ماذا تفعل السلطة؟- سمير عطا الله
لم أعرف يوما ماذا يحدث للإنسان عندما يصل إلى موقع رسمي أو حكومي. كيف يتغير ولماذا. ولماذا يقسو. ولماذا يسهل عليه الرفض في وجوه الناس أو الكذب. أو التذلل لمن هو أقوى منه. عرفت في السياسة أناسا وأصدقاء ورفاقا كثيرين. بعضهم ظل فوقها، وبعضهم طحنته وعجنته ورمته من دون أن تتردد لحظة واحدة.
الصحافة مهنة تقرب صاحبها من ذوي المراتب والمقامات، عن قناعة، أو عن مداراة. وأحب أن أقول إنني عرفت دائما مكاني، ولم تخامرني أي لحظة غرور أو خداع للنفس أو للآخرين. وأنا سعيد بقناعاتي لأنني لا أستخدم فعل «كره» إلا في الحديث عن الغرور. لم أعرف في حياتي الشخصية أو المهنية أو الاطلاعية، رجلا مغرورا لم يقع من غروره ويتحطم.
أعتذر عن هذه المقدمة، لكنني أردت أن أتساءل، ماذا يحدث للإنسان عندما يصل إلى السلطة؟ هل ما نراه منه هو ما تفعله السلطة، أم أن هذه تركيبته في الأساس، وكل ما تفعله السلطة أنها تكشفها؟
هل تستحق الرئاسة 40 ألف قتيل بينهم 2700 طفل؟ هل تستحق أن أرى مليون إنسان في ميدان التحرير يقفون ضد الاستكبار كما كانوا يهتفون ضد الاستعمار؟ هل كان يمكن، بعد 40 عاما من حكم القبضة، أن أهين الناس بألفاظ سوقية؟ هل كان يمكن لي أن أشاهد التلفزيون العربي ثم أذهب إلى النوم؟ كم لحظة، كم يوما، أطيق أن أسمع نشرة الأخبار الصباحية تعلن أن عدد القتلى في بلدي وشعبي أصبح في الأربعين، وفي المساء أسمع أنهم صاروا مائة وأربعين. كل يوم. كل شهر. ماذا تفعل السلطة بالحكم العربي؟ كيف تسمح له بمواجهة شعبه بالدبابات والجنجاويد وطائرات الميغ؟ هل يستحق المنصب كل هذه الدماء والموت والخراب والركام والدموع؟
وهل يستحق الإنسان العربي كل هذا الظلم؟ ألا يكفيه الإهمال والذل والحكم بالفقر مدى الحياة؟ وعلى أبنائه وأحفاده بالخضوع إلى الأبد؟ والآن الحكم عليه بألا يناقش الرئيس في شيء؟ فمتى ناقش؟ متى «طعن على» عصمة الرئاسة وقداسة الحكم؟ ينزل مليون طالب عدالة إلى الساحة فيكون رد الرئيس مليونين. كأنما المسألة عراضة تلفزيونية، لا بلد ولا مصير.
وفي أي حال تحية للشجعان. نحن عشنا في زمن الخوف.