"نابلس" تشتعل من جديد .. و"رجال الأمن" فيها نالوا شهادة الرجال الأوفياء- خالد مفلح
على دوار الشهداء وسط مدينة نابلس يعيد للذاكرة ما جرى في نفس المكان في شهر أيلول 2012 بعد قرار الحكومة الفلسطينية رفع أسعار الكثير من السلع الرئيسية والمحروقات، حتى وصل الحد لدى البعض بمحاولة التخريب والعبث بالممتلكات العامة في العديد من المدن وإغلاق شوارع رئيسية في مدن كبرى في حينه.
هذه المرة السبب في المظاهرات كان قرار إتخذته نفس الحكومة بإعفاء المخيمات الفلسطينية في الوطن من ديون الكهرياء، لم تنتصر لهذا القرار سوى نابلس، نابلس التي كانت هذه المرة أكثر قسوة وشدة من ذي قبل على رجال الأمن وحماة الوطن والعين الساهرة على أمنه وأمان أهله ممتلكات، نابلس التي كانت أشبه بساحة حرب، لكن من طرف واحد.
من تابع سير الأحداث يصاب بحالة من الصدمة والخوف في آن واحد، خمسة وخمسين أصابة بين صفوف رجال الأمن من قبل المتظاهرين أمر رهيب، هؤلاء الرجال المدربين على إستخدام بالسلاح والعتاد بجميع أنواعه، والمدربين على مكافحة الشغب حفظ النظام والتدخل لم يردوا على أي من المتظاهرين ولم يصيبوا أيا منهم، لماذا؟.
لأن هذا الضابط، وهذا الجندي، وهذا الشرطي، وهذا القائد من رجالات الأمن لديهم جميعا رسالة نبيلة واضحة وتعليمات من أعلى المستويات في القيادة، أن حافظوا واحفظوا أمن المواطن وحياته، لا تؤذوه اتركوه يعبر عن رأيه بالطريقة التي يريد، أحموه واحفظوا له حقه بالتعبير عن الرأي.
لكن ما جرى أمس ليس حرية رأي ولا حرية تعبير، الإعتداء المباشر على رجال الأمن وإصابة العديد منهم باصابات بالغة وعمليات السرقة والنهب التي تمت الليلة في البلدة القديمة في المدينة يجب أن يتم الوقوف بحزم عندها، ومحاسبة من يقف ورائها.
ثم لنتساءل أين مؤسسات نابلس التي هبت المرة الماضية لتشكل درعا واقيا والوقوف إلى جانب رجال الشرطة والأمن وحماية المؤسسة الأمنية والأملاك العامة والخاصة والشوارع والمباني لماذا لم نرها الليلة، أنا أكن كل الإحترام لكل المؤسسات الرسمية والشعبية والرجال الذين كان لهم دورا وموقف مشرف خلال الأحداث التي استمرت حتى ساعات متأخرة من الليل، أو ربما تجاوز ذلك حتى ساعات الفجر الأولى، يجب أن نقف جميعا وقفة رجل واحد من أجل نابلس وكل المدن الفلسطينية لأن كل مدننا غالية علينا ولم نسمح بتخريبها والعبث بمقدراتها وإنجازات مؤسساتنا وسلطتنا فيها.
أنا ما زلت أقول وسأبقى كذلك التظاهر السلمي مظهر حضاري ويعكس مدى تطور شعبنا وقوة ثقافته بالمطالبة بحقوقه وتحديدا أن من تظاهر أمس لم يعترض له أحدا من الخمسة وخمسين جنديا الذين أصيبوا في انحاء متفرقة من اجسادهم ولم يُستفزوا ولم يُطلقوا النار على المتظاهرين ولم يعتلقوا أيا منهم. تَظاهَروا، تَجمَعوا طالبوا بحقوقكم بالطرق السلمية لأن مسيرة سلمية وتظاهرة صامتة قد تحقق ما لم تحققه عشرات الإطارات وتكسير الإشارات الضوئية، وسرقة ونهب المحلات التجارية والاعتداء على الحرمات.
العدد الأكبر من المحتجين لا يدفعون فواتير ولا يضرهم أو ينفعهم قرار سلام فياض باعفاء المخيمات من الديون، الأحرى بمن يدفع الفواتير وممن تضرر من هذا القرار النزول إلى الشوارع والتظاهر السلمي، أما شبابنا الذين هم بعمر الورد وهم مستقبل هذا الشعب وبناة مؤسساته وحماته هم من يعمل هذا الارباك فهذا بحاجة الى تفسير وتحليل.
أدرك تمام أن بعضا من الذين استمروا حتى ساعات الفجر الأولى لم يعلموا سبب خروجهم للشوارع، ألأ أنهم مضغوطون داخليا ويحاولون التفريغ بمحاولاتهم الخروج إلى الشوارع وإحراق الأطارات وتكسير الزجاج في الشوارع والصراخ بصوت عالي ورشق الشرطة ورجال الأمن بالحجارة.
الاحتجاجات عمت نابلس أمس ... ولكن الفوضى يجب الا ترافق هذه الاحتجاجات... أخوتنا رجال الأمن " شرطة، وأمن وطني.. وجميع الأذرع العسكرية في مؤسستنا الأمنية الأبية لقد نلتم أمس شهادة التفوق والإنضباط والرجولة التي نعرفها عنكم دوما.... وبهذا تستحقون التكريم والوفاء لكم لأنكم من حافظ على الدم الفلسطيني ومنع انتشار الفوضى رغم أنكم انتم كبش الفدا الذي يدفع الثمن عند كل قرار للحكومة، لكن أبدعتم ولكم ولنا الفخر أنكم الرجال الذين يضبطون النفس في الأوقات الصعبة... شكرا لكم رجال الأمن على ضبط النفس والتحلي بالمسؤولية الوطنية التي عهدناها فيكم دوما... وأنتم أيها الشباب وأنتم تفرغون عن أنفسكم بسبب الوضع الاقتصادي المزري كونوا كما أنتم رجال هذا الوطن واحموه ولا تخربوه، لأن الوطن بحاجة لكل واحد فيكم لوضع لبِنَة في مدماك الدولة القادمة