مصر : الثورة المغدورة- عادل عبد الرحمن
الرئيس محمد مرسي، يتابع النهج السياسي الاخواني في مصادرة ما حققتة الثورة المصرية من انجازات سياسية وقضائية (قانونية) ، ويبدد ما كان قائما زمن النظام السابق من حريات، ويلجأ لسياسة تكميم الافواه عبر منطق العصا والجزرة مع منابر الاعلام والاعلاميين، ويعيد الثقافة والفن تدريجيا الى الزمن الطالباني في افغانستان.
إختطف الدكتور مرسي صلاحيات السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، وبات الطاغية غير المنازع مع إمساكه بتلابيب مفاصل الحكم في جمهورية مصر من خلال "الاعلان الدستوري المكمل" الجديد، الذي اصدره قبل يومين وعنوانه : إقاله المستشار عبد المجيد محمود، النائب العام، وتعين خلفا له؛ واتخذ جملة من القرارات بشأن الجمعية التاسيسية وغيرها، التي تعبد الطريق الى الديكتاتورية والاستبداد. مع ان صلاحياته لا تخوله إقالة النائب العام، ولا تخوله العبث باليات عمل الجمعية التاسيسية، والتي اساسا باتت في عداد الفاقدة للشرعية بعد استقالة قطاعات واسعة منها: القوى الوطنية في معظمها، الكنائس الثلاث، الفنانون والمثقفون والاعلاميون .. وغيرهم.
ممثل جماعة الاخوان المسلمين في الرئاسة المصرية، لم يحقق انجازا سياسيا او اقتصاديا او اجتماعيا او ثقافيا – فنيا. وأخطأ من إعتقد ان مرسي حقق انجازا في اتفاق وقف إطلاق النار في محافظات فلسطين الجنوبية مع اسرائيل. لان ما حصل على الجبهة الفلسطينية – الاسرائيلية جزء من المهمة الموكلة لجماعة الاخوان المسلمين في مصر وفلسطين وعموم المنطقة. والمستقبل المنظور سيكشف عن مدى تورط القيادة المصرية الاخوانية واقرانهم في قطر وتركيا وبالضرورة في فلسطين في اللعبة الاميركية – الاسرائيلية، بغض النظر عن السيناريو الدموي، الذي اتخذه المخرج الاميركي.
مراسيم وقرارات مرسي المنافية لابسط معايير الديمقراطية، كشفت عن ترسيخ أقدام الفرعون الجديد. حيث اكد القضاة المصريون، وممثلو القوى الوطنية والليبرلية المصرية ، ان تاريخ مصر المعاصر لم يشهد تغولا في الاستيلاء على مكونات السلطة كما جرى ، ويجري زمن الدكتور مرسي. لا بل ان بعض الملمين بالقانون ، يعتقدون ان " الاعلان الدستوري المرسوي " مخالف لكل المعايير والقيم القانونية والقضائية ، ولا يمت بصلة لها. الامر الذي دعا جميع قطاعات الشعب وخاصة المجلس الاعلى للقضاء والقوى السياسية المصرية وقطاعات الفنانيين والمثقفين والاعلاميين الى رفضه، والمطالبة بالغائه، وحماية مصالح الشعب المصري.
وتعميقا للتوجهات الوطنية الديمقراطية ولحماية القضاء المستقل نزلت القوى لميدان التحرير للاعتصام به، وهتفت "يسقط .. يسقط حكم المرشد". كما عقد المجلس الاعلى للقضاء مؤتمرا، عكس الموقف الشجاع لرجال القضاء، وفي السياق اعلنت المحاكم في الاسكندرية والمنصورة وغيرها من المدن المصرية توقفها عن العمل احتجاجا على "اعلان مرسي" وعقد نادي القضاة المصري اجتماعا، ورغم وجود تباين في الاراء، إلآ ان السمة العامة تشير الى رفض ما اصدره الرئيس الاخواني. ومازالت تداعيات القرارات تتدحرج نحو الصدام بين الرئيس مرسي وجماعة الاخوان المسلمين من جهة وبين باقي قطاعات الشعب المصري العظيم.
المشهد المصري الناشىء عن "اعلان مرسي" يستحث القوى السياسية والاجتماعية والقضائية وقطاعات المثقفون والفنانون والاعلاميون والاكاديميون لمواصلة خيار الثورة، لان وصول مرسي للحكم ليس سوى الصفحة السوداء من ثورة 25 يناير 2011، ولطي هذه الصفحة تستدعي الضرورة مواصلة مسيرة ربيع الثورة ، واسقاط حكم الاستبداد الاخواني ، والقضاء على الطاغية الفرعوني الجديد محمد مرسي، واسقاط حكم المرشد المعادي لمصالح مصر الشعب والثورة ، دون ذلك فإن مصر تتجه الى مستنقع الظلام والديكتاتورية.
a.a.alrhman@gmail.com