حين التبس الامر على اللقلق - محمود ابو الهيجاء
العنوان اعلاه هو عنوان الرواية الجديدة للصديق العزيز اكرم مسلم ، ولا ادري لماذا ارى في العنوان ما يصلح للحديث عن اللقالق السياسية الكثيرة هذه الايام، الذين هم على نحو ما كبطل الرواية، على الاقل في ناحية التباسه الذي كان مكلفا في الواقع والنتيجة...!!!
ولقالق السياسية في عالمنا العربي الراهن كلقالق الطير ذاته، بسيقان رفيعة، وغالبا بساق واحدة، يحاولون التمترس في مكان واحد من الموقف والرؤية، وهذا ما يدفع الى الالتباس المكلف، والذي هو هنا نوع من الوهم، حين لاتتبدل الصورة ولا سلوك الخطاب السياسي ولا كلماته، فالتمترس في موقف واحد لا يسمح بادراك وتفهم المواقف الاخرى ولا برؤية ما تنتج من مشهد، فلا يرى اللقلق والحالة هذه غير وقفته وموقفه ومن اتجاه واحد يوهم بانه الاتجاه الوحيد....!!!
اليس هذا هو سبب ما يحدث الان في مصر العزيزة حيث التبس الامر على حكامها الجدد حين اعتقدوا ان مشهد الاخوان المسلمين هو المشهد الوحيد في مصر، فاصروا على الدستور والاستفتاء عليه، مع ان معظم خبراء القانون الدستوري قالوا بعواره القانوني، فيما المعارضة باحزابها المؤتلفة في جبهة الانقاذ الوطني قالت وما زالت تقول بغياب التوافق الوطني عن هذا الدستور.
اكثر من ذلك فان الالتباس غيب معيارا اساسيا في الاستفتاء حين لم يحدد اية نسبة لضمان مشروعية الاستفتاء وسلامته القانونية، اذ لا يجوز التعامل مع الاستفتاء على مشروع التعاقد الاجتماعي كمثل التعامل مع الانتخابات الرئاسية وحتى البرلمانية التي تكفلها نسبة النصف زائد واحد، وهذه النسبة لاتصح مع الاستفتاء فلابد من تحديد نسبة اعلى لضمان ما يشبه الاجماع الشعبي على الدستور فلايكون دستورا للاقلية، ولا يجوز ايضا ان يكون دستورا للاكثرية، لأن الدستور ينبغي ان يكون للجميع، جميع فئات الشعب بمكوناته المنوعة جميعها. لقد التبس الامر على اللقلق حقا، ولعل هذا الالتباس هو رواية هذا العصر في كل مكان تقريبا...!!!