سؤال برسم الدولة- حمدي فراج
باديء البدء ان اسرائيل التي امتعضت غضبا وامتقعت بؤسا زعافا ، جراء اعتراف العالم بدولة فلسطين ، كفيل ان يفسح للشعب الفلسطيني مجالا رحبا بالاحتفال والفرح و يؤسس للمزيد من الانتصارات التراكمية القادمة على طريق بدء العد التنازلي للظلم التاريخي الذي وقع عليه ، وهو في حقيقة الامر ظلم مركب مشوب بحالة مستفحلة من التآمر العالمي ، والذي تكشفت خيوطه واتضحت خطوطه من خلال الاجماع العالمي على الاعتراف بفلسطين ، من ان نخبة لا تشكل أكثر من 5% من دول العالم تستطيع ان تتحكم فيه على النحو الذي عايشناه ورأيناه ، إن هذا ينسحب تقريبا على كافة قضايا العالم التي احتدم صراعها واستفحل وامتد لعشرات السنين ودفعت شعوبها عند مذبح تحررها دماء وتضحيات خيرة ابنائها .
وهنا يأتي السؤال الذي يحق لأطفالنا ان يجاهروه بصوت عال ، ما الذي منعنا من ان نذهب في هذا الاتجاه من قبل ، ونحن الذين نزعم بأن لدينا قيادة جماعية وتضم نحو عشرين فصيلا تمثل كافة الاطياف بدءا من اقصى اليمين الى اقصى اليسار .
ان حالة شبه الاجماع العالمي على الاعتراف بحقوقنا بما في ذلك الدولة ، هي حالة معروفة وموثقة بل ومجربة ، فلقد كانت الدول التي تعترف بمنظمة التحرير اكثر عددا من الدول التي تعترف بإسرائيل ، الا اذا كان هناك شرطا يربط الاعتراف بسنوات الاحتلال ومقاومته ، وهذا لم يحصل في آخر دولة تم الاعتراف بها مؤخرا وهي دولة جنوب السودان ، وكأن سكان جنوب السودان لم يكن لهم دولة ولم يكونوا سودانيين . وبالمناسبة ، فإن الاعتراف بهم كان كاملا و بعضوية كاملة .
ان السبب في عدم توجهنا من قبل هو ثقتنا بالولايات المتحدة ، وهي ثقة قديمة وعريضة تمتد على مساحة كل الوطن العربي ، ومفرطة للدرجة التي دفعت زعيما كالسادات للقول ان 90% من اوراق الحل بيدها ، لكنا في قضيتنا الفلسطينية منحناها ما يفوق هذه النسبة ، ولقد مضى على مؤتمر مدريد للسلام الذي عنه انبثقت اتفاقية اوسلو ما يزيد على عشرين سنة ، شهدت امريكا اربع رؤساء من الحزبين ، بوش وابنه ، وكلينتون واوباما ، وكلهم قدموا وعودا واضحة بإقامة الدولة الفلسطينية في سياقات زمنية محددة ، ولم تكن اكثر من أكاذيب واضاليل ، وبالمقابل كانوا يتسابقون على خطب ود اسرائيل وكأنها بالفعل دولة مقدسة انزلها الله من السماء الى الارض .
ان القصة الفلسطينية الاخيرة كانت بمثابة اسقاط ورقة توت اخرى عن عورة امريكا ، لكن هذه المرة بيد اممية عالمية ، بنحو مئة وثلاثين لغة ، لن تستطيع امريكا ومعها بنما الالتفاف على هذا الاجماع العالمي في ادانتها وادانة سياستها ، فتظهر بمظهر المتحضر ، و بقية دول الارض متخلفة .
لكن العودة للحضن الامريكي بعد اليوم على الغرار الماضي تعني إن وراء الاكمة ما وراءها .