أيام مبارك السيئة!- فؤاد ابو حجلة
تتحفنا الإدارة الأميركية دائما بتصريحات تنم عن استهتارها بالعقل العربي وقناعتها بأن ذاكرتنا مشطوبة تماما.
آخر هذه التصريحات المستفزة والمثيرة للسخرية هو ما جاء على لسان ناطقة باسم الإدارة، حذرت المصريين من العودة إلى "أيام مبارك السيئة"، وكأن تلك الأيام كانت خارج نطاق الروزنامة الأميركية وكأن الرئيس المتنحي حسني مبارك كان زعيما ثوريا قاد مصر والأمة في النضال ضد المشروع الأميركي وضد الهيمنة الأميركية على المنطقة والعالم.
لا نعرف من هو العبقري الذي صاغ هذا التصريح لهذه المرأة، لكن المرء يستطيع الجزم بأن من كتب هذا الهذر شخص مهووس باستفزاز العرب أو أنه شخص عديم الحس وفاقد للذاكرة. فهو لم يتذكر، أو لم يرد أن يتذكر كيف دعمت واشنطن حسني مبارك ونظامه القمعي عشرات السنين، وكيف مكنت الولايات المتحدة طاغية مصر من إطالة أيامه السيئة وتحويل حياة المصريين إلى جحيم يومي في المدن والأرياف والنجوع التي عبثت فيها أجهزة الأمن والوفود الأميركية الزائرة والبعثات التي طبعت أيام المصريين بالسوء من خلال برامج التطوير وتنظيم الأسرة والتبشير بالسلام مع اليهود.
نعم كانت أيام مبارك سيئة جدا، لكن هذا السوء كان برعاية أميركية معلنة وكان نظام السوء يتمتع بحماية أميركية قل نظيرها، وكان المتحدثون باسم الإدارات المتعاقبة في البيت الأبيض يتسابقون في الدفاع عن مبارك وعن نظامه السيئ.
ما لم تتحدث عنه الناطقة الأميركية هو أيامنا السيئة في بلاد أخرى غير مصر يحكمها طغاة مثل مبارك ويتمتعون بحماية ورعاية واشنطن وتلميع الإعلام الأميركي لوجوههم الكالحة. ومن يقرأ خارطة التحالفات الأميركية يعرف عمن نتحدث في الحكم وفي المعارضة أيضا.
ربما ينبغي الآن ان يبادر سفراء أميركا في المنطقة الى إطلاع إدارتهم والناطقين باسمها على حقيقة الوضع في بلادنا ومستوى ذكائنا ونشاط ذاكرتنا الجمعية التي تحفظ الكثير من أيام السوء العربية المحمية بانحياز واشنطن للطغاة.