استحقاقات ما بعد الدولة - عادل عبد الرحمن
كأن كرة التاريخ تتدحرج بالاتجاه العكسي لصالح فلسطين الشعب والدولة والعودة.
فمن مرحلة الضياع والتشرد في اعقاب النكبة 1948، وتغليب الطابع الانساني على المأساة الفلسطينية، وإقصاء البعد السياسي الى الزوايا المظلة؛ إلى تأسيس منظمة التحرير في 1964 ثم إنطلاق شرارة الثورة المعاصرة في 1965، الى استعادة المكانة السياسية والهوية الوطنية للشعب العربي الفلسطيني في المحافل العربية والاقليمية والدولية، الى تطور الفكر السياسي الفلسطيني متمثلا بالقبول بفكرة الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران 1967 عام 1974، والذي تكرس باعلان وثيقة الاستقلال في 1988، الى إقامة الكيان السياسي الفلسطيني في اعقاب التوقيع على اتفاقية إعلان المبادىء "اوسلو" 1993- 1994، الى الحصول على عضوية دولة مراقب في الامم المتحدة في 29 تشرين الثاني / نوفمبر 2012، والحبل على الجرار في حال احسنت القيادة السياسية إدارة الصراع مع دولة التطهير العرقي الاحتلالية الاسرائيلية.
التطور الاخير بحصول فلسطين على مكانة دولة مراقب في الامم المتحدة قبل ثلاثة ايام ، احدث تحولا هاما سياسيا وديبلوماسيا وقانونيا واقتصاديا لصالح الشعب العربي الفلسطيني. مجموعة من الاستحقاقات فرضتها المكانة الجديدة لفلسطين في الامم المتحدة، وهي:
اولا الاعلان رسميا فلسطينيا وعربيا واسرائيليا وامميا بموت اتفاقية اعلان المبادىء" اوسلو"، وانتفاء الضرورة لها. ولم يعد لها ضرورة سوى استحضارها في سجلات التاريخ.
ثانيا لم يعد الحديث عن ملفات الحل النهائي واقعيا بعد حصول فلسطين على مكانة دولة مراقب. لان القرار الدولي حدد حدود الدولة الفلسطينية؛ وعمليا اسقط اي شرعية للاستيطان الاستعماري في الاراضي المحتلة عام 1967 بما في ذلك الكتل الاستيطانية الثلاث الكبرى في القدس الشرقية، كما الغى كل القرارات الاسرائيلية بضم القدس الشرقية، عاصمة الدولة الفلسطينية، وحتى جب ما قبله من قرارات اممية بشأن القدس الشرقية، التي اتخذتها المجموعة الاممية في اعقاب النكبة؛ وايضا بتحديد حدود الدولة الغى نهب الثروات الطبيعية بما في ذلك آبار المياه الجوفية؛ ولم يسقط القرار الاخير حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194،
ثالثا منح الاسرى الفلسطينيين مكانة اسرى حرب، لانهم اسرى دولة تحت الاحتلال الاسرائيلي. وبالانضمام لاتفاقيات جنيف الاربعة، وليس فقط الرابعة لعام 1949، تتعزز مكانة الاسرى كاسرى حرب، وايضا مكانة السكان الفلسطينيين ، كسكان تابعين لدولة محتلة.
رابعا سقوط اتفاقية باريس الاقتصادية. فهي بالاساس كانت اتفاقية مؤقتة، هدفت تنظيم العلاقات الاقتصادية بين دولة الاحتلال وسلطة الحكم الاداري الذاتي (السلطة الوطنية) .
الامر الذي يملي على القيادة السياسية البحث عن اليات جديدة ووفق المعايير الدولية الناظمة لعلاقات الدول الخاضعة للاحتلال مع الدول المحتلة.
خامسا الاسقاط الكلي لمقولة الحكم الاداري الذاتي عن الكيانية الفلسطينية؛ والزام دول العالم بدءا من اسرائيل والولايات المتحدة وكندا وغيرها من الدول المتحفظة بالتعامل مع فلسطين كدولة محتلة، وهذا يفرض على القيادة السياسية وحكومتها العمل على التالي فورا:
1- تغيير المراسلات مع دول العالم المختلفة من خلال تغيير الترويسة بحيث تصبح "دولة فلسطين" وليس السلطة الوطنية.
2- تغيير جوازات السفر مباشرة ، بحيث تحمل ترويسة دولة فلسطين.
3- إصدار العملة الوطنية، مع ابقاء حرية التعامل للمواطنين بالعملات الاقلايمية والدولية المختلفة في سوق الصرافة . وعلى القائمين على البنك المركزي تغيير الجنيه القديم بالغاء اي حرف او كلمة عبرية عليه او على اي عملة اقل او اكثر.
4- الانضمام الى المنظمات الدولية ال(25) المنبثقة عن المنظمة الاممية الاولى (المنظمات والهيئات التي حصلنا على عضويتها لا تحتاج الى مطالبة جديدة). وعلى اهمية سياسة الرئيس عباس التكتيكية بشأن الانضمام الى محكمة الجنايات الدولية، فإن الضرورة تملي الانضمام لكل المنظمات، لانها استحقاق وطني، وعلى القيادة محاكمة قادة دولة التطهير العرقي بأثر رجعي على كل جرائم الحرب قبل ال 1948، اي قبل النكبة واثناءها وبعدها بما في ذلك جرائم الامس القريب، والجرائم الاتية.
سادسا مواصلة الربط العميق بين منظمة التحرير الفلسطينية ، الممثل الشرعي الوحيد للشعب في ارجاء الدنيا ودولة فلسطين، حتى لا يحدث اي تجاهل لدور المنظمة كمرجعية سياسية للشعب في كفاحه التحرري.
سابعا تعزيز المقاومة الشعبية والسياسية والديبلوماسية ، وتطويرها لتشمل كل المدن والقرى والبلدات الفلسطينية، واعطاءها الجهد والدعم المطلوب لتنجح.
ثامنا دفع عملية المصالحة بقوة للامام، واعطاءها الجهد الضروري، لانها اولوية الاولويات الوطنية. ولا يجوز التكؤ بها، واغتنام الاجواء الايجابية في الساحة لترسيخها على الارض وقطع الطريق على الابواق الناعقة في محافظات الجنوب الفلسطيني.
القيادة السياسية والحكومة معها مطالبة بعقد سلسلة من الورش السياسية والاقتصادية والقانونية والديبلوماسية للبحث في كل الاستحقاقات المطلوب تنفيذها لتحصين القرار الدولي الجديد برفع مكانة فلسطين لدولة مراقب في الامم المتحدة، وذلك للانتقال للامام نحو تجسيد الدولة المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967.
a.a.alrhman@gmail.com