اختراق سياسي ناجح- فؤاد ابو حجلة
لم أتيقن من نجاحنا السياسي ليلة الخميس الا عندما استمعت الى الخطاب المنفعل الذي ألقته مندوبة أميركا في قاعة الجمعية العامة للأم المتحدة، فقد عبر هذا الخطاب عن صدمة الولايات المتحدة من تمرد العالم بدوله الكبيرة والصغيرة على الهيمنة الأميركية على القرار الدولي، كما عبرت كلمة مندوبة أوباما عن صدمة واشنطن من رفض العالم للانسجام القسري مع الرغبة الأميركية الشيطانية في جعل الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية احتلالا أبديا.
تماثل الخطاب الأميركي في الجمعية العامة مع الخطاب الاسرائيلي، وكان واضحا من رد الفعل في القاعة أن العالم قد مل هذا الخطاب البائس ولم يعد قادرا على تصديق النوايا المعلنة لواشنطن وتل أبيب. كما كان واضحا أن العالم لم يعد قادرا على قبول التفرد الأميركي بملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بعد تسعة عشر عاما من الرعاية الأميركية لمفاوضات لم تحقق غير زيادة الاستيطان وحماية الاحتلال. وكان الراعي الأميركي طيلة هذه السنين مدافعا قويا عن الجرائم الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الأخرى تحت ذريعة مضحكة يختصرها رؤساء أميركا في جملة واحدة هي "حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها".
تحقق الانجاز لكن استحقاقاته صعبة وكثيرة، ولعلني لا اخرج عن موضوعية التحليل في التفاؤل بقدرتنا على مواجهة هذه الاستحقاقات وخلق واقع جديد على الأرض وفي الفضاء السياسي بما يعيد صياغة الاهتمام الدولي وجعل قضيتنا الوطنية في مقدمة اهتمامات العالم، وتوجيه مسار التسوية نحو تحقيق مطالبنا الوطنية العادلة والمشروعة بشهادة الأغلبية الدولية في الأمم المتحدة.
أستمد تفاؤلي من قراءتي لمشهدنا الداخلي الذي يتغير ايجابيا بتسارع مريح ويتجه نحو ترسيخ وحدتنا الوطنية التي مزقها الصراع الداخلي في السنوات العجاف التي عاث فيها العرب والعجم فسادا في البيت السياسي الفلسطيني.
لا أبالغ في التفاؤل باستعادة القرار الوطني الفلسطيني الذي يعبر عن موقف جمعي موحد للفلسطينيين في الوطن وفي الشتات. ورأيت في تصريحات خالد مشعل ما يؤكد هذا التوجه وما يبشر بقرب انخراط حركتي فتح وحماس في جهد وطني موحد في سياقاته الميدانية والسياسية.
حملت تصريحات مشعل دعما قويا وصريحا للانجاز السياسي الفلسطيني الكبير، وحملت إشارات مهمة وكثيرة على قناعته بضرورة توحيد الجهد الفلسطيني في مشروع المقاومة الذي حقق نصرين كبيرين في أيام قليلة.. نصر ميداني في حرب غزة ونصر سياسي في الأمم المتحدة.
من حقنا أن نحتفل ولكن علينا أن نستعد الآن لمواجهة الاستحقاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية في المرحلة الجديدة التي بدأت ليلة الخميس.