فتنة الربيع- فؤاد ابو حجلة
لم يعد احتمال وصول السلفيين وجماعة الإخوان المسلمين الى الحكم في سوريا أخطر ما يمكن توقعه في الربيع الشامي الطويل، بل إن حكم الاخوان والسلفيين الذين يجسدون رجعية القرار والخيار يبدو أرحم كثيرا مما هو مطروح الآن في الثورة التي تستمر برعاية أميركية.
شاهدت أمس، شريطا مصورا لقيام مجموعة من السلفيين الجهاديين بمهاجمة مسجد للشيعة وإحراقه في قرية زرزور. وقد اعتبر الجهاديون هذا الانجاز انتصارا كبيرا في غزوة جهادية يسجلها التاريخ بحروف من النور الأميركي في كتاب الثورات العربية المختطفة.
لا أعرف اسم التشكيل الجهادي الذي اقترفت عناصره هذا العمل الأخرق، لكنني موقن بأن مجموعات المعتوهين الذين يعيثون في الأرض فسادا يحتكمون إلى ذات المرجعية التي رسخت الطغاة في حكم بلاد العرب.. كلهم أميركيو المرجع والهوية، وكلهم طراطير لسفراء أميركا ولعملاء أميركا الذين يبدو أنهم «اكثر من الهم على القلب» في بلاد تموت قلوبها خوفا من احتمال مواجهة مع اسرائيل.
هؤلاء المعتوهون رأيناهم قبل ذلك في أفغانستان، ورأيناهم في الشيشان ورأينا «جهادهم» في اليمن وفي ليبيا وفي لبنان، ورأينا حشودهم في تونس وفي مصر، ورأينا متفجراتهم في فنادق الأعراس في الأردن.. لكننا لم نر أيا منهم، ولو عنصرا واحدا فقط، يواجه الاحتلال اليهودي في فلسطين.
إنهم تعبير صادق وحقيقي لتيار الوعي الجديد الذي أرادت له واشنطن استحضار كل مخزون التخلف والهمجية والبشاعة في تاريخ المنطقة. وهم مجرمون ينبغي الا نواصل الصمت على جرائمهم وقبول وجودهم الملوث في المجتمعات العربية.
السلفيون الذين «يجاهدون» في عواصم العرب ويلوحون بالسيف لتغيير المجتمع العربي ينفذون رغبة أميركية في تخريب منجز الشعوب وتحويل الربيع الى فتنة، ولن ينتهي وجودهم القائم على الخراب الا بقمعهم، فلا ديمقراطية لمن لا يؤمن بها، ولا حرية للذين جندوا طاقاتهم الشريرة لاغتيال حرية المجتمع.
لا أجد غضاضة في التعبير عن موقفي لأنني أعتقد أن هؤلاء المجرمين يعملون ضد الاسلام أيضا، ولا أجد فرقا بين الوجه القبيح لمعتوه سلفي والوجه القبيح لمستوطن يهودي متطرف، ومن كان متشككا في ما أقول وغيري من الكتاب الليبراليين يستطيع متابعة المنجز الجهادي على امتداد مناطق النفوذ السلفي.