"اللواء" اللبنانية: إنجاز أبو مازن
أشاد العديد من كتاب الرأي بتوجه الرئيس محمود عباس إلى الأمم المتحدة، وما أفرزته هذه الخطوة من نصر وفوز للدبلوماسية الفلسطينية وتحقيق الحلم الفلسطيني في الحصول على صفة دولة مراقب غير عضو.
وقد ورد في إحدى صفحات صحيفة "اللواء" اللبنانية مقالا بعنوان "أخيراً: إنجاز أبو مازن!"، فيما يلي نصه:
منذ توليه مسؤولية القيادة الفلسطينية خلفاً لأبي عمّار، كان الحلم الأول والأخير لأبي مازن تحقيق إنجاز نوعي للقضية، يليق بخلافته التاريخية للزعيم الفلسطيني الكبير.لم يساعد الزعماء الإسرائيليون المتعاقبون على رئاسة الحكومات الصهيونية أبو مازن في نهجه المعتدل، والمراهن على الحوار والتفاوض مع الجانب الإسرائيلي لتطبيق بنود اتفاق أوسلو، والمضي قدماً في طريق السلام، إلى أن تولى نتنياهو رئاسة الحكومة اليمينية المتطرفة الحالية، متحالفاً مع الأحزاب الدينية التي ترفض أي بحث في ملف السلام مع الفلسطينيين، فكان أن تعطلت المفاوضات العقيمة أصـلاً، وأطلقت حكومة الليكود وحلفاؤها من المتطرفين الدينيين العنان لحملات الاستيطان وبناء المستوطنات في الضفة الغربية وعرضها، مخالفة كل القرارات الدولية، من دون حسيب أو أي رادع من المجتمع الدولي، وخاصة اللجنة الرباعية التي سرعان ما أصبحت في خبر كان، بعد التواطؤ الأميركي الفاضح مع الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، والسكوت على هجمة المستوطنات التي تجاوزت كل التوقعات!بعد سنوات من الصبر والمعاناة مع الوعود الأميركية الفارغة، بل والكاذبة، لم يكن أمام أبو مازن غير اللجوء إلى الأمم المتحدة، لكسر المراوحة القاتلة التي وقعت فيها عملية السلام المزعوم، بعدما أدار نتنياهو ظهره لكل ما له علاقة بالسلام، فيما انشغلت الدول العربية بأحداث وتطورات الربيع العربي، في الوقت الذي تخلّت فيه واشنطن عن تعهداتها المعروفة بتطبيق حل إقامة الدولتين على أرض فلسطين التاريخية!والذين تابعوا ليلة أمس مناقشات الجمعية العامة للأمم المتحدة فبل التصويت المظفر لصالح رفع عضوية فلسطين، شاهدوا بالعين المجردة حقيقة تخبط السياسة الأميركية في كل ما له علاقة بالدولة الصهيونية!المندوبة الأميركية سوزان رايس، أو «القطة السمراء»، كما يلقبها أحد المندوبين العرب في المنظمة الدولية، لم تتورع عن اعتبار تصويت الأكثرية الساحقة من الدول المؤيدة للطلب الفلسطيني بأنه «خطوة معرقلة للسلام... ولن تغيّر شيئاً من واقع الصراع على الأرض»!من حق كل دولة صوتت «مع» أن تسأل الديبلوماسية الأميركية العصماء: ألا تعتبر عمليات بناء المستوطنات إجراءات تنسف عملية السلام من أساسها؟ أليست الهجمات الإسرائيلية المتكررة على غزة إسقاطاً فاتحاً لأي مسعى للسلام؟ وكيف تفسّر الإدارة الأميركية، ووزيرة الخارجية المنتهية ولايتها هيلاري كلينتون، إصرار نتنياهو على تعليق المفاوضات مع الفلسطينيين، بحجة عدم تجاوبهم مع شروطه الاستسلامية؟ وأين اصبح كلام الرئيس أوباما في جامعة القاهرة الذي تعهد فيه بإيقاف بناء المستوطنات لأنها تضرب عملية السلام، وتتناقض مع خطة إقامة الدولتين التي تلتزمها الإدارة الأميركية؟المهم أن أبو مازن حقّق الإنجاز التاريخي الذي كان يسعى إليه دائماً، وأصبح قادراً على تسليم الأمانة بعدما ضمن مكانته المرموقة في مسار القضية الفلسطينية!