"الختيار" في نوفمبر - يوسف أبو لوز
في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1974 كان في الأربعين من عمره عندما وقف على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة . رجل يرتدي بدلة الكاكي . فوق رأسه كوفية فلسطينية أصبحت رمزاً من رموز تراجيديا شعب يحب الورد، ولكنه يحب الخبز أيضاً، وله على الأرض ما يستحق الحياة كما قال محمود درويش .
في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2004 يخلد هذا الرجل، ياسر عرفات، إلى سرير النوم الأبدي بعدما تسلل سم الأفعى إلى دمه . لم يكن شاعراً يمتلك مخيلة المتنبي الذي قال:
يُعاندني حتفي كأني حتفُه
وتلدغني الأفعى فيقتلها سُمّي
ولكنه، بعيداً من عناد الشاعر، كان جبلاً لا تهّزه الريح . كثيراً ما كان يقول “أبو عمار” وهو اسمه الشعري غير المستعار . . “ياجبل ما تهزك ريح” . قائد فلسطيني عنيد . سريع الحركة . داهية ولكن من دون شرور . ما في قلبه على لسانه . حذر، ولكن، أحياناً وربما كثيراً يؤتى الحذر من طمأنينته . وفي القول العربي لا يُلدغ المؤمن من جحر واحد مرّتين . ولكن ياسر عرفات الذي أطلق عليه الفلسطينيون لقب “الختيار” كان محاصراً في طوق كثير الجحور . والسم عندما يكثر يطيح حتى بالجبل الذي لا تهزّه الريح . والمتنبي يقول أيضاً عندما تكثر الجحور:
وسوى الرومِ خلف ظهرك رومُ
فعلى أيِّ جانبيك تميلُ
. . ولكنه، هذه المرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2004 مال إلى ضريحه في رام الله . هذه أول مرة لا يُرى فيها ياسر عرفات ببدلة الكاكي والكوفية التشكيلية من الأسود والأبيض .
في الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن الشعري وليس السياسي، قال ياسر عرفات أمام العالم الذي كان يقوده آنذاك دهاة السياسة والفكر والثقافة والاقتصاد: “جئتكم أحمل غصن الزيتون الأخضر بيد، والبندقية بيد، فلا تلقوا غصن الزيتون الأخضر من يدي” . وكرّر هذه العبارة الأخيرة ثلاث مرات أمام الأمم المتحدة التي نهض ممثلو الدول الأعضاء فيها كلهم تقريباً في تصفيق عالمي لرجل أربعيني في كامل حيويته وعافيته . . ولكن كان ينتظره سم الأفعى .
في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 يبحث الفلسطيني عن مقعد له في الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على صفة دولة غير كاملة العضوية، أو بصفة مراقب، أو بصفة دولة منقوصة أو ناقصة العضوية، وهذا من حقه ومن اجتهاده .
لكن، ماذا لو حصلت معجزة، ونهض الختيار من ضريحه حياً ببدلته الزيتونية . . ومسدسه . . ترى هل يطلق النار على “نوفمبر” أم يتريث قليلاً قبل أن يعرف اسم صانع السم؟.
عن صحيفة "الخليج" الاماراتية
zaفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2004 يخلد هذا الرجل، ياسر عرفات، إلى سرير النوم الأبدي بعدما تسلل سم الأفعى إلى دمه . لم يكن شاعراً يمتلك مخيلة المتنبي الذي قال:
يُعاندني حتفي كأني حتفُه
وتلدغني الأفعى فيقتلها سُمّي
ولكنه، بعيداً من عناد الشاعر، كان جبلاً لا تهّزه الريح . كثيراً ما كان يقول “أبو عمار” وهو اسمه الشعري غير المستعار . . “ياجبل ما تهزك ريح” . قائد فلسطيني عنيد . سريع الحركة . داهية ولكن من دون شرور . ما في قلبه على لسانه . حذر، ولكن، أحياناً وربما كثيراً يؤتى الحذر من طمأنينته . وفي القول العربي لا يُلدغ المؤمن من جحر واحد مرّتين . ولكن ياسر عرفات الذي أطلق عليه الفلسطينيون لقب “الختيار” كان محاصراً في طوق كثير الجحور . والسم عندما يكثر يطيح حتى بالجبل الذي لا تهزّه الريح . والمتنبي يقول أيضاً عندما تكثر الجحور:
وسوى الرومِ خلف ظهرك رومُ
فعلى أيِّ جانبيك تميلُ
. . ولكنه، هذه المرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2004 مال إلى ضريحه في رام الله . هذه أول مرة لا يُرى فيها ياسر عرفات ببدلة الكاكي والكوفية التشكيلية من الأسود والأبيض .
في الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن الشعري وليس السياسي، قال ياسر عرفات أمام العالم الذي كان يقوده آنذاك دهاة السياسة والفكر والثقافة والاقتصاد: “جئتكم أحمل غصن الزيتون الأخضر بيد، والبندقية بيد، فلا تلقوا غصن الزيتون الأخضر من يدي” . وكرّر هذه العبارة الأخيرة ثلاث مرات أمام الأمم المتحدة التي نهض ممثلو الدول الأعضاء فيها كلهم تقريباً في تصفيق عالمي لرجل أربعيني في كامل حيويته وعافيته . . ولكن كان ينتظره سم الأفعى .
في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 يبحث الفلسطيني عن مقعد له في الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على صفة دولة غير كاملة العضوية، أو بصفة مراقب، أو بصفة دولة منقوصة أو ناقصة العضوية، وهذا من حقه ومن اجتهاده .
لكن، ماذا لو حصلت معجزة، ونهض الختيار من ضريحه حياً ببدلته الزيتونية . . ومسدسه . . ترى هل يطلق النار على “نوفمبر” أم يتريث قليلاً قبل أن يعرف اسم صانع السم؟.
عن صحيفة "الخليج" الاماراتية