القطاعات الاستهلاكية .. قِبلة الفلسطينيين في القروض
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
محمد عبد الله- قبل ثلاث سنوات، استطاع سعيد أبو شاهين من بلدة سردا قضاء رام الله بعد جهد كبير الحصول على قرض شخصي من أحد المصارف العاملة في فلسطين، لشراء سيارة جديدة بدلاً من تلك التي يملكها، واليوم يجد نفسه بلا أي وسيلة نقل قديمة كانت أو حديثة، بسبب عجزه عن تسديد الأقساط الشهرية بعد عام ونصف العام تقريباً، نظراً للالتزامات المالية المترتبة عليه، ما دفعه لبيع السيارة.
وتعتبر قصة سعيد واحدة من آلاف الحالات التي تؤرق نسبة كبيرة من المواطنين وتلاحقهم حتى في أحلامهم، خاصة موظفي القطاع العام، المرتبطين بملايين الدولارات للجهات المقرضة سواء كانت مؤسسات مالية أو مصرفية.
وتعرف الموسوعة الحرة "ويكيبيديا" القروض الاستهلاكية بأنها القرض الذي يحصل عليه شخص طبيعي لأغراض غير مرتبطة بنشاط تجاري، وتشمل القروض الشخصية، وتسهيلات السحب على المكشوف، وتمويل السيارات، ومدفوعات بطاقات الائتمان، والتأجير التمويلي، وترميم المنازل.
وتشير بيانات مصرفية إلى أن مجمل القروض الاستهلاكية (كشراء السيارات، أو السلع الاستهلاكية، أو بطاقات الائتمان، أو قروض لأغراض الترفيه وتحسين ظروف المسكن .. الخ) بلغت أكثر من 664 مليون دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي.
ويقول المدير العام لجمعية البنوك في فلسطين نبيل أبو دياب في حديث لـ دوت كوم إن القروض الاستهلاكية يمكن أن تحمل آثاراً إيجابية على الاقتصاد، "لكن ذلك يكون في حالات الدول التي تستهلك أكثر مما تنتج، لكن هذه المعادلة ليست متوفرة في الحالة الفلسطينية، فنحن نستهلك مما لا ننتج".
وخلال الربع الثاني من العام الحالي فقط، بلغ عدد السيارات الجديدة والمستعملة المسجلة في الضفة الغربية نحو 3628 سيارة، منها 44٪ مستعملة ومستوردة من الخارج، والباقي سيارات جديدة، وفق بيانات نشرها معهد ماس.
وتشكل نسبة القروض الاستهلاكية قرابة الربع تقريباً من أصل مجموع حجم الائتمان المقدم للقطاع الخاص والذي بلغ نحو 2,713 مليار دولار، حيث تتوزع نسبتها بين 548 مليون دولار على تمويل السلع الاستهلاكية، و116 مليون دولار على شراء السيارات، حتى نهاية أيلول من العام الحالي.
وفي سؤال حول تفضيل البنوك تقديم القروض الاستهلاكية أكثر من تلك الانتاجية، نفى أبو دياب أن تكون المصارف تفضل هذا النوع من القروض، مشيراً إلى أن المصارف تبحث دائماً عن فرص إقراض المشاريع الانتاجية.
وأضاف، "الجميع يعلم بوجود ضعف في الاستثمارات الانتاجية في فلسطين، وأكبر دليل على ذلك أن مؤتمرات الاستثمار التي عقدت في فلسطين خلال السنوات الماضية لم تحقق أية نتائج تذكر".
ومقارنة بالدول المجاورة، فإن المبلغ أعلاه يعتبر ضئيلاً جداً، لكن عندما تشكل نسبته ربع حجم القروض أو التسهيلات المقدمة للقطاع الخاص والموزعة على اثني عشر قطاعاً، فذلك مؤشر سلبي بحاجة إلى مراجعة جادة، حسب اقتصاديين.
وأقرت دول عربية كالجزائر مثلاً قانوناً يجبر المصارف على عدم تجاوز سقف معين في منح قروض الاستهلاك، لسبب وصفه البنك المركزي هناك بأنه يؤثر سلباً على النمو الاقتصاد.
بناء اقتصاد مقاوم
وستدفع الأرقام أعلاه المتعلقة بحجم الائتمان الاستهلاكي الاقتصاد الفلسطيني إلى الخلف مرة أخرى، بعد قيام إسرائيل بتدمير البنية التحتية للاقتصاد الفلسطيني في بداية الانتفاضة الثانية، قبيل أن يستعيد عافيته من جديد مطلع 2007، ما يطرح تساؤلات حول نجاعة هذا النوع من القروض في بناء اقتصاد مقاوم يسعى إلى تخفيف تبعيته بالمحتل قدر المستطاع.
ويعتقد المدير العام لجمعية البنوك أن الاقتصاد المقاوم لا يعني التخلف عن التطور الاجتماعي والحضاري العالمي، "إذا اعتبرنا على سبيل المثال شراء جهاز كمبيوتر محمول لطالب جامعي استهلاكاً".
وفي سياق متصل، ونظراً لطبيعة البيئة الفلسطينية والثروات الطبيعية المتوفرة، فإن الزراعة من أهم القطاعات التي يمكن أن تكون أساساً لبناء اقتصاد مقاوم في الأراضي الفلسطينية، لكن أرقام سلطة النقد تشير إلى أن حصة القطاع الزراعي من حجم الائتمان بلغت 1٪ فقط حتى نهاية الربع الثالث من العام الحالي.
ويجد أبو دياب أن النهوض بالقطاع الزراعي في فلسطين يجب أن يبدأ من وزارة الزراعة، عبر تبنيها برنامجاً شاملاً، يشتمل على تأمين المحاصيل الزراعية ضد العوامل الطبيعية، أو الاجراءات العسكرية.
zaمحمد عبد الله- قبل ثلاث سنوات، استطاع سعيد أبو شاهين من بلدة سردا قضاء رام الله بعد جهد كبير الحصول على قرض شخصي من أحد المصارف العاملة في فلسطين، لشراء سيارة جديدة بدلاً من تلك التي يملكها، واليوم يجد نفسه بلا أي وسيلة نقل قديمة كانت أو حديثة، بسبب عجزه عن تسديد الأقساط الشهرية بعد عام ونصف العام تقريباً، نظراً للالتزامات المالية المترتبة عليه، ما دفعه لبيع السيارة.
وتعتبر قصة سعيد واحدة من آلاف الحالات التي تؤرق نسبة كبيرة من المواطنين وتلاحقهم حتى في أحلامهم، خاصة موظفي القطاع العام، المرتبطين بملايين الدولارات للجهات المقرضة سواء كانت مؤسسات مالية أو مصرفية.
وتعرف الموسوعة الحرة "ويكيبيديا" القروض الاستهلاكية بأنها القرض الذي يحصل عليه شخص طبيعي لأغراض غير مرتبطة بنشاط تجاري، وتشمل القروض الشخصية، وتسهيلات السحب على المكشوف، وتمويل السيارات، ومدفوعات بطاقات الائتمان، والتأجير التمويلي، وترميم المنازل.
وتشير بيانات مصرفية إلى أن مجمل القروض الاستهلاكية (كشراء السيارات، أو السلع الاستهلاكية، أو بطاقات الائتمان، أو قروض لأغراض الترفيه وتحسين ظروف المسكن .. الخ) بلغت أكثر من 664 مليون دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي.
ويقول المدير العام لجمعية البنوك في فلسطين نبيل أبو دياب في حديث لـ دوت كوم إن القروض الاستهلاكية يمكن أن تحمل آثاراً إيجابية على الاقتصاد، "لكن ذلك يكون في حالات الدول التي تستهلك أكثر مما تنتج، لكن هذه المعادلة ليست متوفرة في الحالة الفلسطينية، فنحن نستهلك مما لا ننتج".
وخلال الربع الثاني من العام الحالي فقط، بلغ عدد السيارات الجديدة والمستعملة المسجلة في الضفة الغربية نحو 3628 سيارة، منها 44٪ مستعملة ومستوردة من الخارج، والباقي سيارات جديدة، وفق بيانات نشرها معهد ماس.
وتشكل نسبة القروض الاستهلاكية قرابة الربع تقريباً من أصل مجموع حجم الائتمان المقدم للقطاع الخاص والذي بلغ نحو 2,713 مليار دولار، حيث تتوزع نسبتها بين 548 مليون دولار على تمويل السلع الاستهلاكية، و116 مليون دولار على شراء السيارات، حتى نهاية أيلول من العام الحالي.
وفي سؤال حول تفضيل البنوك تقديم القروض الاستهلاكية أكثر من تلك الانتاجية، نفى أبو دياب أن تكون المصارف تفضل هذا النوع من القروض، مشيراً إلى أن المصارف تبحث دائماً عن فرص إقراض المشاريع الانتاجية.
وأضاف، "الجميع يعلم بوجود ضعف في الاستثمارات الانتاجية في فلسطين، وأكبر دليل على ذلك أن مؤتمرات الاستثمار التي عقدت في فلسطين خلال السنوات الماضية لم تحقق أية نتائج تذكر".
ومقارنة بالدول المجاورة، فإن المبلغ أعلاه يعتبر ضئيلاً جداً، لكن عندما تشكل نسبته ربع حجم القروض أو التسهيلات المقدمة للقطاع الخاص والموزعة على اثني عشر قطاعاً، فذلك مؤشر سلبي بحاجة إلى مراجعة جادة، حسب اقتصاديين.
وأقرت دول عربية كالجزائر مثلاً قانوناً يجبر المصارف على عدم تجاوز سقف معين في منح قروض الاستهلاك، لسبب وصفه البنك المركزي هناك بأنه يؤثر سلباً على النمو الاقتصاد.
بناء اقتصاد مقاوم
وستدفع الأرقام أعلاه المتعلقة بحجم الائتمان الاستهلاكي الاقتصاد الفلسطيني إلى الخلف مرة أخرى، بعد قيام إسرائيل بتدمير البنية التحتية للاقتصاد الفلسطيني في بداية الانتفاضة الثانية، قبيل أن يستعيد عافيته من جديد مطلع 2007، ما يطرح تساؤلات حول نجاعة هذا النوع من القروض في بناء اقتصاد مقاوم يسعى إلى تخفيف تبعيته بالمحتل قدر المستطاع.
ويعتقد المدير العام لجمعية البنوك أن الاقتصاد المقاوم لا يعني التخلف عن التطور الاجتماعي والحضاري العالمي، "إذا اعتبرنا على سبيل المثال شراء جهاز كمبيوتر محمول لطالب جامعي استهلاكاً".
وفي سياق متصل، ونظراً لطبيعة البيئة الفلسطينية والثروات الطبيعية المتوفرة، فإن الزراعة من أهم القطاعات التي يمكن أن تكون أساساً لبناء اقتصاد مقاوم في الأراضي الفلسطينية، لكن أرقام سلطة النقد تشير إلى أن حصة القطاع الزراعي من حجم الائتمان بلغت 1٪ فقط حتى نهاية الربع الثالث من العام الحالي.
ويجد أبو دياب أن النهوض بالقطاع الزراعي في فلسطين يجب أن يبدأ من وزارة الزراعة، عبر تبنيها برنامجاً شاملاً، يشتمل على تأمين المحاصيل الزراعية ضد العوامل الطبيعية، أو الاجراءات العسكرية.