفة الفلسطينية، بل ترك لهم حرية الخيار حيث يقول "تعويض المستوطنين المستعدين" !؟" 2- العمل على دعم الاقتصاد الفلسطيني". هنا يتساوق مع خيار نتنياهو الاقتصادي، وهو، ما يعني الهروب من الخيار السياسي، خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967. الخيار الناظم والاساس لحل الصراع حلا مقبولا من قبل القيادة والشعب الفلسطيني. ويعمق فكرة الخيار الاقتصادي في نقطته الثالثة عندما يطالب إسرائيل "3- تخفيف القيود على الفلسطينيين في منطقتي "ب" و"ج" . وعلى اهمية حافز تخفيف القيود المفروضة على الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 ، إلآ انها ليست بيت القصيد الفلسطيني ، ولا بيت قصيد السلام الممكن والقابل للحياة. وفي النقطة الرابعة كما في نقطة سابقة، يركز دنيس روس على مصالح قطعان المستوطنين، حيث يطالب دولة التطهير العرقي الاسرائيلية ب"بناء مساكن لهم داخل الاراضي المحتلة عام 67 ، او ما سماها في "المناطق المقره لاسرائيل"!؟ او ما اشار له ب"البناء والتوسع في المستوطنات الشرعية، التي هي جزء من إسرائيل"!؟ حسم روس الصهيوني الامر مسبقا بشأن المستوطنات، حيث وصفها ب "الشرعية" . وهذا يتناقض مع مرجعيات التسوية ، حيث تعتبر كل المستوطنات الاستعمارية باطلة وغير شرعية من حيث المبدأ بالنسبة للفلسطينيين. ولا يجوز البناء او التوسع في اي مستوطنة مقامة على الاراضي الفلسطينية قبل الوصول لاتفاقية سلام، التي ستحدد بشكل قاطع ونهائي حدود الدولة الفلسطينية على خط الرابع من حزيران عام 1967. وفي النقاط الاخيرة يطالب روس "اعطاء سلطات امنية في المنطقة "ب" دون المنطقة "ج" ! ويطالب إسرائيل بعدم التوغل في المنطقة "أ" وفي الوقت نفسه يطالب ب"تعزيز التنسيق الامني"!
النتيجة التي يحصل عليها الفلسطينيون صفر مكعب. في الوقت الذي يطالب عراب نتنياهو في تخريب النقاط الايجابية في مسيرة التسوية من الشعب الفلسطيني : اولا "وضع إسرائيل على الخارطة" وكأن المشكلة وضع اسرائيل او عدم وضعها . وهذا لا يجوز ان يحدث فلسطينيا قبل الوصول الى التسوية السياسية. لان القبول بخيار الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران عام 67 شيء، وتحقيق التسوية السياسية على الارض شيء آخر. ثانيا يطالب ب"وقف التحريض على اسرائيل". ولم يشر بكلمة واحدة لتحريض نتنياهو وليبرمان وكل جوقة الائتلاف الحكومي الاكثر تطرفا ، وتحريض حاخامات إسرائيل وقطعان المستوطنين على الشعب الفلسطيني، وكأن لسان حاله يقول، "يحق لاسرائيل ما لايحق للفلسطينيين في التحريض وانتهاك الحقوق والمصالح الفلسطينية "؟! وثالثا يمرر موقفا سمجا وغبيا في النقطتين الثالثة والرابعة عندما يشير بشكل واضح وكأن الشعب الفلسطيني "لا يقر ولا يقبل خيار السلام !" فيطالب ب "العمل على اقلمة الشعب الفلسطيني لتقبل السلام؛ (...) بمعنى استعداد االطرفين لتقديم التنازلات الموجعة"!؟ نسي ذلك الصهيوني البشع، ان الشعب العربي الفلسطيني قدم سلفا تنازلات موجعة، وموجعة جدا، عندما قبل بالتنازل عن 78% من الارض الفلسطينية التاريخية، وقبل فقط ب 22% من ارض الاباء والاجداد. كما انه عن سابق تصميم وإصرار يحاول لي عنق الحقيقة، عندما يزور الحقيقة، بالدعوة ل"أقلمة الشعب الفلسطيني لتقبل السلام"! وكأن قادة إسرائيل "يريدون السلام "!؟ اليس هذا هو التنكر للحقيقة؟ اليس هو بالضبط ما يعرف بالصفاقة والفجور ، وقلب الامور رأسا على عقب؟! وفي نقطته الاخيرة، وتعميقا لمنطقه المعادي لمصالح الفلسطينيين، والمتنكر لانسانيتهم وثقافتهم العالية، عندما يدعوهم ل"فسح المجال لرؤية الاسرائيليين على انهم بشر"!؟ اليس في هذا الموقف إسفافا وسقوطا في مستنقع خلط الامور، وتشوية صورة القيادة والشعب الفلسطيني؟! ألم يسأل روس العنصري نفسه، من الذي وصف الشعب العربي الفلسطيني ب "الصراصير"و"الثعابين" وغيرها من الاوصاف القبيحة واللانسانية والمعادية للسلام ؟ ولماذا يتناسى روس وعموم اركان القيادة الاميركية التحريض الاسرائيلي اليومي من قيادات ورجال دين (حاخامات) صهاينة على قتل الاغيار الفلسطينيين؟
لا يملك المرء سوى ان يتمنى على قيادة الشعب الفلسطيني بعدما سمعت ما سمعت عن بضاعته الفاسدة والنتنة، ان تطرد روس، ولا تستقبله نهائيا بغض النظر عن الصفة، التي يحملها او سيحملها في الولاية الثانية لادارة الرئيس باراك اوباما، لانه شخص غير مرغوب به، ومعاد للسلام، ولا يعمل من اجل إحقاق وتحقيق السلام، وهو ما لخصه هو في ذات الندوة، عندما قال "اننا لن نرى تغيرا كبيرا في سلوك إدارة اوباما في دورتها الثانية تجاه عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل". وهذا هو لسان حال روس البشع. حيث اراد مسبقا قطع الطريق على اي توجه لدى الادارة الاوبامية في دورتها الثانية. وبالتالي إغلاق افق التقدم نحو خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967.
A.a.alrhman@gmail.com