الغاشمون يقتلون البلابل- عدلي صادق
كالأفاعي الخائبة، التي تقدح أنيابها في العتمة؛ يطارد الغزاة الغاشمون أطفالنا. يرشقون أجسادهم الطرية بالنار، فيما قلوب الصغار، تخبئ الحب الفائض أنهاراً، وترى الأمل من ثقوب أحدثتها الغارات في الجدران!
إنهم لا يستحون. يسعدهم كثيراً أن يكونوا أفاعي تتلمظ وتتلوى بحقد، ثم تهجم عطشى وجوعى للدم ولأكباد البشر. والأطفال في بلادنا، ساهرون يُصغون الى أنين أقرانهم الذين أصيبوا في حريق الليلة السابقة، أو في أحد المساءات التي تثقبها حفّارات تطير، وتقذف بحِممها لكي تُطيح بالأبنية، !
الغزاة الغاشمون يقتلون البلابل. وأطفالنا، متشبثون بالحياة على الرغم من رطوبة الظلال. توّاقون هم الى العُلى. فقاطرة العيش لا تنتظر النائم في محطة الآمال. هذا هو سبب قتلهم، لأن كل عوالم النسيان، لن تبتلع لحظة ذكرى أنتجت حقداً في قلوبهم!
* * *
الغاشمون الذين يقتلون البلابل، يؤسسون لحرب المئة عام أو مئتين، فيما هم يظنون، أنهم يحققون أمنهم. جدران الهوان وبؤس الحال في أمتنا، تتداعى، وستنفتح عاجلاً أم آجلاً، على مهاجع أطفالنا وحاضنة آمالنا وذاكرتنا. لن نمكث طويلاً في قفص الحصار، تفصلنا السدود والجدران والحسابات والسياسات، عن تيار أمة كبيرة جعلها حاكموها الذين اهترأت مناديلهم لفرط التلويح براية «السلام»؛ تألم وتمتلىء إحساساً بالهوان!
فمن نوافذ الصاغرين العاجزين، غشى الليل بيوتنا، وجعلها في مرمى الحفّارات الطائرة المحملة بالنار. لا نجاة إلا بانهيار الجدران، لكي ننأى بأنفسنا بعيداً عن تضاريس «السلام» الذي يزعمون. عندئذٍ تنقشع الغيمة بما فيها من سخام!
لا فائدة من النظر الى الطَوْد، من وادي الارتكاس. الحكماء ينصحون الأمم، بأن تحلّق عالياً بجناحين، فتراه من الأعلى، لكي يتبدى كزرار مقطوع من هدمة رثة. والغاشمون الظلاميون المستكبرون بالآلة العسكرية الأميركية، ليسوا إلا صغاراً بمعايير التاريخ. لم يكن يبالغ ولا يزاود ولا يستصغر كبيراً؛ من سمّاهم شُذاذ آفاق. وكيف لا يكونون وهم يقتلون البلابل؟!
سيظل هؤلاء مسكونين بهواجسهم المرهقة، يعانون كالنبت الطالع في الصحراء. أما نحن، ففي أحرج ساعات الليل، سنضيء قناديل البهجة والرضى والأمل. هم يقصفون الآن. يحرمون ضحاياهم من جدران البيوت خوفاً من جعلها معارض لصور الغائبين. نكتفي بالقول: وداعاً لمن رحلوا، ونعوّل على الذكرى وعلى الفكرة وعلى الحقيقة المُغيّبة!
zaإنهم لا يستحون. يسعدهم كثيراً أن يكونوا أفاعي تتلمظ وتتلوى بحقد، ثم تهجم عطشى وجوعى للدم ولأكباد البشر. والأطفال في بلادنا، ساهرون يُصغون الى أنين أقرانهم الذين أصيبوا في حريق الليلة السابقة، أو في أحد المساءات التي تثقبها حفّارات تطير، وتقذف بحِممها لكي تُطيح بالأبنية، !
الغزاة الغاشمون يقتلون البلابل. وأطفالنا، متشبثون بالحياة على الرغم من رطوبة الظلال. توّاقون هم الى العُلى. فقاطرة العيش لا تنتظر النائم في محطة الآمال. هذا هو سبب قتلهم، لأن كل عوالم النسيان، لن تبتلع لحظة ذكرى أنتجت حقداً في قلوبهم!
* * *
الغاشمون الذين يقتلون البلابل، يؤسسون لحرب المئة عام أو مئتين، فيما هم يظنون، أنهم يحققون أمنهم. جدران الهوان وبؤس الحال في أمتنا، تتداعى، وستنفتح عاجلاً أم آجلاً، على مهاجع أطفالنا وحاضنة آمالنا وذاكرتنا. لن نمكث طويلاً في قفص الحصار، تفصلنا السدود والجدران والحسابات والسياسات، عن تيار أمة كبيرة جعلها حاكموها الذين اهترأت مناديلهم لفرط التلويح براية «السلام»؛ تألم وتمتلىء إحساساً بالهوان!
فمن نوافذ الصاغرين العاجزين، غشى الليل بيوتنا، وجعلها في مرمى الحفّارات الطائرة المحملة بالنار. لا نجاة إلا بانهيار الجدران، لكي ننأى بأنفسنا بعيداً عن تضاريس «السلام» الذي يزعمون. عندئذٍ تنقشع الغيمة بما فيها من سخام!
لا فائدة من النظر الى الطَوْد، من وادي الارتكاس. الحكماء ينصحون الأمم، بأن تحلّق عالياً بجناحين، فتراه من الأعلى، لكي يتبدى كزرار مقطوع من هدمة رثة. والغاشمون الظلاميون المستكبرون بالآلة العسكرية الأميركية، ليسوا إلا صغاراً بمعايير التاريخ. لم يكن يبالغ ولا يزاود ولا يستصغر كبيراً؛ من سمّاهم شُذاذ آفاق. وكيف لا يكونون وهم يقتلون البلابل؟!
سيظل هؤلاء مسكونين بهواجسهم المرهقة، يعانون كالنبت الطالع في الصحراء. أما نحن، ففي أحرج ساعات الليل، سنضيء قناديل البهجة والرضى والأمل. هم يقصفون الآن. يحرمون ضحاياهم من جدران البيوت خوفاً من جعلها معارض لصور الغائبين. نكتفي بالقول: وداعاً لمن رحلوا، ونعوّل على الذكرى وعلى الفكرة وعلى الحقيقة المُغيّبة!