مرة أخرى عن «فتح» في غزة- عدلي صادق
كان وفد المجلس الثوري لحركة «فتح» الذي زار غزة بعد العدوان الأخير؛ يضم أعضاء من غير القاطنين في المنطقة، وممن لا ناقة لهم ولا بعير، في ترجيح وجهة نظر على أخرى، بخصوص إشكالية العمل الفتحاوي وهيئاته وأطره في القطاع. ومن خلال التدقيق في نقاط التقرير يتبدى جلياً أن رؤية الذين اطلعوا على الأوضاع وعاينوا الحال وسمعوا من الفتحاويين؛ جاءت متطابقة مع رؤية الكثيرين الذين طالبوا بالاحتكام للنظام، وبالفرز الديموقراطي للهيئات القيادية، وبالكف عن تصنيف الكادر واختزال تجاربه بتنسيبه لأشخاص أو لمجموعات، وبوقف أسلوب المقاولة في تلزيم شخص أو مجموعة بعينها، بالعمل التنظيمي في القطاع.
وكان من بين المقدمات المهمة، التي استندت الى النظام، في عرض رؤية وفد «الثوري» المبادر الى تأدية واجب الزيارة الميدانية الى غزة؛ أنه لا يصح ـ حسب النظام ـ أن يتولى عضو لجنة مركزية، مفوضيتين، أو مهمتي تفويض تنظيمي في وقت واحد، وذلك في إشارة الى تفويض الأخ د. نبيل شعت، بأقاليم قطاع غزة. كما أنه لا يصح أن يكون نائب المفوّض من غير اعضاء المجلس الثوري، وبخاصة من المقيمين في قطاع غزة. وبات واضحاً أن هناك إشكالية في طريقة عمل د. نبيل شعت، نشأت عن أسلوب تصنيف الكادر واستبعاد عناصر ذات خبرة وصدقية عن مهام العمل، على قاعدة هذا التصنيف. فإن كنا نتطلع الى عملية بناء المؤسسات، فالأجدر أن نبدأ بمؤسسات الحركة التي هي الإطار الوطني التنظيمي للفتحاويين. ولا تكون عملية بناء بدون منطق الجمع لا الطرح ولا القسمة، ولا نزع الثقة من الكادر على أرضية افتراضات هلامية أو حتى حقيقية عن علاقات عمل سابقة. ولن تقوم قائمة للتنظيم الفتحاوي، إن ظللنا نطرح ولا نجمع، وعلى هذا الأساس ينبغي أن تبدأ عملية إعادة البناء التي انتظرناها طويلاً، ولم تعد الظروف تسمح باستمرارها، بخاصة واننا لم نحصد من جرائها، إلا الارتباك والسجال والكلام الجزافي.
* * *
د. نبيل شعت، مفوّض العلاقات الدولية في الحركة، ومعه فريق عمل ممتاز، ولدى هذه المفوضية مهام كبيرة ونوعية، بتنا في حاجة إليها أكثر، بعد الحصول على صفة الدولة من الأمم المتحدة. لدينا مهام التواصل مع القوى السياسية في العالم، لأن حاجتنا الى دعم هذه القوى تكتسي أولوية ملحّة. وينبغي أن يكون المفوض التنظيمي لأقاليم قطاع غزة، متفرغاً لهكذا مهمة في منطقة أزمة. ولكي ينجح المفوّض، لا بد من التزامه الموضوعية وعدم البدء بمهمته من منطلق فرضيات أو مواقف مسبقة، لا علاقة لها بالحقائق على الأرض. وهذه على أية حال رؤية قائمة على النظام الذي توافق عليه الفتحاويون، لذا فإن عدم الأخذ بها، سيجعلنا نراوح في ذات المربع بل أن نتراجع ولا نتقدم خطوة واحدة. فالحالة الفتحاوية العامة في قطاع غزة، ناهضة وتستحق تدابير وأسلوب عمل يراعي الأصول ويُنحي الرغبات والمواقف الشخصية جانباً. فنحن معنيون بأن يتحلى العمل القيادي الفتحاوي، بالروح الجامعة لكي ينهض تنظيم الحركة ويتنوع في نشاطه المعبر عن تراث كفاحي طويل. أما غير ذلك من «الأهداف» فلا معنى له ولا فائدة منه.
إن الفتحاويين يتطلعون الى انعقاد مؤتمرهم السابع في موعده، لكي لا تتكرر الفجوة الزمنية الشاسعة، بين الخامس والسادس، التي انتجت ارتباكات المؤتمر السادس. ولا يصح الذهاب الى مؤتمر عام، بدون مؤتمرات قاعدية تفرز أعضاء المؤتمر السابع على أسس صحيحة. والنظام، في هذا الحال، هو الحَكم والفيصل. وإن لم ننجح في التغلب على المصاعب الذاتية، فلن نستطيع مواجهة المصاعب الموضوعية، وهذه هي القاعدة الصحيحة للقياس، ولتحديد الوجهة.
www.adlisadek.net
adlishaban@hotmail.com