مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

"كيف تكتب الرسائل؟"- سمير عطا الله

في أيام بيروت الأولى كان جزء كبير من المكتبات على الأرصفة. تلك كانت إما كتبا قرأها أصحابها ثم باعوها، أو كتبا فائضة في المطابع، أو كتبا مسروقة على عجل، يضمن صاحبها الربح لأن رأسماله يراوح ما بين الصفر والسمعة السيئة. بين تلك الكتب المعروضة كانت هناك دائما كتب غلافها ورقي أصفر بسيط، بعنوان «كيف تكتب الرسائل؟»، إما الرسائل إلى الأهل أو إلى الأصدقاء أو إلى رب العمل، وإذا كنت عاشقا فإلى سيئة الحظ.
كانت تلك الكتب تدل على أمرين: الأول أهمية الرسائل الشخصية، والثاني أن قلائل يجيدون إنشاءها، ولا بد من مساعدتهم، حتى لو عني ذلك أن يكتب مئات الأشخاص نصا واحدا لا يغيرون فيه سوى الاسم. كان الحبر يجري في عروق الناس، ويعبر عن مشاعرهم، ويؤكد أهمية الصلة ودوافع الاحترام.
وكان الناس يسعون أن يكون خطهم جميلا، سواء كان الذي سيقرؤه معلم مدرسة أو رب عمل أو معشوقة سيئة الحظ. وقد أعفي من لزوم الجمال الأطباء في كتابة الوصفات الطبية، لأنه لا تأثير للخط في معالجة الزكام أو القرحة أو الاكتئاب. كان الخط ملازما لجمال الفكر لدرجة أن نزار قباني كان يطبع بعض كتبه بخط يده.
ثم جاء الكومبيوتر، ولحق به الهاتف الجوال. ولم يعد هناك حبر ولا رسائل. ولم تعد حضرتك سوى رقم هاتف تأتيك عليه رسائل المعايدة الموحدة أو إعلانات الصابون. رقم الهاتف ثم نص يقول: «إلى قلب يحبه قلبي، أطيب التمنيات والأماني». من المرسل؟ رقم هاتف آخر. وإذا كنت لا تذكر الرقم فلن تعرف من هو صاحب المشاعر الجياشة.
لا أرد على الرسائل العمومية، لأنني لا أرسلها أيضا. وإذا لم أكن أعرف صاحب الرقم فلا أحاول ذلك، لأنني أدرك أنه كتب إلى مائة رقم النص نفسه ولم يكبد نفسه أكثر من ضغط زر ما. الذين كانوا ينقلون من كتب «كيف تكتب الرسائل؟»، كانوا على الأقل يصرفون وقتا في النسخ، ووقتا في اختيار الورق، ووقتا في الذهاب إلى البريد.
لن نرد العالم إلى الوراء. لكنني أيضا لن أجيب على رسالة نصية ليست فيها كلمة واحدة خاصة إليّ. وفي أي حال لم أدخل زمن الطباعة الهاتفية، فما زلت في زمن الحبر. ولست أعتقد أنني على حق ولا هي مكابرة فارغة. لكن العلاقة بين الكومبيوتر وبيني محدودة جدا. وما قطعته فيها حقق لي فوائد رائعة. وفي أي حال تجاوزت منذ زمنٍ زمنَ الكتابة للمعشوقات السيئات الحظ. كفى.

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024