اخطر مما نتوقع !!- موفق مطر
يعرف الشعب الفلسطيني، قياداته وجماهير قواه السياسية، حكومة سلطته الوطنية والموظفين ونقابتهم أن الاحتلال هو المسؤول الأول والأخير عما آلت اليه اوضاع السلطة ماليا واقتصاديا، ويعلم الشعب الفلسطيني سلفا أن ثمن انجازاته السياسية والميدانية وعملية بناء مؤسسات الدولة تتجاوز الصمود المعنوي، أو مخاطبة الدول العربية للوفاء بالتزاماتها، أو التظاهر، أو ارسال رسائل الى من يهمه الأمر، المرتبط معنا بمصلحة بقاء السلطة وحماية مؤسساتها من الانهيار.
لابد من لقاء وطني اليوم قبل الغد، يجلس الجميع على دائرة مستديرة برعاية الرئيس ابو مازن، فيقرأ قادة العمل الوطني السياسي، الواقع الفلسطيني الصعب ومعهم المتخصصون « المبدعون» في ادارة المال والاقتصاد، والنقابيون، واصحاب الرأسمال الوطني، ومنظمات المجتمع المدني الواقع الفلسطيني، يتركون المصالح الحزبية والنقابية -رغم مشروعيتها- في مكتب الاستقبال، ويتصفحون ببصيرة وطنية منفتحة المصالح العليا للشعب الفسطيني، تاركة، يرسمون خططا وبرامج عملية قصيرة وبعيدة المدى، فالكل الوطني مطالب الآن بأن يكون جزءاً من درع حماية المشروع الوطني، فلامجال لفراغ، ولامبررات لتقاعس، ولا وقت لدينا للدخول في جدل مشخصن عقيم، فالجماهير الفلسطينية تتنظر حلا ابداعيا يخفف من تداعيات الأزمة التي كان الرئيس ابو مازن حذر منها قبل شهور من الآن، ومازلت اذكر ملاحظته المباشرة في مهرجان الذكرى الثامنة لاستشهاد القائد ابو عمار عندما صفق الحضور بالتصفيق لقوله: «سنذهب الى الأمم المتحدة للحصول على الدولة « فقال معقبا بنوع من التنبيه:"صفقوا.. لكن لتعلموا أن أمامنا دربا صعبا ستكون تداعياته اخطر مما نتوقع"!.
لا يمكن لوطني فلسطيني أن يفكر أو يقرر ترك حكومة الرئيس ابومازن برئاسة الدكتور سلام فياض وحدها في معركة "الصمود والصبر" التي تأتي الان بعد الانتصار السياسي بمعركة الدولة في الأمم المتحدة، ولا يجوز لأحد القاء العبء كله على الحكومة.
الاحتلال لايمارس حصارا ماليا عقابيا وحسب، بل يسعى لاحتلال وعينا الوطني واستيطانه بخلاصات تفضي الى أن مصيرنا واستقلالنا وحريتنا مرتبطة بارادة وقرارات دولة الاحتلال " اسرائيل" فهدف حكومة نتنياهو هو وأد" مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة " باستخدام سلاح الاقتصاد والمال، حيث يعجز عن اختلاق مبررات لاستخدام اسلحة جيشه المدمرة!.
نفترض تبصر نقابة الموظفين لأبعاد أي خطوات احتجاجية، او مظاهرات مطلبية مشروعة، فهذا الحق مكفول ومضمون في القانون، لكنا نعتقد أن القضايا الوطنية سيتم تقديمها على كل الخيارات الأخرى اذا ما وجدنا انفسنا بين خيارين كما هو حاصل الآن بين رغيف الخبز والحرية... مع التأكيد ألا يأخذ أحد ايا كان، الخيار الوطني سبيلا للتغطية على خلل في الرؤى والبرامج، وادارة المصالح العامة للجمهور الفلسطيني... فالتظاهرات والاضرابات على مشروعيتها يجب ان تدرس بعناية، واستكشاف مردودها السلبي على عموم الجمهور الفلسطيني، بذات الوقت الذي تناقش فيه بدائل عملية ،تلبي الأساسيات الضرورية جدا من حاجات الموظفين باعتبارهم الشريحة الأوسع في المجتمع، فحركة السوق اليومية ( البيع والشراء) ستصاب بضعف شديد مالم يضخ موظفو الحكومة مخصصاتهم الشهرية، أو جزءا منها، ففاتورة المخصصات تبلغ حوالي 170 مليون دولار شهريا، تدفع دماء الحياة في شرايين الاقتصاد الفلسطيني والسوق الداخلية.