بُهت الذين كفروا- حافظ البرغوثي
كانت فتح مع الموعد الكبير في غزة وكانت غزة مع وعدها الأصيل لفتح.. فكان حفل الانطلاقة بيعة كبرى من شعبنا في غزة لثورته التي أسسها أبناء غزة بعد النكبة بسنوات وانطلقت في الفاتح من عام 1965. غزة حاضنة الثورة قالت قولتها في جمعة العهد والوفاء للثورة وقادتها الشهداء وكوادرها الذين قضوا على طريق الوطن وفي داخله وما زالوا على العهد باقين. فلم يحدث من قبل أن خرج شعبنا في غزة بنسبة توازي 80 في المائة منه إلى الميادين والشوارع ليهتف ثورته وليؤكد وحدة هذا الشعب وضرورة البقاء صفاً واحداً ونحن نحيي الرصاصة الأولى ونجمع خيوطنا لنعيد نسج كوفيتنا بكرامة وفخر وكبرياء، ونستعد لجولات أخرى في وجه الاحتلال الذي ما عاد السلام ضمن تفكيره، وحكومته اليمينية لا تملك سوى مشاريع الاستيطان والتطهير العرقي.
لقد أكدت غزة أن شعبنا متمسك بثوابته وثورته وبرنامجه للسلام وبقدسه الشريف وأنه يقف في وجه محاولات تصفية القضية أو الحلول المجزوءة والهجمات المحمومة لفرض قيادة بديلة تنفذ أجندات خارجية. فالاحتلال الذي يعد العدة لتدمير منظمة التحرير والسلطة الوطنية رأى بأم عينيه كيف أن السلطة مصدرها الشعب وأن منظمة التحرير هي الكيان السياسي الجامع للفلسطينيين وأن الانقسام خطأ سياسي ارتكبه بعضنا وما زال يتردد في الاعتراف بخطأ سياساته ومنهجه. لأن المياه البعيدة لا تطفئ النار القريبة وأن سر صمودنا حتى الآن أمام التحديات الكبيرة منذ انطلاقة الثورة هو انها انبعثت من ضمير شعبنا ولم تنتظر شفقة الآخرين بل فرضت نفسها وانتزعت الاعتراف الدولي وحافظت على طهارة السلاح الفلسطيني بحيث لم يصوب على فلسطيني.
بيعة غزة هي بيعة لفلسطين وبيعة للمصالحة إن شاءت حماس أن تتخلى عن مباهج الدنيا والأنفاق والنظر خارجاً وتكرس تنظيمها لخدمة القضية وليس لخدمتها فقط. فالشعب قال قولته.. لا للاستسلام ولا للاستيطان ولا لتجاوز السلطة الوطنية ولا للمراهنين على إسقاط المشروع الوطني الفلسطيني ولا للحصار سواء كان إسرائيلياً أو عربياً بأمر أميركي.. ربيعنا له نكهة خاصة فهو الربيع العربي الوحيد بعكس الربيع المحيط المباع سلفاً للاستعمار.ففي ذكرى الانطلاقة بُهت الذين كفروا بالفتح والثورة.