نحو "خلية الفرص"- زكريا محمد
نحن في مرحلة انتقالية سائلة، تحمل الوعود والمخاطر. لكن الوعود أكبر من المخاطر، في ظني.
ما نحتاجه هو قيادة يقظة، غير بطيئة، وجريئة عند الحاجة.
يقظة كي تدرك التحولات، وتغير التحالفات في هذه اللحظة السائلة. وسريعة في اغتنام الفرص.
فالفرصة التي تطرح اليوم قد تتبخر بعد ستة أشهر. ثم الجرأة. الخوف وارتعاش اليد لا ينفع في الوضع الحالي. نحن بحاجة إلى جرأة مثل جرأة عرفات. بالطبع مع كل الحذر اللازم.
نحن الآن دولة. دولة من دون مفاوضات، ومن دون قرار 242، ومن دون رباعية طوني بلير. لكن هذه الدولة دولة بالقانون الدولي فقط. أي أنها موجودة نظريا لا عمليا. ومعركتنا، او معاركنا الكبرى، ستكون بتحويل هذه الدولة إلى واقع. يعني: المرحلة المقبلة هي مرحلة معارك. لا أحد يحدثني عن التفاوض. يمكن وضع التفاوض كشعار حتى لا يلومنا أحد. لكن التفاوض غير ممكن. بالتالي، أبعدوا عنا صائب عريقات وأمثاله. أبعدوهم رجاء.
يفترض، بالطبع، أن نتخذ خطوات تدريجية لتحويل الدولة إلى واقع. وهذا سيؤدي إلى معارك صغيرة متواصلة مع إسرائيل. طبعا هذا إذا كان لدينا الإرادة في ذلك. لكن الخطوات التدريجية وحدها لا تنفع في هذه اللحظات السيالة المتغيرة المفاجئة. لذا علينا أن نقوم بالخطوات الصغيرة وأن ننتظر بيقظة تامة، بانتظار أي تحول مهم، ينقلنا إلى الخطوات الضخمة. يعني مثلا: تطور يضع أمريكا في وضع صعب في مصر، في سوريا، في السعودية. إذا حصل ذلك فيجب أن يتجدد هجومنا. يجب أن نذهب إلى مجلس الأمن لقبول دولتنا كعضو في الأمم المتحدة. ولا يجب أن نعطي فرصا ووقتا مستقطعا لأوباما أو غيره حين تحين اللحظة. لقد أعطيناه ما يكفي من الفرص، ولم نكسب شيئا.
باختصار، يجب أن تقام خلية أزمة أو قل "خلية فرص"، لأن الوضع في المنطقة متغير ومتفجر. هذه الخلية ترصد بيقظة، وتدرس الاحتمالات والفرص، ثم تقرر. الزمن القديم انتهي: زمن البطء والتفاوض والمسكنة. الآن نحن بحاجة إلى اليقظة والفعالية. ما حلمنا به قد تأتي الفرصة لحصوله بأسرع مما نتوقع. لكن هذا يقتضي أن نكون مستعدين يقظين.
نحن دولة نظريا، قانونيا. ونريد أن نجعل هذه الدولة واقعا بالسرعة الكافية. لا نريد دولة عبر التفاوض. الدولة تقوم عمليا ثم نتفاوض بعدها
والدولة ألغت أوسلو نظريا. يعني ألغت كل تعاساته التي لم تعد تلزمنا، بما فيها الاعتراف بدولة إسرائيل. والمهمة أن نلغي أوسلو عمليا. أي أن نعلن وفاته حين تحين الفرصة، وهذا يعني إنهاء الاعتراف بإسرائيل أيضا. وإذا أرادوا الاعتراف فليكن متبادلا؛ دولة تعترف بدولة.