لعنة آل كلنتون والحصار العربي ... وانطلاقة غزة- جهاد حرب
(1) لعنة آل كلنتون والخذلان العربي
شكلت تهديدات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلنتون للرئيس محمود عباس في زيارتها الأخيرة لمدينة رام الله، بإنهاء حياته السياسية اثر اصرار القيادة الفلسطينية على قرارها بالتوجه للجمعية العامة لرفع مكانتها الى دولة مراقبة في هيئة الأمم المتحدة، تحضيرا للحصار المالي والسياسي العربي والأميركي والإسرائيلي .
تعيد هذه التهديدات للأذهان نفس التهديدات التي وجهها الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلنتون للرئيس ياسر عرفات، بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد عام 2000، وتحميله مسؤولية الفشل للجانب الفلسطيني وللرئيس ياسر عرفات شخصيا، وما تبعه من تشويه أميركي للقيادة الفلسطينية وحصارها.
هذا التشابه في التعاطي، ما بين الزوج والزوجة اللذان لعبا دورا هاما في السياسة الخارجية الأميركية، مع الرؤساء الفلسطينيين ربما يأتي لارتباط وثيق ما بين هذه العائلة والسياسات الاسرائيلية أو للحفاظ حياتها السياسية الذي تمثل بفوز السيناتور هيلاري كلنتون في انتخابات ولاية نيويورك بعد ولاية زوجها مباشرة بالدعم الكبير للوبي اليهودي.
لعنة آل كلنتون وتهديداتهم على الرغم من أنها واحدة تتمثل بإنهاء الحياة السياسية لرئيس فلسطين وتترافق مع الحصار العربي المالي للفلسطينيين. لكن السياق الدولي مختلف من "قوة" موقف اسرائيلي على المستوى الدولي في المرة الأولى الى تأييد جارف للموقف الفلسطيني تمثل بقرارات الجمعية للأمم المتحدة في مقدمتها قرار رفع مكانة فلسطين الى دولة مراقبة.
(2) انطلاقة فتح ... انطلاقة غزة
أذهل التدفق الهائل، الذي شاهدناه عبر شاشات التلفزة، للجماهير الفلسطينية نحو ساحة السرايا من كافة أنحاء قطاع غزة للاحتفال بالذكرى الثامنة والأربعين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، بعد خمس سنوات من الحرمان الفتحاويين قبل غيرهم.
هذا الجمع الفتحاوي الكبير، وهنا لن أنساق لتحديد عدد الحضور سواء بعشرات الآلاف أو مئات الآلاف أو بمليونية، يرسل العديد من الرسائل الداخلية منها والخارجية، أولها أن حركة فتح هي التنظيم الأكبر في الساحة الفلسطينية، وفي غزة تحديدا، على الرغم من ما حاق بها من ظلم وملاحقة في سنوات الانقسام.
وثانيها أن كوادر حركة فتح وأعضائها برجالها ونسائها جميعهم موحدين في انطلاقتهم، وان الخلافات الداخلية تتوقف "عندما يجد الجد" مما يتطلب معالجة كافة الخلافات بصدر رحب وتسامي على الجراح.
وثالثها أن التخوفات الأمنية وغيرها التي برزت قبل يوم الاحتفال لم يكن لها أية أسس.
ورابعها أن الوحدة الوطنية ضرورة فلسطينية يمكن العبور اليها من خلال اطلاق الحريات العامة باعتبارها مدخلا هاما لتحقيق المصالحة تسبق الانتخابات والحكومة.
أما على المستوى الخارجي فإن هذا الحشد شكل صفعة قوية للحكومة الاسرائيلية وربيتها للولايات المتحدة رأس الامبريالية العالمية ( كان يقول الرفاق في الجبهة الشعبية "علمنا الحكيم وقال: أمريكا راس الحية") وحصارهما، وهو يقول إن حركة فتح ما زالت قوية وهي التنظيم القادر على حشد هذا الجمع وما زال لديه القوة والمكانة، وأن الرئيس محمود عباس يحظى بدعم كبير من جماهير الشعب الفلسطيني في مواجهة السياسات الاسرائيلية.
كما توجه رسالة الى الدول العربية المشاركة في الحصار وتلك التي أرادت ان تلعب على وتر الخلاقات الفلسطينية الداخلية.
انطلاقة فتح وانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في الذكرى الثامنة والأربعين هي بحق انطلاقة غزة والغزيين. أما آن الأوان لتستثمر حركة فتح هذه اللحمة القاعدية والالتفاف الشعبي للتسامي على الخلافات الداخلية؟ وهل يمكن استثمار انطلاقة غزة لتكريس الوحدة الوطنية على قاعدة الشراكة والتآخي؟ أم أن قاعدة الغالب والمغلوب "النظرية الصفرية حسب علماء السياسية" ما زالت تسود في الحياة السياسية الفلسطينية والعلاقات الداخلية؟.