سفير فلسطين لدى تل أبيب!! - د. صبري صيدم
اقتراح صادم قررت به أن أصعق أحد الدبلوماسيين عندما سألني عن خطوات أبو مازن المقبلة فباغته بجدية لم أقصدها بعنوان هذا المقال كخطوة سيقوم بها الرئيس، فبات صاحبنا لوهلة معجبا بهذا الهجوم السلمي السياسي المحرج للاحتلال.
لكن نكتتي هذه جاءت من رغبتي قياس ردة الفعل في حال قررت القيادة الفلسطينية أن تستمر في هجومها الدبلوماسي وبدأت تبحث عن خطوات خلاقة لا تترك مجالا للدبلوماسية الإسرائيلية لمقارعتها، بصورة يصبح المخاض الدبلوماسي الفلسطيني المقبل مخاضا تحرريا يحمي ما تم إنجازه ويغرد خارج الخطوات المألوفة والتوقعات الإسرائيلية.
وفي حديثي عن المخاض فقد رزقني الله وبعد خمسة أيام من حصول فلسطين على عضوية مراقب في الأمم المتحدة بمولود جديد أعادني في الذاكرة، بعد حمدالله وشكره على ما أعطى وما أخذ، إلى حديث مهم حول فرحة الناس بالولادة وصعوبة الحماية والتنشئة للوليد الجديد.
ودولتنا الوليدة اليوم إما أن تكون أو لا تكون خلال السنوات المقبلة ليس بالضرورة بفعل الضراوة الإسرائيلية المعتادة، بل بفعل أدائنا وقدرتنا على حماية مشروعنا وصيانته، خاصة وأن بقاءه ليس متروكا للمحتل الذي لن يتخلى عن احتلاله طوعا، ولن يتنازل عن أرض يرى فيها بعدا استراتيجيا لبقائه واستدامته.
الحماية والتنشئة مشروع فلسطيني بامتياز يحتاج إلى استكمال مكونات جديدة وربما أدوات جديدة وخطاب جديد وفعل جديد وبسرعة كبيرة، فالحديث عن الوحدة بات تقليديا ومكررا يجب استكماله اليوم وبسرعة مضافا إليه تكوين الحكومة التوافقية واستنهاض منظمة التحرير الفلسطينية ومجلسها الوطني والانتخابات العامة وغيرها من خطوات سبق عدها وتعدادها.
المعركة دبلوماسية بامتياز تحتاج لسرعة فائقة تستثمر نتائج القرار الأممي الجديد، وتبني على حقيقة أن حراكنا الدبلوماسي لم نعلن بموجبه الحرب على دول العالم التي صوتت ضدنا، لكننا وبدون شك أعلنا الحرب السياسية على الاحتلال الإسرائيلي بتصاعد كبير للجهد الدولي لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وإنهاء هيمنة المحتل على أرض محتلة لا أرض متنازع عليها كما كان يحلو لإسرائيل تسميتها، وأننا شئنا كما كل الدول بأن نتوجه للمؤسسة الأممية وأركانها المختلفة دون قيود أو حدود لتطال قضايا الأسرى والاستيطان وخروقات يومية لحقوق الإنسان.
معركة فلسطين التحريرية بدأت اليوم ومن جديد وفي قالب جديد نقل الصراع من اعتباره عربيا إسرائيليا إلى كونه اليوم صراعا أمميا إسرائيليا تقف فيه دول جاهزة لتخوض معركتنا معنا وأحيانا بالإنابة عنا ضمن رؤية أو قناعة أو مصالح يجب أن نسعى لضمان تقاطعها مع رؤيتنا.
اليوم وفي عصر الإعلام والمعلومة، علينا اكتساح العالم بالصورة الفلسطينية والرواية الفلسطينية والمحتوى الفلسطيني بإبداع وحكمة بمعركة يخوضها الإعلام الفلسطيني جنبا إلى جنب مع المقاومة الدبلوماسية والميدانية، متسلحا بخطاب إعلامي متجانس وممنهح حتى لا تكون خطوة الأمم المتحدة محطة نندم عليها لا نهلل لها ونبتهل لبشائرها!.