الأمين والأمان- فؤاد ابو حجلة
ذكي ولماح محرر الصفحة الأولى في "الحياة الجديدة"، وقد التقط أمس مفارقة وصول الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي قبل وصول شبكة الأمان المالي التي وعدت دول الجامعة بتقديمها الى السلطة لتخفيف أثر الحصار المالي الخانق الذي تواجهه السلطة عقابا لها على نجاح خطوتها بعضوية فلسطين في الأمم المتحدة.
نعم، لقد وصل الامين قبل الأمان الذي يبدو تحقيقه أمرا غير مؤكد في ظل الانصياع العربي المطلق للرغبة الاميركية. فالدول التي وعدت بتقديم الدعم والمساهمة في شبكة الأمان لم تستطع ارسال وزراء خارجيتها الى رام الله بمعية الأمين العام وذلك خوفا من غضب اميركا الذي يساوي في بعض العواصم العربية غضب السماء.
ليست هذه أولى تجاربنا واختباراتنا للوعود الرسمية العربية، فالذين شربوا حليب السباع في قاعات الاجتماعات وقدموا الوعود الكبيرة عجزوا عن توقيع الشيكات، ليس لأن خزائنهم خاوية لا سمح الله، وليس لأن نفطهم نضب لا قدر الله، ولكن لأن ارادتهم المشحونة في الاجتماعات العربية تضعف كثيرا أمام الضغط الاميركي، وأمام تلويح واشنطن بعصا الربيع الذي تخشاه أنظمة لا تخجل من سقوط أوراقها في خريفها الطويل.
لن يلتزم النظام العربي بوعوده، ولن تبادر الدول العربية الى تسديد التزاماتها المالية للسلطة الفلسطينية إذا واصلت السلطة الالتزام بخطابها المبالغ في دبلوماسيته في التعاطي مع المحيط العربي، فالذين يستنكفون عن الدفع الآن يعرفون أن رد الفعل الفلسطيني سيكون مؤدبا ومهذبا حد المجاملة وتجنب اللوم أو العتاب ناهيك عن الكشف المحرج.
لعل ظرفنا الحالي يوجب مراجعة أسلوب تعاملنا مع "الأشقاء" الذين يزايدون علينا في خطاباتهم المتلفزة ويديرون لنا ظهورهم في الأزمات. وربما يكون مفيدا تذكير النظام العربي أن الربيع إذا أينع في فلسطين فإنه سيكون ربيعا لكل العرب، وسيجتاح شوارع وميادين وساحات العواصم العربية، ولا نعتقد أن النظام الرسمي العربي يجهل هذه الحقيقة ويجهل آثار الانفجار الفلسطيني في الساحات العربية المتقدة بالغضب الشعبي.
لن نقول شكرا للنظام العربي سواء دفعت الحكومات أم لم تدفع، فنحن الذين ندفع ثمن بقاء هذه الأنظمة ولا يمكن أن يكون ذلك تضحية أبدية بلا مقابل.