أجواء مكهربة- فؤاد ابو حجلة
في الطريق من مطار القاهرة الى مدينة 6 اكتوبر مساء الأربعاء لم يكن هناك ما يوحي بأي شيء غير عادي فالشوارع مزدحمة بالسيارات والمحلات والأكشاك مفتوحة وكذلك المولات الكبرى المكتظة بالمتسوقين من مصريين وعرب وأجانب.
أخبرني الصديق الذي استقبلني في المطار أن الحياة هادئة والأمن مستتب في كل مصر وأنني أستطيع التجول بطمأنينة في كل مناطق العاصمة، لكنه نصحني بتجنب منطقتين فقط هما ميدان التحرير وقصر الاتحادية.
صباح أمس ذهبت إلى وسط البلد. شربت القهوة في «باب اللوق» ثم مشيت نحو ميدان التحرير حيث يقيم المعتصمون في خيامهم في الميدان، ولم يكن الحشد كبيرا لكن التوتر يخيم على المكان ولا يبدو السير في الشوارع الفرعية والخلفية آمنا تماما لغريب في المدينة.
يتضح التوتر في الشعارات المكتوبة على يافطات المعتصمين، وفي الهتافات التي يرددها المعارضون لنظام الرئيس محمد مرسي وفي الحوارات بين مرتادي المقاهي في وسط البلد.
الحياة عادية في المحروسة لكن الأجواء مكهربة حد دفع الغريب الى التردد في زيارة وسط البلد وتجنب الانخراط في أي حوار حول الموقف من الحكم أو المعارضة. في النهاية يجب احترام أهل البلد وعدم تجاوز الحدود في الافتاء حول شؤونهم حتى وإن كان المصريون شعبا مضيافا ومنفتحا على الآخر.
مما رأيت أستنتج أن المواجهة السياسية بين الحكم والمعارضة مرشحة للإطالة والتمديد والتصعيد في ظل غياب أفق الحلول والتسويات. وما يزيد الأمر صعوبة هو عدم وجود أغلبية وأقلية في هذه المواجهة لأن الطرفين متساويان في الشارع وفي أوساط النخب.
لكن ما يلفت الزائر لمصر هو هذا التشبث المصري بالحياة، فلم تفارق النكتة حوارات المصريين ولم تفارق البسمة شفاههم رغم كل ما جرى ويجري في البلاد. إنها الطمأنينة المؤسسة على القناعة بالدولة الوطنية الراسخة وهو الاطمئنان الى قدرة الناس على تحديد مسار حاضرهم ومستقبلهم مهما كان ثمن الثبات.
الأجواء مكهربة في مصر لكن الثقة بالنفس وبالدولة هي ما يميز هذا الشعب عن غيره من شعوب المنطقة التي تطفو على أشبار المياه وتغرق في بحور الدم.